تجدّد الاشتباكات في الخرطوم بحري.. وواشنطن تندد بجرائم "الدعم السريع"

14 يوليو 2023
خلّفت الاشتباكات في السودان أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون (Getty)
+ الخط -

شهدت منطقة الخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية، اليوم الجمعة، اشتباكات عنيفة امتدت من شارع الإنقاذ وأحياء كافوري وصولاً إلى مزارع الحلفايا.

وقال شهود عيان لـ"العربي الجديد" إنّ المعارك استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتدخل طيران الجيش السوداني لمساندة قواته البرية التي تسعى منذ أيام لتمشيط منطقتي بحري وأم درمان.

وبدأت الاشتباكات، اليوم الجمعة، بعد يوم واحد من قمة دول الجوار التي دعت أطراف القتال لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة التفاوض.

من جهته، قال مكتب الناطق الرسمي بإسم الجيش السوداني، في بيان على "فيسبوك"، إن قوات الجيش قامت، فجر اليوم، بعمليات تمشيط واسعة لمناطق في مدن العاصمة الثلاث، وأضاف أن بعض الخسائر وقعت في جزء من محور بحري ولم تؤثر على مجرى العمليات، ونفى وقوع الخسائر بالحجم الذي "ورد ببيان المليشيا المتمردة التي درجت على المبالغة".

وكانت قوات الدعم السريع قالت، في بيان سابق اليوم الجمعة حول العمليات العسكرية، إن الجيش هاجم مواقع تمركز قواتها في مدينة بحري على محورين من ناحية حطاب والآخر باتجاه جسر الحلفايا.

وقالت إنها تصدت للقوات المهاجمة، واستولت على 130 مركبة بكامل عتادها، منها 90 مركبة من قوات حطاب، والبقية من القوة المهاجمة من جهة الحلفايا، إلى جانب الاستيلاء على عدد من الآليات العسكرية، وأسر العشرات من أفراد القوة، منهم ضابط برتبة عميد ركن، ومقتل المئات، بينهم قائد القوة برتبة لواء وقائد ثان بذات الرتبة.

وفي مدينة أم درمان غرب العاصمة، سمع السكان أصوات قصف داوية اهتزت لها جدران المنازل، كما سمعوا تبادل إطلاق النيران من الأسلحة الخفيفة.

وازدادت المخاوف من تمدّد المعارك، بعد انقطاع في خدمة الإنترنت بالخرطوم لمدة 8 ساعات، ولم يعرف بعد سببه، فيما يستمر حتى الآن تحليق طائرات الاستطلاع والطائرات المروحية في سماء المدينة.

تزامناً مع ذلك، يسود الهدوء الحذر مناطق أخرى في العاصمة، وتزداد التوقعات بمعارك قريبة بمنطقة الباقير، حيث يقع المعبر الرابط بين ولاية الخرطوم ولاية الجزيرة وسط السودان.

في الأثناء، تصاعدت الدعوات لمساندة الجيش السوداني في قتاله ضد "الدعم السريع" في بعض الولايات، وواصلت تلك الولايات فتح معسكرات التدريب ودعوة الشباب للقتال.

واشنطن تندد بـ"فظائع" قوات الدعم السريع غرب دارفور

وقالت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، إنّ التقارير حول العثور على مقابر جماعية، في غرب دارفور، بمثابة "أدلة إضافية على الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع، والميليشيات المتحالفة معها في السودان".

ونقلت وكالة "الأناضول" عن تغريدة نشرتها السفارة الأميركية لدى السودان، وعن بيان للخارجية الأميركية، كلاهما حمل إدانة قوات الدعم السريع بارتكاب "فظائع وعمليات قتل على أساس عرقي في غرب دارفور".

وأوضحت السفارة الأميركية لدى الخرطوم عبر "تويتر"، أنّ الولايات المتحدة ترحب بإعلان المحكمة الجنائية الدولية، فتح تحقيق بشأن "جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية خلال فترة الصراع الحالي في السودان".

وكان المُدعي العام للمحكمة كريم خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي بأنه "فتح تحقيقاً بشأن الأحداث التي وقعت في إطار الأعمال القتالية الراهنة"، في إشارة الى المعارك المندلعة منذ 15 إبريل/ نيسان الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق ما نقلت شبكة "يورو نيوز" الأوروبية.

وفي السياق، أصدرت الخارجية الأميركية، مساء أمس الخميس، بياناً حمل إدانة صريحة لقوات الدعم السريع، بالتركيز على شهادات السكان المحليين والتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، وتتهم "الدعم السريع" بارتكاب "فظائع" في غرب دارفور.

كما أشادت بقرار الجنائية الدولية، إذ شدّدت على ضرورة "المساءلة وإرساء العدالة الهادفة للضحايا والمجتمعات المتضررة، ووضع حد للإفلات من العقاب".

وقالت الخارجية في بيانها، إنّ واشنطن "تدين بأشد العبارات الفظائع المستمرة وعمليات القتل القائمة على أساس عرقي، التي ترتكبها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في غرب دارفور".

وأشار البيان إلى تقرير مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بشأن العثور على مقبرة جماعية قرب بلدة الجنينة، تحتوي على جثث 87 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.

وأضاف أنّ هذه التقارير "ليست سوى أحدث الأمثلة على التكلفة البشرية المروعة لهذه الحرب".

ولم يصدر تعقيب فوري من قوات الدعم السريع حول ما ورد في البيانين الأميركيين.

منظمات حقوقية: "الدعم السريع" تحتجز 5 آلاف وعذّبت بعضهم

وقالت منظمات ونشطاء معنيون بالدفاع عن حقوق الإنسان في السودان، لوكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، إن لديهم أدلة على أن قوات الدعم السريع احتجزت أكثر من 5000 شخص في ظروف غير إنسانية بالعاصمة الخرطوم.

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع تعليقاً على ذلك، إن "التقارير غير صحيحة"، وإنها لا تحتجز سوى أسرى حرب، وإنهم يلقون معاملة حسنة. وأضافت لـ"رويترز": "المنظمات تغض الطرف عن انتهاكات الجيش لحقوق المدنيين من قصف بالطيران والمدفعية الثقيلة والاعتقالات وتوزيع السلاح للمدنيين".

وبحسب المنظمات، التي طلبت عدم نشر أسمائها، مخافة أن تتعرض لأعمال انتقامية، فإن ثمة مقاتلين بين المحتجزين في أماكن عدة بأنحاء الخرطوم، لكن من بينهم أيضاً 3500 مدني، منهم نساء ورعايا أجانب.

ونقلت "رويترز" عن مجموعة المنظمات قولها، إنها ستقدم للأمم المتحدة توثيقاً لحالات وفاة، جراء التعذيب، بالإضافة إلى "المعاملة المهينة واللا إنسانية والحاطة بالكرامة الإنسانية في ظروف اعتقال مهينة لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة".

ومع اقترابها من شهرها الرابع، خلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب ما نقلت "الأناضول" عن وزارة الصحة والأمم المتحدة.

المساهمون