تحقيقات واقعة الاشتباك المصري الإسرائيلي: القاهرة لا ترغب بالتصعيد

01 يونيو 2024
دبابة للاحتلال تتحرك قرب رفح، أول من أمس (مصطفى الخاروف/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التحقيقات المشتركة بين مصر وإسرائيل حول اشتباك قرب معبر رفح أظهرت أن الحادث كان استفزازاً إسرائيلياً، مع وجود دبابة إسرائيلية في محور فيلادلفيا تصدت لها القوات المصرية.
- مصر تؤكد التزامها باتفاقية السلام مع إسرائيل وتطالب بضغوط دولية لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، مع تأجيل زيارة وفد إسرائيلي للقاهرة لمناقشة التهدئة في غزة.
- الوضع الحالي يعكس توتراً بين مصر وإسرائيل ناجماً عن تجاهل إسرائيل للمخاوف الأمنية المصرية، مع تصاعد التصريحات المتبادلة وتأكيد مصر على التزامها بالسلام والاستقرار.

قال مصدر مطلع على الاتصالات التي تجريها القاهرة مع الجانب الإسرائيلي، والخاصة بالوضع في قطاع غزة، إن مسار التحقيقات المشتركة الخاصة بواقعة الاشتباك المصري الإسرائيلي المتمثل بـ"إطلاق النار قرب الشريط الحدودي عند معبر رفح البرّي بين مصر وقطاع غزّة المحتل، والذي أدى إلى مقتل جندي مصري على الأقل، أظهر للجهات المصرية المعنية بالتحقيق أن الأمر كان أقرب إلى عمل استفزازي من جيش الاحتلال الإسرائيلي". وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الاستفزاز الإسرائيلي يأتي "لاختبار رد الفعل المصري إزاء تواجد آليات عسكرية إسرائيلية في أقرب نقطة من السياج الحدودي، والبقاء بها ربما لفترة محدودة في جزء من عملية الاختبار". 

وأشار المصدر إلى أن "دبابة إسرائيلية كانت موجودة في الشريط المعروف بمحور فيلادلفيا في أقرب نقطة للحدود المصرية منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، والاستيلاء على معبر رفح الحدودي، وذلك قبل أن تباغتها العناصر المصرية المكلفة بتأمين المنطقة" حيث وقع الاشتباك المصري الإسرائيلي في نطاقها. وكشف المصدر عن أنه "إلى جانب الجندي المصري الذي قُتل، عبد الله رمضان، كان هناك مصابان آخران في صفوف القوات المصرية، وهما يتلقيان العلاج في الوقت الراهن".

وفي سياق تبعات الحدث، قال مصدر دبلوماسي لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة "قدّمت ردوداً على استفسارات وجهتها عدة أطراف غربية بشأن النيات المصرية تجاه الواقعة، وكذلك ما يرتبط بالمشهد من اتفاقات بين مصر وإسرائيل"، موضحاً أن "الردود المصرية تضمّنت تأكيداً من القاهرة على عدم المساس باتفاقية السلام، وكذلك عدم وجود رغبة في التصعيد، لكن هذه الردود جاءت مقرونة بمطلب مصري بضرورة ممارسة مزيد من الضغوط من تلك الحكومات، لوقف العملية العسكرية لجيش الاحتلال في رفح في أسرع وقت، لكون استمرار التوتر في تلك المنطقة، قد تنجم عنه توترات أمنية تصعب السيطرة على تداعياتها، في ظل حالة الاحتقان في صفوف القوات التي تتابع ما يجري في القطاع".

وفي سياق مواز، قال المصدر المصري إنه "كان مقرّراً زيارة وفد إسرائيلي أمني إلى القاهرة الاثنين الماضي -في الاشتباك المصري الإسرائيلي حينها -، قبل إرجائها إلى الأسبوع الحالي، في ظل عدم ملاءمة الظروف السياسية في أعقاب الواقعة، حيث كان من المقرر أن يناقش الوفد تصوراً جديداً مطروحاً لبدء مفاوضات جديدة بشأن التهدئة في قطاع غزة وتبادل الأسرى" بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.

مصدر مصري: أرجئت مناقشات مصرية إسرائيلية بشأن تصور جديد  لبدء مفاوضات جديدة

وبحسب المصدر فإنه "رغم أن القاهرة لديها قناعة بصعوبة التوصل إلى اتفاق تسوية في القطاع في ظل تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، إلا أنها لن تمانع المشاركة في جهود الوساطة، على أمل حدوث متغير يقلب الموازين في اتجاه التوصل إلى اتفاق".  وأوضح أن "المسؤولين في مصر يرون أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مضطر للعبة توازن، في ظل التركيبة السياسية المعقدة لحكومته ولمجلس الحرب، ما يدفعه للمراوغة طوال الوقت، للهروب من الضغوط". وأضاف أن نتنياهو "يسعى للحفاظ على عدم تفكك حكومته وعدم خروج وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار وبن غفير، وفي الوقت نفسه، لا يرغب في استفزاز الوزير في الحكومة الحرب، بني غانتس، حتى لا ينضم للمعسكر المعارض الذي يعمل في الوقت الحالي لإسقاط الحكومة".

لا تغيّر في رؤية مصر

وبشأن الاشتباك المصري الإسرائيلي على الحدود بين مصر والقطاع، قال أستاذ القانون الدولي العام، وخبير حفظ السلام الدولي السابق في البلقان، أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المعاهدة الدولية بين مصر وإسرائيل عام 2005 والمعروفة باتفاق محور فيلادلفيا، تعتبر منتهية تماماً، نتيجة الخرق أحادي الجانب من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي للمعاهدة، خرقاً جسيماً ظاهراً". وأضاف أنه "صار من المحال أن تقوم مصر، الطرف الثاني في المعاهدة الدولية، بالوفاء بالتزاماتها الواردة في المعاهدة".

من جهته، رأى الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول أيدن، عمار فايد، أنه "لا تغيير جوهرياً حتى الآن في رؤية مصر لدورها في القطاع وفي الملف الفلسطيني عموماً"، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من مصلحة مصر وقف الحرب كي لا تتدهور الأمور إلى مرحلة التهجير أو موجات اللجوء الكبيرة، ومن مصلحة النظام أيضاً استمرار العلاقات الأمنية والاقتصادية مع الاحتلال".

عمار فايد: التوتر الحالي نتيجة تجاهل الاحتلال لمخاوف مصر الأمنية

وأضاف أن "التوتر الحالي ليس نتيجة تغير موقف مصر، ولكنه نتيجة تجاهل الاحتلال لمخاوف مصر الأمنية، بالإضافة إلى أن جزءاً منه هو موقف إعلامي لتهدئة الرأي العام المحلي، وإظهار أن مصر ليست متوافقة مع أهداف إسرائيل".

وتصاعدت خلال الأيام الماضية حدة التصريحات بين مصر وإسرائيل، بعد الاشتباك المصري الإسرائيلي على الحدود، إذ زعم جيش الاحتلال "عثور قواته على 20 نفقاً بالقرب من محور فيلادلفيا، بعضها يعبر إلى داخل الأراضي المصرية". وقال إنه "بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على 82 نفقاً بالقرب من محور فيلادلفيا، كما تم العثور على عشرات الصواريخ بالقرب من الحدود المصرية جاهزة للإطلاق في منصّات الإطلاق والمنشآت المؤقتة، وتم وضع الصواريخ على بعد 10-40 متراً من الحدود المصرية". 

وفي مقابل ذلك، وبينما لم يصدر تصريح رسمي مصري رداً على تلك المزاعم، نقلت وسائل إعلام تابعة للدولة في مصر، عن مصدر رفيع، قوله إن "هناك محاولات إسرائيلية مستمرة لتصدير الأكاذيب حول الأوضاع الميدانية لقواتها في رفح بهدف التعتيم على فشلها عسكرياً وللخروج من أزمتها السياسية". وشدّد المصدر على أنه "لا صحة لما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود أنفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة"، مضيفاً أنه "تعبّر تلك الأكاذيب عن حجم الأزمة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية".