تحرّك عراقي لملاحقة جرائم قوات الاحتلال الأميركي دولياً: نحو طلب اعتذار وتعويضات

26 سبتمبر 2020
التحرك الأكثر جدية حتى الآن (فرانس برس)
+ الخط -

في تحرك بدا أنه الأكثر جدية حتى الآن، يعكف نواب في البرلمان العراقي، وفريق حقوقي متخصص على توثيق سلسلة من عمليات القتل الجماعي التي نفذتها القوات الأميركية خلال احتلالها العراق 2003 ولغاية 2011، وذلك كخطوة أولى قبل الاتجاه إلى تدويل تلك الجرائم بالمحاكم الدولية والمطالبة باعتذار أميركي ودفع تعويضات لذوي الضحايا.

وبحسب مصادر في البرلمان العراقي، فإن نوابا عن كتل "الفتح"، و"دولة القانون"، و"سائرون"، يتحركون منذ أيام في هذا الاتجاه مع فريق حقوقي ومكتب بحوث خاص في بغداد لجمع وتوثيق الجرائم التي نفذت في العراق من قبل القوات الأميركية، والتي تصنف على أنها جرائم قتل جماعي، على غرار جرائم قصف الفلوجة بالأسلحة المحرمة ومجزرة تلعفر وقصف مدرسة في أبو غريب.

يضاف إلى ذلك، جريمة القتل الجماعي للمواطنين بمنازلهم في مدينة حديثة، وقصف حفل الزفاف في مكر الذيب، وإعدام طلاب جامعيين على طريق عام قرب تكريت وغيرها، أو تلك التي تمت بواسطة القصف الجوي أو انتهاكات لجنود أميركيين مثل جريمة الاعتداء على قاصر وقتلها حرقا مع والديها وشقيقتها جنوبي بغداد، أو التعذيب في سجن أبو غريب.

وقال نائب في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، إنهم يحاولون إنجاز سجل متكامل لجرائم الجيش الأميركي في العراق، وحاليا المنطلق من أكثر الجرائم وحشية والتي لم يحاسب فيها مرتكبوها وتركت واشنطن مسألة تعويضهم على عاتق الحكومة العراقية.

ولفت النائب إلى أن الهدف من هذا الحراك هو التهيئة للتوجه نحو تدويل تلك الجرائم، وانتزاع اعتذار أميركي رسمي، ودفع تعويضات لذوي الضحايا.

وحول ما إذا كان الحراك كأحد وسائل التعبير عن رفض الوجود الأميركي في العراق من قبل قوى حليفة لطهران أوضح بالقول إنهم سيواصلون الحراك "حتى لو انسحب الأميركيون من العراق بالكامل".

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، كان قد كشف أمس الأول الخميس، عن طرح تعديل جديد على قانون المحكمة الجنائية العراقية، بغية التمكن من أن يشمل القانون جرائم أوسع لا تقتصر على الجماعات الإرهابية فقط، بل على الدول والمنظمات التي ارتكبت جرائم بحق العراقيين.

وبين الموسوي في إيجاز صحافي له نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، أن البرلمان أتم القراءة الأولى على مسودة تعديل قانون المحكمة الجنائية لسنة 2005، "الذي سيمكن في حال التصويت عليه إدانة جميع الدول والمنظمات التي ارتكبت أبشع الجرائم بحق شعبنا".

وأضاف أن الولايات المتحدة نفسها شرعت قوانين تسمح لضحايا 11 سبتمبر رفع قضايا في المحكمة الفيدرالية ضد حكومات أجنبية وعربية والمطالبة بالتعويض، والقانون لو تم تمريره ستكون له عواقب هائلة على الولايات المتحدة الأميركية ودول المنطقة والسعودية وغيرها من الدول الأخرى التي "ساهمت بدخول الإرهاب الى العراق"، على حد تعبيره.

وأشار الموسوي إلى أن الهدف من تعديل قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا هو "إدانة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم القتل التي ارتكبتها المنظمات الإرهابية منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا وعلى رأسها أميركا".

نحو التدويل

بدوره، أكد عضو البرلمان العراقي، علي البدري، بأن هناك سعياً من قبل أعضاء في البرلمان إلى تعديل قوانين حالية منها قانون الأخطاء العسكرية بغية التمكن من مقاضاة الذين ارتكبوا جرائم بحق العراقيين منهم القوات الأميركية، "ونأمل أن تذهب هذه الجرائم إلى ما هو أبعد من العراق عبر الترافع بها دوليا أمام المحاكم المعتمدة لمقاضاة مرتكبيها، بحسب اتصال هاتفي مع "العربي الجديد".

ورغم الحديث عن وجود فقرة ضمن اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، التي وقعت في زمن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عام 2008، تمنح الجنود الأميركيين حصانة تحول دون محاكمتهم مستقبلا عن أي جرائم، فإن باحثين وحقوقيين يؤكدون أن الفقرة حتى وإن وجدت تتعلق بما يثبت أنه أخطاء غير متعمدة وذات طابع فردي، وليس على مستوى جرائم قتل جماعي نفذت مع سبق الإصرار من قبل الجنود الأميركيين.

ويقول الخبير القانوني، جمال الشيخلي إن الملف الحقوقي المتعلق بالقوات الأميركية وما فعلته في البلاد يبقى دوما سياسياً بسبب القادة العراقيين، مبيناً أن هناك غموضاً في مسألة منح الحصانة، فقد تكرر ذلك عام 2008، وفي عام 2014 بعد تشكيل التحالف الدولي وعودة القوات الأميركية كرر السفير الأميركي في العراق آنذاك، ستيوارت جونز أن الولايات المتحدة توصلت لاتفاق مع الحكومة العراقية بشأن إعطاء القوات الأميركية الحصانة من الملاحقة القضائية.

واعتبر الشيخلي، أن المحاكمة الدولية "ستكون سهلة وأدوات الإدانة متوفرة، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة أبقت الملف الحقوقي والإنساني لصيقا بالسياسي في تعاملها مع الأميركيين، ولو تم عزل الملف لحصل العراق على تعويضات ورد اعتبار لذوي الضحايا في كثير من المجازر".

الشيخلي: المحاكمة الدولية "ستكون سهلة وأدوات الإدانة متوفرة، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة أبقت الملف الحقوقي والإنساني لصيقا بالسياسي"

 

ولفت إلى أن العراق يمكنه الانضمام إلى اتفاقية روما لعام 1998، المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم مجرمي الحرب، ليطالب بمحاكمة من يتهمهم بتنفيذ جرائم بحق المدنيين، سواء كانوا رؤساء أو قادة أو جنودا"، معتبرا أن الجهد "بحاجة إلى دعم وتدخل حكومي من السلطة التنفيذية، وليس البرلمان فقط".

دلالات