تجديد حبس السجناء السياسيين في مصر: دوامة بلا نهاية

28 ديسمبر 2023
تحاول السلطات ضمان استمرار حبس المعارضين (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر دوامة تجديد حبس السجناء السياسيين في مصر، كما تواصل السلطات المصرية إدراج بعضهم على ذمة قضايا جديدة لضمان استمرار حبسهم أطول فترة ممكنة، وذلك على الرغم من الحديث عن الانفتاح السياسي والحوار الوطني وفتح المجال العام، تزامناً مع الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل أيام، وأسفرت عن تجديد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع، أن "محصلة نتائج الحوار ليست كبيرة".

خلف بيومي: لا يزال استهداف المعارضين مستمراً حتى الآن

وقال ربيع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحوار الوطني أنتج أمرين اثنين، أولهما ذو طابع تنفيذي موجّه للحكومة، لاتخاذ قرارات تنفيذية سريعة غير تشريعية، والثاني القرارات التشريعية التي من المفترض أن تدفع بها الحكومة للبرلمان بناء على توصيات الحوار، وهذا الأمر لم يتم فعل شيء فيه".

تواصل سياسة تدوير سجناء الرأي

وأضاف: "الأمور التنفيذية كانت معظمها مطالبات للحوار الوطني بالإفراج عن محبوسين من سجناء الرأي، وطبعاً كانت هناك قرارات تصدر من النائب العام بالإفراج عن بعض المحبوسين احتياطياً، لكنها قليلة، لكن قرارات العفو الرئاسية كانت أكثر. والمحصلة النهائية لم تكن كبيرة، وذلك بسبب ما يعرف بسياسة التدوير، حيث يتم الإفراج عن بعض سجناء الرأي بعفو رئاسي ثم يتم تدويرهم في قضايا أخرى".

وتابع: "القرارات التنفيذية الأخرى، والتي أوصى بها الحوار الوطني وكان يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدرها بدون الحاجة إلى تشريع، لا أعتقد أنه تم فعل شيء منها إلا اليسير النادر. وأتصور أننا نتحدث عن محصلة فيها نحو 30 بالمائة من القرارات تم تفعيلها، أما مجمل التشريع فهو صفر بالمائة".

والسجناء السياسيون هم من ألقي القبض عليهم بموجب قوانين سنّتها السلطات المصرية خلال السنوات الماضية، مثل قوانين الإرهاب والتظاهر والطوارئ فضلاً عن المحاكمة أمام القضاء العسكري وأمن الدولة عليا طوارئ.

وغالباً ما يواجهون اتهامات مثل "بث ونشر أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب، وتهديد الأمن القومي"، وغيرها من الاتهامات التي تدخل تحت طائلة تلك القوانين التي حبس على أثرها آلاف النشطاء والمحامين والصحافيين والمهتمين بالشأن السياسي والعام والمواطنين العاديين.

مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "كان من المفترض أن تظهر بوادر الانفراجة في مجال حقوق الإنسان في خطابات المرشحين وبرامجهم ومؤتمراتهم، ولو من باب مداعبة أحلام الناس، ولكن للأسف خلت برامج من تحدث منهم من أي حديث عن المعتقلين والحبس الاحتياطي وانتهاكات السجون".

استهداف المعارضين لا يزال مستمراً

وأضاف: "لا يزال استهداف المعارضين مستمراً حتى الآن، ولعل آخره التعنت مع الدكتور عصام الحداد وعدم إخلاء سبيله، ودخل في قضية أخرى، وهو نفسه ما حصل مع السفير رفاعة الطهطاوي، والأستاذة هدى عبد المنعم، وهو أمر مؤسف من النظام، ويؤكد استمرار سياسته وعدم وجود إجراءات حقيقية تعطي أملاً في انفراجة قريبة".

حسام الحملاوي: لا توجد أي انفراجة في الوقت الحاضر، أو حتى قبل الانتخابات، أو في وقت ما يسمى الحوار الوطني

بدوره قال الباحث في العلوم السياسية حسام الحملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد": "لا توجد أي انفراجة في الوقت الحاضر، أو حتى قبل الانتخابات، أو في وقت ما يسمى الحوار الوطني".

وأضاف: "النظام المصري يدرك جيداً أنه في أزمة اقتصادية عنيفة، ويريد شكلاً ما من المعارضة تستطيع التنفيس عن الغضب الشعبي في حال انفجاره، ولكن النظام تعود على طريقة للحكم تقوم على الأجهزة الأمنية والجيش أولاً وأخيراً، ومن الصعب أن نرى تغييراً فيها على المدى القريب".

وكان المحامي الحقوقي نبيه الجنادي قد أعلن تجديد حبس الإعلامية هالة فهمي، المحبوسة احتياطياً منذ إبريل/ نيسان الماضي. وفوجئت عبد المنعم، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بدلاً من البدء في إجراءات إخلاء سبيلها، باستدعائها من محبسها بسجن العاشر من رمضان، لتمثل أمام نيابة أمن الدولة، ويجري التحقيق معها وحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية 730 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، بالتهم السابقة نفسها والتي حبست على ذمتها في 2018، لتبدأ معاناة جديدة من دوامة التدوير والحبس الاحتياطي.

وكان قد ألقي القبص على عبد المنعم، العضو السابق بالمجلس المصري لحقوق الإنسان، والمحامية بالنقض، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 من منزلها بالقاهرة، لتختفي 21 يوماً في مقر الأمن الوطني بالعباسية، قبل أن تظهر في نيابة أمن الدولة العليا، وهي في حالة سيئة جداً نتيجة تعرضها للتعذيب البدني والنفسي الشديد، قبل أن يتم التحقيق معها وحبسها على ذمة القضية 1552 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، وإحالتها إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، التي أصدرت لاحقاً حكماً بحقها بالسجن 5 سنوات انتهت فعلياً في آخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبل تدويرها في قضية جديدة.

كما قررت النيابة الكلية ببنها، في جلستها المنعقدة في 23 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، تجديد حبس الناشط السياسي أحمد حمدي السيد سليمان، الشهير بـ"أحمد جيكا"، 15 يوماً احتياطياً. يأتي ذلك على ذمة القضية 3117 لسنة 2023، والتي يواجه فيها تهمة الانضمام إلى "جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة".

المساهمون