ألقت عملية تساقط المدن والولايات الأفغانية أمام حركة "طالبان" بظلالها على الأزمة اليمنية المتصاعدة منذ أكثر من 6 سنوات، وفي مقابل الاحتفاء الكبير من جماعة الحوثيين التي لوّحت بالنموذج الطالباني، حذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من ذات السيناريو ودعت لأخذ الدروس والعبر.
وأعادت الأزمة الأفغانية إلى الأذهان عملية الاجتياح السلس الذي قامت به جماعة الحوثيين للعاصمة صنعاء أواخر سبتمبر/ أيلول 2014، قبل أن تتمدد إلى غالبية المدن اليمنية، فيما قدّم مراقبون مقارنة بين الدور الأميركي المساند للحكومة الأفغانية، والدور السعودي الإماراتي المساندة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وبدت علامات الاحتفاء بتجربة "طالبان" واضحة في صفوف الحوثيين، إذ ظهر متحدث الجماعة محمد عبدالسلام يتشفى بالفشل الأميركي في أفغانستان، ويلوح بمصير مماثل للتحالف السعودي في اليمن.
كل احتلال له نهاية طال الوقت أم قصر، وهاهي أمريكا تحصد الفشل بعد 20 عاما من احتلالها أفغانستان، فهل تعتبر دول العدوان من ذلك؟! ولمرتزقة العدوان أما آن لهم أن يدركوا أن الاستقواء بالأجنبي على أبناء البلد جريمة لا تأتي بدولة ولا جيش بل عاقبتها الخسارة والذل والعار! pic.twitter.com/5PVTreQtRc
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) August 15, 2021
وقال عبدالسلام، في تغريدة على تويتر "كل احتلال له نهاية طال الوقت أم قصر، وهاهي أميركا تحصد الفشل بعد 20 عاما من احتلالها أفغانستان، فهل تعتبر دول العدوان من ذلك؟!"، في إشارة للتحالف الذي تقوده السعودية.
ودعا المسؤول الحوثي، الحكومة الشرعية إلى إدراك أن الاستقواء بالأجنبي على أبناء البلد "جريمة لا تأتي بدولة ولا جيش، بل عاقبتها الخسارة والذل والعار"، وفقا لتعبيره.
وقوبل الاحتفاء الحوثي، بانتقادات واسعة من قبل خبراء يمنيين، أكدوا على أن المبشرين بعودة نظام مخيف ينتمي إلى الماضي والظلام، يشبهونه ولكنهم لم يجدوا الفرصة فقط لممارسة طغيانهم، في إشارة إلى الارتباط بين جماعة الحوثيين وحركة "طالبان".
وقال المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، في تغريدة على تويتر: "يستدعي محمد عبدالسلام نموذج طالبان ليبشر به وينذرنا فيه، وهو استدعاء القرين للقرين، فالاثنين يشبهان بعض: الحوثيين وطالبان".
وأضاف الباحث اليمني "جماعة الحوثيين أضافت للأمر التمييز للهاشميين على اليمنيين، بينما يشتركان في كل الجوانب المظلمة والعنيفة والمتطرفة (..) إن طالبان نظير الحوثي تمامًا بفوارق ضئيلة".
يستدعي محمد عبدالسلام نموذج طالبان ليبشر به وينذرنا فيه، وهو استدعاء القرين للقرين، فالاثنين يشبهان بعض: الحوثيين وطالبان، اضاف الحوثي للأمر التمييز للهاشميين على اليمنيين بينما يشتركان في كل الجوانب المظلمه والعنيفة والمتطرفة. ان طالبان نظير الحوثي تمامًا بفوارق ضئيلة
— Maged Almadhaji ماجد المذحجي (@MAlmadhaji) August 15, 2021
وكانت الحكومة اليمنية، قد اعتبرت على لسان وزير الإعلام والثقافة، معمر الإرياني، أن ما يحدث في أفغانستان من تساقط للمدن والأقاليم بيد حركة طالبان "نتيجة طبيعية لحالة الانقسام والخلافات بين القوى السياسية والاجتماعية الأفغانية وعدم رص الصفوف وتوحيد الجهود تحت إطار القيادة الرسمية، وتفويت الإجماع الدولي في دعم الحكومة والشعب الأفغاني لحسم المعركة منذ العام 2001".
ودعا المسؤول اليمني، القوى السياسية وكل اليمنيين لأخذ الدروس والعبر من التجربة الأفغانية، وتجنب السيناريو والمصير القاتم الذي وصلت إليه، وتغليب المصلحة الوطنية وطي صفحة الماضي ونبذ كل الخلافات والحسابات السياسية، وتوحيد صفوفهم خلف الشرعية الدستورية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي".
وتخشى الحكومة اليمنية الشرعية من انعكاس ما يجري في أفغانستان على نفسية القوات التابعة لها، والتي تدافع عن مأرب وباقي المدن ضد جماعة الحوثيين، إذ ناشدت اليمنيين بمختلف أطيافهم بعدم إضاعة الوقت، وحشد كل الطاقات والإمكانات خلف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتحالف الذي تقوده السعودية، لحسم معركة استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.
وتتشابه الحكومتان اليمنية والأفغانية في مسألة عدم استثمار الدعم الخارجي بشكل صحيح لتوسيع رقعة نفوذها على الأرض، لكن خبراء يقولون إن الأداء الهش للحكومة اليمنية كان بسبب التحالف السعودي الإماراتي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالله دوبلة، في تغريدة على تويتر "مقارنة دعم أميركا بحكومة كابل مع دعم التحالف العربي للحكومة الشرعية مقارنة ظالمة (..) الصحيح أن التحالف تعمد إضعاف الحكومة الشرعية، وسعى لتقسيم اليمن، فيما لم يفعل الأميركان ذلك".