تتحدث قوى سياسية عراقية عما سمته "تحالفات الظل" التي شكلتها القوى المتنفذة في البلاد، لتخوض الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتُرشح من خلالها وجوهاً جديدة من الممكن أن تحصل على الأصوات، بعدما ضعفت حظوظ المرشحين القدامى، في خطوة تمثل تحايلاً واضحاً على المصوتين.
وبحسب المفوضية المستقلة للانتخابات فإن 50 تحالفاً انتخابياً سيشارك في الانتخابات المحلية، 33 جديداً منها، وذلك مع انتهاء مهلة تسجيل التحالفات، الأحد الماضي، والتي تم تمديدها لمرتين.
ووفقاً لقيادي في تيار "الحكمة"، وهو جزء من تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم في البلاد، فإن "بعض التحالفات السياسية الجديدة، هي تحالفات ظل وهذا أمر طبيعي، وفوز تلك التحالفات الانتخابات، سيدفعها لاحقاً للاندماج مع التحالفات الرسمية التي شكلتها". وبيّن، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "الإطار لجأ لهذه الخطوة، من أجل طرح وجوه جديدة. فهناك ناخبون يبحثون عن الوجوه الجديدة، وقوائم الظل تستهدف الناخب الذي يبحث عن الوجوه الجديدة".
القوى المتنفذة تشكل قوائم ظل
وقال النائب السابق رحيم الدراجي، وهو رئيس تجمع "كفى" الذي يضم مدنيين، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى المتنفذة عملت خلال الفترة الماضية على تشكيل قوائم وتحالفات ظل، كما أسست أحزاباً سياسية جديدة لها، واستقطبت شخصيات مدنية وغيرها من الوجوه الجديدة، لخوض الانتخابات المقبلة".
رحيم الدراجي: هدف القوى المتنفذة كسب أصوات الناخبين الذين يبحثون عن التغيير
وأوضح أن "الهدف الأول من تحرك القوى المتنفذة، هو محاولة كسب أصوات الناخبين الذين يبحثون عن التغيير تحت شعارات الإصلاح والتغيير وغيرها، والثاني هو تشتيت أصوات الناخبين وجعلها تتوزع بين التحالفات الانتخابية الجديدة، حتى لا يكون هناك وجود لهذه التحالفات في الساحة السياسية، فيما يكون توجيه جمهور تلك القوى هو التصويت نحو القوائم الرسمية حصراً، حتى تحصل على أعلى عدد من مقاعد مجالس المحافظات".
القوى المتنفذة تريد السيطرة على الحكومات المحلية
أما النائب المستقل هادي السلامي فقال، لـ"العربي الجديد"، إن "دفع القوى المتنفذة بقوائم ظل لها في انتخابات مجالس المحافظات، أمر متوقع جداً، وهو ليس بالأمر الجديد، فهي عملت على ذلك خلال انتخابات البرلمان في 2021، ولهذا هي تعمل بكل الطرق بهدف السيطرة الكاملة على المشهد السياسي والاستحواذ على السلطة بكافة عناوينها التنفيذية أو التشريعية".
وأضاف أن "هناك تحالفات انتخابية وجهات مستقلة فعلاً وتعمل على الإصلاح والتغيير، وكذلك تحقيق مطالب الشعب العراقي، التي يُنادي بها منذ سنين طويلة، وأن المعركة الانتخابية ما بين هذه التحالفات وتحالفات القوى المتنفذة صعبة، بسبب امتلاك تلك القوى المال والسلاح، والعمل على فرض الإرادات حتى على الناخب".
في المقابل، رأى المحلل السياسي أحمد الشريفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "بما لا يقبل الشك التحالفات الجديدة لخوض انتخابات مجالس المحافظات هي تحالفات ظل للقوى المتنفذة، وأن بعض تلك التحالفات هي لكتل وأحزاب منشقة عن تحالفات القوى المتنفذة الرسمية، ومن المؤكد أنها ستلتحق بها لاحقاً إذا حصلت على بعض المقاعد، بهدف تشكيل الحكومات المحلية وفق الأغلبية لتقاسم المناصب".
80 % تحالفات ظل لقوى سياسية عراقية متنفذة
وبين الشريفي أن "ما يقارب 80% من التحالفات الجديدة هي تحالفات ظل لقوى سياسية متنفذة، ولهذا ستكون هناك صعوبة حقيقية في منافسة تلك التحالفات من قبل الأطراف المدنية والقوى الناشئة الجديدة، ولهذا نعتقد أن القوى المتنفذة سوف تفرض سيطرتها على كامل المشهد الانتخابي والحكومي في المحافظات".
أحمد الشريفي: ستكون هناك صعوبة حقيقية لمنافسة تحالفات الظل من قبل الأطراف المدنية والقوى الناشئة
وأضاف أن "القوى المتنفذة شرّعت قانون الانتخابات، وفق مصلحتها، ولهذا هي تعرف جيداً كيف ستخوض الانتخابات وفق هذا القانون، ولهذا قسمت نفسها لأكثر من تحالف انتخابي رسمي باسمها وعناوينها الرسمية، وشكلت تحالفات الظل أيضاً لكسب أصوات الجمهور غير المتحزب، والرافض لها من الأساس".
ويجد مراقبون أن الأحزاب التقليدية في مأزق وجودي بسبب السخط الشعبي من الشعارات السياسية والحزبية والانتخابية، والتي تتعرض شعبياً للتندر والسخرية، لا سيما تلك التي تأخذ طابعاً جاداً في محاربة الفساد الإداري والمالي، كونها تكررت كثيراً من دون أي نتائج على أرض الواقع. وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013.
وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.