لا تزال مناطق الشمال السوري تعيش أجواء توتر وترقب مع توالي المعطيات حول تحضيرات تركية لشن عملية عسكرية جديدة، تستهدف بعض المناطق الخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن القوات التركية قصفت صباح اليوم، بشكل مكثف، قرية الطويلة ومحيطها بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، فيما نفى المكتب الإعلامي لـ"قسد" أن تكون قواتهم استهدفت القاعدة التركية في منطقة مارع بريف حلب، مساء أمس. ونشر المكتب توضيحا قال فيه إن التصريحات المنسوبة إليه بخصوص استهداف القاعدة التركية غير صحيحة، وأن قواتهم لم تنفذ أي عملية في تلك المنطقة خلال الفترة الماضية.
في الأثناء، يواصل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا إرسال تعزيزات من مقاتلين وآليات عسكرية إلى محاور مناطق عين العرب (كوباني) ومدينة منبج شمالي حلب، فيما أفاد مصدر مسؤول في "الجيش الوطني" بأن اجتماعا تنسيقيا عقد أمس في تركيا بين قادة فيالق الجيش ومسؤولين عسكريين أتراك، لبحث التحضيرات للعملية العسكرية في الشمال السوري.
وأوضح المصدر في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، شريطة عدم كشف هويته، أن اجتماعا تنسيقيا آخر سيعقد اليوم السبت في منطقة حور كلس داخل الأراضي السورية المقابلة لمدينة كلس التركية، والتي تضم العديد من مقار "الجيش الوطني".
وتوقع المصدر أن تشمل العملية المرتقبة كلاً من مدن عين العرب وتل رفعت ومنبج وعين عيسى، مرجحاً أن تبدأ خلال أيام قليلة. وأضاف أن الهجوم على منبج سيكون من جهة مدينة الباب، وعلى تل رفعت من جهة مدينة أعزاز.
وحول خصوصية عين العرب، قال المصدر إن الأتراك ربما يريدون مهاجمتها بالذات لأنها بنظرهم تشكل مصدر تهديد كبير لقواتهم، وتعتبر الخزان البشري الأهم لمقاتلي "قسد"، فضلا عن أن موقعها الجغرافي يمنع التواصل بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش التركي و"الجيش الوطني" في الشمال السوري.
ولفت المصدر المطلع إلى أن "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على معظم محافظة إدلب، قد تشارك في المرحلة الثانية من العملية المرتقبة، وسيكون دورها ضد قوات النظام السوري على جبهات ريف حلب الغربي، بغية انتزاع مناطق سيطرت عليها قوات النظام السوري في وقت سابق، ولم تكن ضمن اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا.
وكانت معلومات ذكرت أن "قسد" نشرت المزيد من عناصرها على حواجزها المنتشرة على طول الطريق الدولي "إم4"، وفي محيط تل تمر وعين عيسى حيث خطوط التماس مع "الجيش الوطني السوري" والقوات التركية، إضافة إلى تعزيز مواقعها على خطوط التماس مع فصائل "الجيش الوطني" في محيط مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، مع نشر منصات إطلاق قذائف مدفعية وهاون قريبة ومتوسطة المدى.
وذكرت شبكة "نداء الفرات" المحلية أن التعزيزات جرى استقدامها من معسكرات التجنيد الإجباري التي تقيمها "قسد" في محافظتي الحسكة والرقة، حيث شنت "قسد" قبل فترة وجيزة حملات تجنيد إجباري في كلا المحافظتين، اعتقلت خلالها أعداداً كبيرة من الشباب.
وميدانيا أيضا، انفجرت صباح اليوم دراجة نارية مفخخة أمام مقر لقوات الكوماندوس التابعة للجيش التركي على طريق جنديرس في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة القوات التركية و"الجيش الوطني"، من دون أن يتضح حجم الأضرار أو الخسائر الناجمة عن الانفجار، وفق مصادر كردية.
نشاط للقوات الروسية
في غضون ذلك، شهد يوم أمس الجمعة نشاطا ملحوظا للقوات الروسية شمال شرقي سورية، تضمن إرسال تعزيزات للآليات والجنود وتسيير دوريات.
وذكر إعلام النظام السوري في الحسكة أن القوات الروسية أرسلت تعزيزات عسكرية إلى مطار القامشلي، الذي يعد قاعدة عسكرية مهمة لروسيا في شمال شرق سورية، مشيرا الى أن التعزيزات شملت سربا من الطائرات الحربية والمروحية يرافقها جنود.
كما سيرت القوات الروسية، أمس الجمعة، دورية مشتركة مع قوات النظام السوري و"قسد" على طول الشريط الحدودي بين مدينتي عامودا والدرباسية شمالي الحسكة، وهي الدورية المشتركة الأولى بين الأطراف الثلاثة، فيما حلقت مروحيات روسية من القامشلي إلى المنطقة غربي الدرباسية على الشريط الحدودي.
استهداف قيادي في "قسد"
إلى ذلك، تبنى تنظيم داعش الإرهابي، أمس الجمعة، استهداف قيادي من "قسد" في ريف دير الزور الغربي. ونشرت وكالة "أعماق" المقربة من التنظيم بيانا يتحدث عن العملية التي لم يذكر فيها اسم القيادي، وقالت إن عناصر التنظيم استهدفوا سيارته قرب منزله باستخدام الأسلحة الرشاشة.
وذكرت مصادر في المنطقة لـ"العربي الجديد" أن مسلحين مجهولي الهوية يستقلون دراجة نارية استهدفوا قياديا في قوى الأمن الداخلي "الأسايش" بالرصاص، قرب مخفر جزرة الميلاج بريف دير الزور الغربي. ونقل المراسل عن مصدر عسكري من "قسد" قوله إن مسلحين مجهولين استهدفوا سيارة عسكرية للقيادي لورنس العواد بالقرب من المخفر القديم في البلدة، ما تسبب في تعرضه لإصابة بالغة نقل على أثرها إلى مشفى حقل العمر، وهو بحالة صحية حرجة.
من جهة أخرى، اعتقلت "قسد"، أمس الجمعة، أحد أبرز تجار المخدرات في محافظة دير الزور. وذكر مراسل "العربي الجديد" أن قوات خاصة من "قسد" داهمت مكانا في قرية معيزيلة بريف دير الزور الشمالي، كان يوجد فيه المدعو هويش الشبلي، أحد أكبر تجار المخدرات في المنطقة، وهو ينحدر من منطقة الصالحية بريف دير الزور، وله علاقات وثيقة مع ضباط قوات النظام والمليشيات الإيرانية، ودأب على تهريب المخدرات عبر المعابر النهرية في المنطقة.
وفي جنوب البلاد، ذكر "تجمع أحرار حوران" أن المدعو أحمد مأمون أبو جيش قتل وأصيب شخص آخر إثر استهدافهما، الليلة الماضية، بالرصاص من قبل مجهولين في مدينة داعل بريف درعا الأوسط. وأشار الموقع إلى أن أبو جيش متهم بالعمل في تجارة المخدرات في ريف درعا الأوسط.
من جهة أخرى، ذكرت صفحة قناة "سما" الموالية للنظام على "فيسبوك" أنه عثر على جثة مجهولة الهوية ملقاة ضمن الأراضي الزراعية غرب مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، وبعد نقلها إلى مشفى الصنمين العسكري، تبين أنها جثة محمد فايز منصور الشريف من مدينة الصنمين، وهو عنصر في قوات النظام السوري اختُطف منذ حوالي الشهر أثناء خروجه من منزله للالتحاق بقطعته وانقطع التواصل معه منذ ذلك الوقت.
وكان قُتل، يوم أمس الجمعة، ضابط برتبة ملازم في قوات النظام السوري وجُرح آخر إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة كانت تقل مقاتلين في قوات النظام، غربي محافظة درعا.
جرحى بانفجار دراجة مفخخة في عفرين بحلب
جُرح ثلاثة أشخاص بينهم طفل، اليوم السبت، بانفجار دراجة نارية مفخخة وسط مدينة عفرين شمالي حلب، في حين تواصلت عمليات الاغتيال في محافظة درعا جنوبي البلاد مخلفة أعدادا إضافية من الضحايا.
وقالت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في بيان، إن ثلاثة أشخاص بينهم طفل أُصيبوا بجروح جراء انفجار دراجة نارية مفخخة وسط مدينة عفرين. وأفادت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن دراجة نارية مفخخة رُكنت عند مدخل شارع جنديرس في مدينة عفرين، وتسبب الانفجار بحريق ضخم كما أدى لوقوع أضرار مادية في المطعم المجاور لمكان الانفجار.
وتشهد مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري في أرياف حلب والرقة والحسكة العديد من التفجيرات وعمليات الاغتيال بين فترة وأخرى دون أن تتبنى أي جهة مسؤوليتها.
في سياق منفصل، شهدت محافظة درعا جنوبي البلاد عمليات اغتيال جديدة أودت بحياة ثلاثة أشخاص خلال الساعات الماضية.
وقال الناشط الإعلامي في درعا أبو محمد الحوراني لـ"العربي الجديد" إن مسلحين مجهولين اغتالوا شابا متهما بتجارة المخدرات في مدينة داعل بريف درعا عبر إطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر. كما عثر أهالٍ في مدينة الصنمين على جثة شاب وعليه آثار إطلاق نار عقب فقدانه منذ شهرين أثناء توجهه إلى مكان خدمته العسكرية في محافظة حمص.
وقُتل ضابط بقوات النظام السوري وأصيب آخرون جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارة عسكرية على طريق "الشيخ سعد – نوى" غربي درعا.
من جانب آخر، سيرت الشرطة العسكرية الروسية اليوم السبت دورية مؤلفة من 8 سيارات وعربات مدرعة، في قرى وبلدات حوض اليرموك عند الحدود السورية – الأردنية بريف درعا الغربي.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، انطلقت الدوريات الروسية برفقة رئيس فرع "الأمن العسكري" التابع للنظام وتجولت على طول المنطقة الحدودية في منطقة حوض اليرموك، وجالت في بلدات كويا ومعريا والقصير المحاذية للحدود مع الأردن بريف درعا.
ويأتي تسيير الدوريات الروسية بعد تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني التي تحدثت عن تصعيد محتمل على الحدود مع سورية، مشيرا إلى أن الفراغ الذي ستتركه روسيا في سورية ستملؤه إيران ووكلاؤها.
وفي شمال غربي البلاد، اندلعت حرائق في محاصيل زراعية اليوم السبت قرب قرية صراريف بسهل الغاب شمال غربي حماة، بحسب ما ذكر فريق الدفاع المدني السوري.