تحديات غير مسبوقة تواجه أبرز القوى المدنية في العراق

22 مايو 2022
القوى المدنية انبثقت بعد تظاهرات أكتوبر 2019 (حسين فالح/ فرانس برس)
+ الخط -

تواجه حركة "امتداد"، أبرز الأحزاب المدنية الناشئة في العراق، تحديات ومشكلات متتالية منذ أشهر، يقف خلف أغلبها اختلاف في الرؤى بين أعضاء الحركة بشأن موقفها من الأزمة السياسية الحالية، إضافة إلى عدم مناقشة قيادة الحركة أعضاءها حول القرارات التي تعلن عنها أو تتبناها، وفقاً لمصادر من داخل الحركة ذاتها، تحدثت، اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، بأن مسألة التمويل المالي للحركة باتت أحد أسباب تلك الخلافات أيضاً.

 وتمثل حركة "امتداد"، بزعامة الطبيب الشاب علاء الركابي التي تأسست جنوبي العراق، أبرز القوى المدنية التي انبثقت بعد تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، واستطاعت تحقيق نجاح كبير في منافسة الأحزاب الإسلامية بمعاقلها التقليدية جنوبي البلاد، وتحظى بتأييد واضح بين الأوساط الشبابية والمدنية، حيث تقدم نفسها كمشروع بديل سياسي للأحزاب الحالية.

وتمتلك الحركة 9 مقاعد في البرلمان الجديد، واستطاعت تأسيس تحالف مع حركة "جيل جديد"، الكردية المدنية، يتبنّى، وفقاً لإعلان التحالف، مساراً تصحيحياً ورقابياً من داخل البرلمان.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وعقب انسحاب نحو 17 عضواً وقيادياً في الحركة، في شباط/ فبراير الماضي، على خلفية إعلان رئيس الحركة علاء الركابي دعمه لتسمية محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان، أعلنت الأسبوع الماضي استقالة 5 أعضاء جدد من الحركة احتجاجاً على ما وصفوه بـ "خروج الحركة عن مبادئ احتجاجات تشرين وتفرّد الأمين العام بالقرارات".

ووفقاً لوثيقة جرى تداولها في الإعلام المحلي، ولم تنفها رئاسة "امتداد"، فإن النواب الذين قدموا استقالتهم هم "محمد نوري، وداوود العيدان، ونيسان الزاير، وكاظم الزاير، ونداء الكريطي".

وجاء في الوثيقة أن "الأمين العام للحركة يتفرّد بقرارات الحركة، دون الرجوع لمؤسساتها وتوجيه الاتهامات لبعض الأعضاء بالخيانة والفساد دون دليل، ولذلك قررنا الانسحاب من الحركة والحفاظ على مبادئنا كثوار ومحتجين ومعارضة للأحزاب السابقة، وإن دعوى قضائية سيتم رفعها على الذين كالوا الاتهامات الباطلة إلينا". كذلك صدر عن رئاسة الحركة بيان آخر، موقّع من أغلبية نواب الحركة، لعزل علاء الركابي عن الرئاسة.

وفي ساعة متأخرة من ليل أمس السبت، تحدّث أمين عام الحركة علاء الركابي، في بث مباشر عبر حسابه بموقع فيسبوك، عن تماسك الحركة بعد موجة الاستقالات الأخيرة، مؤكداً أن "امتداد جاءت شوكة في عيون الأحزاب، ومن الطبيعي أن يتم استهدافها لأنها ستتحول في وقت من الأوقات إلى (مارد) يبتلع هذه الأحزاب ويزيحها من السلطة بطريقة سلمية، وإن طال الزمن". واتهم أحزاباً لم يسمها بأنها "تسخر كل إمكاناتها لضرب حركة امتداد يومياً وصناعة رأي عام لهدف ابتزاز الحركة".

في السياق، قال حازم المحمداوي، وهو أحد الأعضاء الذين انسحبوا منها خلال الشهرين الماضيين، لـ"العربي الجديد"، إن "الهدف من امتداد لم يكن المشاركة في الحكومة أو الدخول على خط السعي للمناصب في الحكومة المقبلة، بل المشاركة في اللجان البرلمانية وتبني موقف المعارضة من النظام السياسي الحالي ونبذ طريقة المحاصصة الحزبية والطائفية".

وتحدث عن وجود ما وصفها بـ"انحرافات" في الحركة وتفرد بالقرارات من قبل علاء الركابي كانت سبباً في سلسلة الاستقالات والانسحابات الأخيرة.

لكن القيادي في مكتب الحركة بمدينة ذي قار سامر أبو العباس اعتبر أن "الانشقاقات والانسحابات أمر طبيعي جداً، وهو يحدث مع كل الأحزاب، بل إنه ديدن العمل السياسي، وأن الانسحاب الأخير للنواب الخمسة لم يقع لحد الآن بصورة فعلية، بل لا تزال هناك مناقشات حول الاتهامات التي يوجهها النواب إلى رئيس الحركة".

واعتبر في اتصالٍ مع "العربي الجديد" أن "تأثير حركة امتداد في الواقع لن يتغير، إذ إنه يعتمد على القاعدة الجماهيرية بالأساس، وليس فقط على مستوى التمثيل السياسي أو النيابي، ومن الطبيعي أن يتغير أو يتذبذب التأثير السياسي، لكن تبقى الجماهيرية هي الأهم والأساس".

واستكمل حديثه بأن "بعض الأحزاب والفصائل المسلحة تسعى هي الأخرى إلى عرقلة عمل الحركة، من خلال استمالة بعض الأعضاء فيها مقابل إغراءات مالية وأخرى تتعلق بمراكز مهمة ووظائف، لكن بكل الأحوال فإن رئاسة الحركة واعية لكل ما يحدث، وهناك سلسلة من الإجراءات سيتم توضيحها في بيان رسمي، قد يصدر خلال الفترة القليلة المقبلة".

من جانبه، عدَّ رئيس حراك البيت العراقي محيي الأنصاري أن "الانشقاقات حالة طبيعية وصحية في العمل السياسي، ولا سيما في الكيانات السياسية الناشئة، وتحدث في الغالب بسبب عدم النضوج السياسي وفقر التجربة لدى الحراكات الجديدة، وهي بطبيعة الحال إذا حدثت في كيان سياسي أو حزب معين، فإن بقية الكيانات المدنية الجديدة ستتأثر، لكن هناك تمييزاً لدى الشارع العراقي، وأن هذا الفرز سيخلق في النهاية جيلاً سياسياً واعياً، ونضوجاً في التجربة السياسية والحزبية والحراكات الجديدة".

وأوضح في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنه "لا يمكن الحكم مبكراً على تجربة لم يبلغ عمرها عام واحد بالفشل، لكن بالمجمل فإن الخلافات التي تحدث بين كيان معين، ويتحمل هذا الكيان صورة سلبية تؤخذ على العمل السياسي الناشئ، لذلك لا بد من أن تراعي هذه الكيانات التي تعاني من خلافات أنها محط تناول الجميع، ولذلك يجب أن يتم تدارك الأخطاء بشكل نوعي".

أما السياسي العراقي سعد المطلبي فقد لفت إلى أن "الخلافات التي تحدث في الكيانات الجديدة، ومنها حركة امتداد، تتشابه مع بعض الخلافات التي تحدث في القوى التقليدية، ومنها ما يتصاعد جراء الكسب المالي أو تمويل الكيان السياسي وتوزيع المهام، إلا أنها تختلف في جزئيات أخرى، لأن الكيانات الجديدة تراقبها القوى الشعبية والمتظاهرون الذين يعتبرون بمثابة الهيئات الرقابية على أي تحركات سياسية أو تفاهمات مع أحزاب أخرى".

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "الكيانات الجديدة تريد التوغل بالعمل السياسي، لكن الفكرة لدى المتظاهرين والناخبين تحديداً للكيانات المنتخبة تختلف، فهم يريدون أن يبقى كيانهم بعيداً عن الأحزاب المتهمة بالفساد من وجهة نظرهم، بالتالي فإن أي حركة من الكيان الجديد ستواجه غضباً ورفضاً من جمهوره، بالتالي لا بد من معرفة الفرق بين العمل السياسي والفعل الاحتجاجي".

المساهمون