حذرت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، من تحوّل النزاع في السودان بين قوات "الدعم السريع" والجيش إلى حرب أهلية.
وجاء ذلك على لسان مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، مارثا أما أكيا بوبي، خلال جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، لمناقشة تطورات الوضع في السودان، بدعوة من المملكة المتحدة.
وأكدت المسؤولة الأممية أنه على الرغم من مرور أكثر من مائة يوم على بدء النزاع، واتساع رقعته، إلا أن أياً من طرفي النزاع لم يتمكن من تحقيق انتصار أو مكاسب أساسية على الأرض. وأكدت أن أغلب الاقتتال يدور في محافظة الخرطوم، بالإضافة لمناطق أخرى كدارفور. وتوقفت كذلك عند الاقتتال داخل أحياء سكنية مختلفة، ومطالبة كل من الجيش وقوات "الدعم السريع"، المدنيين بمغادرة بعض المناطق، وإعلانها "مناطق عمليات". وتحدثت عن معاناة المدنيين إثر الاقتتال الدائر.
وتوقفت عند الأحداث في دارفور، محذرة من أن النزاع المشتعل يذكر بالتوترات الإثنية التي شهدها الإقليم بالماضي، ومعبّرة عن مخاوف الكثيرين من عودتها.
وتحدثت عن استهداف المدنيين بشكل عشوائي في الخرطوم، ودارفور، وشمال كردفان على وجه التحديد. وأشارت إلى ارتكاب الجرائم على نطاق واسع، بما فيها الاعتداءات الجنسية، وقتل وتجنيد الأطفال، واستهداف العاملين في المجال الإنساني.
ورحبت بوبي بالجهود المبذولة للتوصل لاتفاق ووقف الاقتتال، على المستوى الإقليمي، والعربي، والدولي، مشددة على ضرورة أن يتم توحيد تلك الجهود. ولفتت الانتباه إلى أن المدنيين في السودان يريدون إنهاء الحرب، محذرة في الوقت ذاته من الضغوطات التي تمارس على قادة القبائل والقادة المحليين كي يصطفوا مع أحد الطرفين، ومن أن ذلك قد يؤدي إلى اتساع بقعة الصراع، ويهدّد بتحويل النزاع إلى حرب أهلية.
ومن جهتها، حذرت مديرة شعبة العمليات بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إديم وسورنو، من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في الوقت الذي لا يقدم فيه المجتمع الدولي الدعم المادي الكافي لصندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية. وأشارت إلى نزوح 1.4 مليون سوداني في الأسابيع الستة الأخيرة لوحدها.
وأشارت إلى فرار وتشريد أكثر من أربعة ملايين شخص منذ بدء النزاع قبل قرابة الأربعة أشهر، 3.2 ملايين داخل السودان وقرابة 900 ألف لدول الجوار. كما تحدثت عن وجود 20 مليون شخص، أي أكثر من أربعين بالمائة من السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، بمن فيهم 14 مليون طفل.
ومن جهتها، ناشدت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أطراف النزاع وقف الاقتتال، معربة عن قلق بلادها من تقارير مفادها أن "قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، ارتكبت جرائم وانتهاكات أخرى في غرب دارفور، بما فيها القتل على الهوية الإثنية، وتفشي العنف الجنسي، وحرق ونهب المنازل والقرى".
وعبّرت عن إدانة بلادها "بأشد العبارات لهذه الفظائع". وقالت إن تلك الجرائم تذكر بأحداث دارفور والإبادة الجماعية هناك عام 2004.
وناشدت السفيرة الأميركية جميع أطراف النزاع "بإنهاء الصراع الوحشي"، ودعتهم إلى "إلقاء أسلحتهم على الفور"، مشددة على ضرورة منع أي تدخل خارجي.
وحول عدم مشاركة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، فولكر بيرتس، في الاجتماع، قالت: "نشعر بالامتنان لمشاركة الأمين العام المساعد (مارثا أما أكيا بوبي)، لكن توقعنا أن يقدم الممثل الخاص للأمين العام، فولكر بيرتس، الإحاطة أمام المجلس. وبحسب ما فهمنا، فإن الحكومة السودانية حذرت من أنها ستنهي مهمة الأمم المتحدة في السودان إذا شارك الممثل الخاص للأمين العام في هذه الإحاطة، وهذا غير مقبول".
ونفى مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث محمد، ما ورد على لسان السفيرة الأميركية، مؤكداً أن بلاده لم تهدّد بمقاطعة الجلسة إن قدّم بيرتس إحاطته، كما لم تهدّد بتجميد مهام البعثة، على الرغم من اعتراضها على تقديمه الإحاطة.
كما اعترض على ما سماه "وصف الحرب بأنها بين طرفين"، معتبراً أن ذلك لا يعبّر عن قراءة للواقع الذي يدور في السودان، متحدثاً عن قوة إقليمية "دعمت العدوان"، من دون أن يسمّيها.
واتهم المندوب السوداني، قوات "الدعم السريع" بارتكاب الجرائم، مدافعاً عن الجيش، مدعياً أنه "يقوم بحماية البلاد والتدخل".
وكانت الحكومة السودانية المدعومة من الجيش قد أعلنت قبل أكثر من شهرين، أن ممثل الأمين العام "شخص غير مرغوب به بالسودان" بسبب تصريحات إعلامية له، ينتقد فيها الحكومة السودانية، والجيش، ودورهما، في الحرب الدائرة.
ومن جهتها، وبعد الخروج من الجلسة، وفي تصريحات مقتضبة للصحافيين، أكدت غرينفيلد مجدداً، أن "اسم بيرتس كان مدرجاً كمقدّم لإحاطة حتى يوم أمس، على جدول أعمال المجلس، ولكن هذا الصباح سُحب اسمه. وبحسب ما فهمنا، فإن ذلك حدث بسبب تهديد الحكومة السودانية بسحب "يونيتامس" (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان) من السودان إذا قدم إحاطة للمجلس. وقد تحدثت إليه مباشرة حول ذلك وأخبرني أن هذه هي التعليمات."