عادت الاحتجاجات إلى سيدي حسين السيجومي (الضاحية الغربية للعاصمة تونس)، حيث شهدت المنطقة، ليلة السبت، حضوراً أمنياً مكثفاً ومناوشات بين المحتجين ورجال الشرطة، وذلك لليلة الخامسة على التوالي بعد حادثة وفاة شاب تشير بعض الروايات إلى تعرضه للتعنيف من قبل عناصر أمنية، وسحل قاصر يبلغ 15 عاماً عارياً.
وقال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المحتجين، فيما نددت قوى سياسية ومنظمات تونسية بالتدخل "العنيف" للشرطة في مواجهة احتجاجات مماثلة خرجت في شارع بورقيبة وسط العاصمة.
وقامت قوات الشرطة بمنع المحتجين من الاقتراب من محيط وزارة الداخلية الموجود بالشارع نفسه باستعمال القوة وبإغلاق المنافذ المؤدية إليه.
وشارك نواب وممثلون عن أحزاب معارضة في الاحتجاجات، منددين بعنف الدولة وبالزيادات الأخيرة في أسعار السلع الأساسية وبالأوضاع السياسية عموماً في البلاد.
واستعملت الوحدات الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين تجمعوا تنديداً بالتعاطي الأمني، ووفاة الشاب أحمد بن منصف بن عمار (32 عاماً) بعدما أوقفه أعوان الأمن، فضلاً عن حادثة تجريد قاصر من كل ملابسه وسحله والاعتداء عليه في الطريق العام من قبل أمنيين، ثم توقيفه بسيدي حسين السيجومي.
وقالت والدة الشاب المتوفى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ العائلة تتمسك بمعرفة الحقيقة في وفاة ابنها وتتمسك بمعرفة من اعتدى عليه، مؤكدة أنه "مهما كان الجرم الذي يقترفه أي مواطن فإنه لا يحق للشرطة أن تتعامل معه بهذه القسوة وهذا العنف".
وقال المتحدث الرسمي باسم "منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، رمضان بن عمر، إنّ "الأمن أصبح يسلط العقاب الجماعي على كل المحتجين ويستهدف نشطاء بعينهم في محاولة لفرض سيطرته على فضاء الاحتجاج وهو الشارع، متسلّحاً بالغطاء الذي توفره له الحكومة والأحزاب السياسية وجزء من السلطة القضائية".
وأضاف بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأفعال العنيفة من الأمنيين تجاه كل المحتجين مهما كانت دوافع الاحتجاج ليست أفعالا فردية معزولة على غرار ما ورد في بيانات وزارة الداخلية بل هي سلوك ممنهج يستهدف كل الأصوات الرافضة للقمع البوليسي".
وحذر من "إمكانية انحراف هذه المواجهات إلى اعتداءات تشكل خطورة على حياة المواطنين نتيجة الضرب المبرح الذي يتلقاه المحتجون بهراوات البوليس"، معتبراً أنّ هذه الاعتداءات "ترتقي إلى مستوى الجريمة".
وحذر من أنّ "تواصل سياسة الإفلات من العقاب يشجع الأمنيين على التمادي في سلوكهم العنيف"، لافتاً إلى أن "مسار متابعة الأمنيين المعتدين قضائياً طويل وغالباً ما ينتهي بإفلاتهم من العقاب وتبرئتهم بشكل أو بآخر".