تحذيرات أميركية من تطور الصراع في السودان إلى حرب إقليمية

07 يونيو 2024
دخان يتصاعد في العاصمة السودانية، الخرطوم 7 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المبعوث الأميركي للسودان يحذر من تحول الحرب إلى صراع إقليمي، مشددًا على ضرورة التوصل لاتفاق سلام وحكومة مدنية لتجنب مصير مشابه للصومال.
- تقارير عن فظائع قوات الدعم السريع في دارفور، مع ضغوط أميركية لإنهاء الدعم الإماراتي لها ومشروع قانون يحظر مبيعات الأسلحة الأميركية إلى الإمارات.
- الصراع يتحول إلى بالوكالة مع دعم إقليمي ودولي متنافس، والولايات المتحدة تفرض عقوبات لوقف تمويل الحرب، في ظل تقديرات بمقتل 150 ألف ونزوح 9 ملايين.

حذر المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، من أن الحرب في السودان يمكن أن تتحول إلى صراع إقليمي شامل في غياب اتفاق سلام دائم ومسار انتقال سياسي نحو حكومة يقودها مدنيون، مضيفاً في تصريح لمجلة فورين بوليسي الأميركية أنه يخشى من مصير للسودان مشابه لما حدث في الصومال ومحذراً من أن الحرب قد تتحول من "حرب ذات جانبين إلى حرب سبعة أو ثمانية جوانب مع انخراط الدول المجاورة فيها"، حيث يخشى المراقبون من امتداد الصراع إلى البلدان المجاورة التي تشكو أساساً من عدم استقرار مزمن مثل جنوب السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وتزداد المخاوف من الانزلاق السريع نحو تطور الحرب مع تشديد قوات الدعم السريع الخناق حول مدينة الفاشر، في إقليم دارفور بغرب السودان، التي أصبحت تقريباً محاطة بمقاتلي قوات الدعم السريع، وتخشى جماعات الإغاثة بحسب تقرير فورين بوليسي من أن ترتكب قوات الدعم السريع فظائع واسعة النطاق بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والتعذيب والإعدام ومجازر إذا سيطرت على المدينة كما فعلت في مدن أخرى سيطرت عليها. وكانت الخارجية الأميركية قالت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن طرفي الصراع ارتكبا جرائم حرب وإن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت تطهيراً عرقياً. وتنقل فورين بوليسي عن ثلاثة موظفين في الكونغرس قولهم إن مشرعين في مجلس النواب الأميركي يقومون على إعداد قرار يعترف بوقوع إبادة جماعية في السودان، في محاولة لجذب المزيد من الاهتمام للصراع والضغط على إدارة بايدن لتكثيف الجهود الدبلوماسية بشأن النزاع.

وقدمت النائبة الأميركية، سارة جاكوبس، ديمقراطية تقدمية وعضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب المعنية بأفريقيا، مشروع قانون في مايو/أيار الماضي يحظر مبيعات الأسلحة الأميركية إلى الإمارات العربية المتحدة حتى تؤكد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن الإمارات لم تعد تقدم الدعم لقوات الدعم السريع. وقالت جاكوبس في منشور على منصة إكس تعليقاً على تقرير فورين بوليسي "من أسرع الطرق لإنهاء الحرب في السودان وإنهاء المعاناة هو إقناع الإمارات بالتوقف عن دعم قوات الدعم السريع. تحتاج الولايات المتحدة إلى استخدام كل نفوذها لإنجاز ذلك، ولهذا السبب أقود مشروع قانون لحظر مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات العربية المتحدة حتى تتوقف عن تأجيج هذه الحرب".

وتشير فورين بوليسي إلى تحول الصراع في السودان إلى صراع بالوكالة حيث تتنافس القوى الإقليمية المختلفة على النفوذ الجيوسياسي في السودان، وتدعم مصر والسعودية القوات المسلحة السودانية التي يسعى قائدها البرهان أيضاً إلى تعزيز العلاقات مع روسيا وإيران لدعمه عسكرياً. وتقول المجلة الأميركية إن الإمارات العربية المتحدة متهمة على نطاق واسع بنقل الأسلحة والموارد إلى قوات الدعم السريع، كما فعلت من قبل مجموعة فاغنر الروسية، ونفى المسؤولون الإماراتيون مراراً وتكراراً علناً تزويد قوات الدعم السريع بأي أسلحة، ومع ذلك أدان مشرعون أميركيون توريد الإمارات السري للذخائر ودعم قوات الدعم السريع مع تزايد الأدلة على الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع في جميع أنحاء السودان.

السودان بين روسيا وأميركا

وفرضت إدارة بايدن عقوبات على مجموعة من الشركات والقادة السودانيين على جانبي الصراع في محاولة لوقف تدفق الأموال التي تمول الحرب، لكن واشنطن لم تفرض بعد عقوبات على حميدتي نفسه أو تنتقد الإمارات علناً لدعمها لقوات الدعم السريع، بحسب فورين بوليسي التي أشارت إلى أن مبعوثة بايدن إلى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أشارت علناً إلى دور الإمارات بلغة صيغت بعناية.

وانتقد بعض الخبراء العقوبات الأميركية على السودان لأنها متفرقة ومجزأة للغاية بحيث لا يمكن أن تؤثر وتدفع الجانبين إلى التفاوض. وأكد بيرييلو أن الولايات المتحدة "قادت الطريق" في ما يتعلق بالعقوبات على السودان، وأن التهديد بفرض عقوبات وحده ساعد في الضغط على حميدتي، على الأقل حتى الآن، لتأجيل شن هجوم واسع النطاق على الفاشر، وقال "ما أوضحناه هو أن أي تحرك بشأن الفاشر سيؤدي بالفعل إلى فرض عقوبات فورية. وأعتقد أن هناك من يعتقد أن هذا كان سبباً مهماً لعدم رؤيتنا لهجوم كامل حتى الآن".

كما تشير المجلة الأميركية إلى المنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا على النفوذ في أفريقيا، وقالت الحكومة التي يديرها الجيش السوداني، في بيان صدر مؤخراً، إن نائب البرهان، مالك عقار، سيسافر برفقة كبار المسؤولين السودانيين إلى روسيا هذا الأسبوع للقاء الرئيس فلاديمير بوتين. ويأتي الاجتماع في الوقت الذي تتطلع فيه روسيا إلى فتح محطة وقود عسكرية على البحر الأحمر على طول الساحل الذي تسيطر عليه القوات المسلحة السودانية لتوسيع نفوذها على الممر المائي ذي الأهمية الاستراتيجية.

وتنقل فورين بوليسي عن كاميرون هدسون، الخبير في سياسة الولايات المتحدة في أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قوله "نحن نتحدث عن شيء أكبر بعشرة أضعاف من حجم الأزمة الليبية" محذراً من "أن السيطرة على التدفق غير القانوني للمخدرات والأسلحة والمهاجرين والمقاتلين عبر المناطق غير المستقرة في أفريقيا سيصبح أصعب كثيراً إذا انهار السودان". وعمل بيرييلو على إحياء محادثات السلام في جدة بالمملكة العربية السعودية، لكنه لم ينجح حتى الآن، وقال لفورين بوليسي "نحن منخرطون بنشاط مع جميع الأطراف في محاولة إنهاء هذه الحرب كل يوم".

وكانت الإدارة الأميركية كلفت بيرييلو، عضو سابق في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي، بقيادة الجهود الأميركية لمعالجة الصراع في السودان الذي اندلع في إبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان ومجموعة قوات التدخل السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ما أدى بالبلاد إلى الوصول إلى حافة الانهيار والمجاعة، وقُتل ما يصل إلى 150 ألف شخص ونزح ما يقرب من 9 ملايين شخص بحسب بعض التقديرات. كما يحتاج ما يقرب من نصف سكان السودان، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، إلى مساعدات إنسانية وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.