تمضي اللجنة البرلمانية التي تحقق في هجوم أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، على مبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021 والذي كان يهدف لعرقلة المصادقة على فوز جو بايدن بالرئاسة، قدماً في عملها.
وعلى الرغم من محاولة مسؤولين في الإدارة السابقة، ولا سيما أولئك المقربين من ترامب، عدم التعاون مع اللجنة التي أوصت أول من أمس الأربعاء، بإطلاق ملاحقات ضد اثنين من هؤلاء، إلا أنه كان بارزاً أخيراً تعاون ابنة الرئيس السابق، إيفانكا ترامب، مع اللجنة، التي لا يوفّر والدها فرصة لمهاجمتها وكيْل الاتهامات لها.
أجابت إيفانكا عن الأسئلة الموجهة إليها على مدى نحو 8 ساعات
وأدلت إيفانكا بإفادتها وأجابت عن الأسئلة الموجهة إليها من أعضاء اللجنة على مدى نحو 8 ساعات، وذلك بعد أيام من تقديم زوجها جاريد كوشنر، الذي شغل منصب كبير مستشاري ترامب، إفادته كذلك التي وُصفت بـ"القيّمة والمفيدة".
ولشهادة إيفانكا ترامب وكوشنر وتعاونهما مع اللجنة البرلمانية ذات الغالبية الديمقراطية، أهمية خاصة، نظراً لموقعهما في الإدارة السابقة، في وقتٍ يعزز المشرعون الأميركيون جهودهم لجمع أدلة من الحلقة الأقرب للملياردير الجمهوري. وكذلك نظراً لسعي اللجنة إلى الانتهاء من هذه التحقيقات وجمع أكبر قدر من الشهادات التي تدين ترامب في نهاية المطاف؛ إذ تأمل اللجنة نشر خلاصاتها قبل الانتخابات التشريعية النصفية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي قد يستعيد إثرها الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب وبالتالي إنهاء أعمال اللجنة.
وفي أحدث الإجراءات في إطار هذه التحقيقات، أعلن مجلس النواب الأميركي، أول من أمس الأربعاء، تأييده لإطلاق ملاحقات قانونية ضد مقرّبَين من ترامب لرفضهما الإدلاء بشهادتيهما في التحقيق البرلماني حول هجوم الكابيتول.
ملاحقات ضد مقرّبَين من ترامب
وأُحيل كل من دان سكافينو، الذي كان مسؤولاً عن حسابات ترامب على شبكات التواصل الاجتماعي عندما كان رئيساً، وبيتر نافارو، المستشار الاقتصادي للرئيس السابق، إلى النيابة العامة الفيدرالية التي يُفترض أن تقرر ما إذا ستوجّه إليهما تهمة "محاولة عرقلة تحقيقٍ للكونغرس".
ولم يوافق أي من الرجلين على الإدلاء بشهادته أمام اللجنة البرلمانية، بعدما كانت وجهت استدعاءات لهما لهذه الغاية.
ويُشتبه في أن سكافينو كان مع ترامب في 5 يناير 2021 عشية الهجوم، وأنه حضر نقاشاً حول طريقة إقناع أعضاء الكونغرس بعدم إتمام المصادقة على فوز بايدن.
وقال رئيس اللجنة البرلمانية، الديمقراطي بيني طومسون، إن نافارو من جانبه "لم يخفِ دوره في المناورات التي كانت ترمي إلى إبطال نتائج انتخابات 2020، حتى أنه تحدث عن دعم الرئيس السابق لخططه".
وسبق أن أوصت اللجنة بإطلاق ملاحقات ضد المدير السابق لمكتب ترامب، مارك ميدوز، وستيف بانون، الذي شغل منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاستراتيجية قبل أن يقيله ترامب في 2017، لرفضهما الإدلاء بشهادتيهما.
ويعاقب المدان بتهمة ازدراء الكونغرس ورفض التعاون معه، بالسجن لمدة تصل إلى عام، وغرامة قصوى قدرها مائة ألف دولار. وقد قال النائب الجمهوري جيم بانكس، إن مخاطر السجن المحتمل مرتفعة للغاية، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
قدم جاريد كوشنر معلومات "قيّمة ومفيدة" خلال الإدلاء بإفادته
إدلاء إيفانكا ترامب بشهادتها أمام لجنة التحقيق باقتحام الكونغرس
ويأتي هذا الإجراء، بعدما أدلت إيفانكا ترامب، الثلاثاء الماضي، بإفادتها أمام اللجنة النيابية. وكانت اللجنة سعت إلى إقناع إيفانكا، سيدة الأعمال البالغة 40 عاماً والمستشارة السابقة لوالدها، بالمثول طوعاً أمامها بعدما أبلغتها بوجود أدلة تفيد بأنها سعت لإقناع والدها بضرورة نبذ عنف مناصريه الذين اقتحموا الكونغرس.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد أجرى محامو إيفانكا ترامب محادثات مع اللجنة منذ أن أرسلت الأخيرة، في يناير الماضي، رسالة لابنة الرئيس السابق تطلب فيها شهادة طوعية.
في الرسالة المؤرخة في 20 يناير، قالت اللجنة إنها استمعت إلى شهادة كيث كيلوج، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس مايك بنس، التي كشف فيها رفض الرئيس السابق إدانة العنف بعدما اجتاح أنصار له مبنى الكابيتول، على الرغم من أن مسؤولي البيت الأبيض، بمن فيهم إيفانكا، حثوه على القيام بذلك.
وروى كيلوج أيضاً أنه كان حاضراً بجانب إيفانكا، خلال مكالمة هاتفية أجراها ترامب في المكتب البيضاوي صباح السادس من يناير، حاول خلالها الرئيس الضغط على نائبه بنس، للموافقة على خطة لعدم التصديق على نتائج الانتخابات خلال جلسة الكونغرس.
ولم تدلِ اللجنة على الفور بأي تعليق حول مثول إيفانكا ترامب أمامها، لكن رئيس اللجنة، النائب الديمقراطي بيني طومسون، قال في تصريح لشبكة "سي أن أن"، إن إيفانكا كانت "تردّ على الأسئلة، لكن من دون إسهاب". وأضاف طومسون: "جاءت بملء إرادتها. من الواضح أن لهذا الأمر قيمة كبيرة. لم نضطر إلى إصدار مذكرة استدعاء".
وقبل أسبوع، أدلى جاريد كوشنر، زوج إيفانكا ترامب، بإفادته أمام لجنة التحقيق، وهو كان أقرب مستشاري الرئيس السابق وأول فرد من عائلته يدلي بإفادته أمام اللجنة. وتحدّث كوشنر عبر الفيديو، بعدما وافق طوعاً على الردّ على أسئلة اللجنة من دون تلقي أمر بالاستدعاء.
وقدم كوشنر، ما وصفها طومسون بأنها معلومات "قيّمة ومفيدة"، موضحاً أنه "تم الكشف عن بعض المعلومات، لكننا سنشاركها لاحقاً"، بحسب "نيويورك تايمز". وتجري اللجنة مساءلاتها للشهود في الفترة الحالية خلال جلسات مغلقة غير علنية.
حاولت إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر أن يبرزا نفسيهما بأنهما كانا من الأشخاص العقلاء
في السياق، وصف الصحافي في شبكة "أن بي سي نيوز"، ريان رايلي، كيف كانت إيفانكا ترامب تحاول التوفيق بين رغبتها في تصوير نفسها بأنها كانت تملك تأثيراً إيجابياً على والدها، وبين عدم توريطه في مخالفات جنائية.
وقال رايلي: "حاولت إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر أن يبرزا نفسيهما بأنهما كانا من الأشخاص العقلاء، وظلا يقولان إنهما كانا يحاولان دفع ترامب في الاتجاه الصحيح".
ورأى رايلي أن إيفانكا "كان عليها الالتفات إلى حماية أعمالها التجارية وكان يجب أن تكون واضحة". كما تحدث الصحافي عما وصفه بـ"صراع آخر تواجهه إيفانكا ترامب، وهو ربما أنها لا تصدق ادعاء والدها بأن الانتخابات قد سُرقت منه".
وتابع: "من الصعب أن نتخيل أن إيفانكا تصدّق فعلاً هذه المزاعم". وفي هذه الحالة "تصبح شهادة إيفانكا بالغة الأهمية، لأن ذلك يقود إلى سؤال حول ما إذا كان ترامب نفسه يصدّق حقاً كذبة أن الانتخابات سُرقت منه. فهذا سيشكل عنصراً حاسماً في التحقيقات الأوسع وتحديد المسؤولية الجنائية لما حدث في 6 يناير في نهاية المطاف"، وفق رايلي.