نظّم إيرانيون تحرّكات احتجاجية جديدة، الخميس، على الرغم من حملة القمع الدامية، فيما أشارت منظّمة حقوقية إلى مقتل مراهق بنيران قوات الأمن، بينما قتل عنصر أمني.
تشهد إيران من بين احتجاجاتها الأوسع منذ "الثورة الإسلامية" عام 1979، موجة جديدة تفجّرت إثر وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، في 16 سبتمبر/ أيلول عقب توقيفها لدى شرطة الأخلاق.
وردّ النظام بحملة قمع أوقعت أكثر من 170 قتيلاً، وفق منظمة غير حكومية، فضلاً عن آلاف الموقوفين، وُجِّه الاتهام إلى ألف منهم. ويواجه المتّهمون في حال إدانتهم عقوبات تصل إلى الإعدام، وفق نشطاء.
وفيما لا ترد مؤشرات تدل على أنّ الحركة آخذة بالانحسار، تشكّل مراسم ذكرى أربعين القتلى مناسبات لانطلاق احتجاجات جديدة.
وأفادت منظّمة "حقوق الإنسان في إيران"، ومقرّها النرويج، بمشاركة عدد من الأشخاص في كرج قرب طهران، في ذكرى أربعينية الناشطة حديث نجفي، التي يقول نشطاء إنها قتلت بيد عناصر من الشرطة في سبتمبر.
وأشارت أنباء إلى مقتل محتجَين اثنين اليوم في مدينة كرج. كذلك قُتل أحد عناصر "الباسيج"، وأُصيب عدد من ضباط الشرطة.
🎥امروز ۱۲ آبان در ویدیوهایی که از #فولادشهر اصفهان منتشر شده مردم معترض پس از مراسم چهلم #مهسا_موگویی از کشته شدگان اعتراضات سراسری با نیروهای امنیتی درگیر شدهاند و با سنگ در برابر آنها مقاومت میکنند.#اعتراضات_سراسری #مهسا_امینی #اعتصابات_سراسری pic.twitter.com/oSc5LNl8jz
— ایران وایر (@iranwire) November 3, 2022
حمله مسلحانه به ماموران پلیس در کرج! pic.twitter.com/4zAXdDrfrJ
— روزنامه ایران (@IranNewspaper) November 3, 2022
وكانت الشرطة قد قطعت الطريق السريع المؤدي إلى المقبرة، في محاولة لمنع حشد أكبر من المشاركة في المراسم، وفق ما أكدت المنظّمة غير الحكومية.
وأظهر فيديو نشرته المنظّمة مشاركين يهتفون: "هذا العام عام الدم، السيد علي (خامنئي) سيُطاح".
كذلك أظهرت فيديوهات متداولة عبر مواقع التواصل، احتجاجات، اليوم الخميس، في مراسم الأربعينية لعدد من قتلى الاحتجاجات، في فولاذ شهر في أصفهان، وآمل في الشمال، تخللها إطلاق هتافات سياسية ضد المسؤولين الإيرانيين. واستخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع، بمواجهة المحتجين، مع سماع أصوات إطلاق النار، بالإضافة إلى وقوع مواجهات بين عناصر الأمن والشرطة والمحتجين، بحسب الفيديوهات.
وذكرت السلطات الإيرانية في محافظة ألبرز، أنّ أجهزة الأمن والشرطة اعتقلت من وصفتهم بـ"الأوباش خلال أعمال الشغب"، مؤكدة أن المحافظة "تعيش حالياً وضعاً هادئاً".
في غضون ذلك، تحدثت وكالات أنباء إيرانية عن اغتيال إمام مسجد "مولى المتقين" في مدينة زاهدان، سجاد شهركي (31 عاماً). وذكرت أنّ شهركي تعرض لهجوم مسلح في أثناء خروجه من المسجد قبل أن يفارق الحياة في المستشفى.
Despite killing of hundreds of protesters and the arrest of more than 14,000 people, today there was a massive uprising in Karaj, and other cities in Iran, on the 40th day after the killing of protesters #HadisNajafi and other victims.#MahsaAmini pic.twitter.com/Y1FhOfYiFb
— Masih Alinejad 🏳️ (@AlinejadMasih) November 3, 2022
وتشهد المدينة منذ 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توتراً على خلفية مقتل أكثر من 90 شخصاً من سكانها خلال احتجاجات أمام مركز للشرطة. وأقرّ مجلس أمن المحافظة قبل أسبوع بـ"تجاوزات" الشرطة في الحادث، لكنه حمّل أيضاً من وصفهم بأنهم "مثيرو الشغب" جانباً من المسؤولية، وأقال قائد الشرطة في زاهدان وقائد مركز الشرطة الـ16.
محاكمات بغرض الترهيب
إلى ذلك، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في أحدث تقرير لها، اليوم الخميس، إنّ السلطات الإيرانية صعّدت "هجماتها القمعية" ضد الاحتجاجات والمعارضين، متهمة إياها بإجراء "محاكمات غير عادلة للغاية"، مضيفة أنّ أجهزة الأمن والاستخبارات ووسائل الإعلام الإيرانية اعتادت طرح "مزاعم كاذبة" ضد الناشطين. وتحدثت المنظمة عن حملة اعتقالات واسعة، منها اعتقال 130 ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، و30 ناشطاً في مجال حقوق المرأة، و36 ناشطاً سياسياً، و19 محامياً و38 صحافياً.
من جهتها، كشفت منظمة العفو الدولية عن توقيع أكثر من 760 ألف شخص من 218 دولة وإقليم على حملة الالتماسات التي تنظمها المنظمة للمطالبة بآلية مستقلة للأمم المتحدة لإجراء "التحقيقات كخطوة نحو المساءلة عن الجرائم المرتكبة في إيران بموجب القانون الدولي"، وفق تغريدة للعفو الدولية.
Over 760,000 people from 218 countries & territories added their voices to petitions calling for an independent UN mechanism to conduct investigations as a step towards accountability for crimes under international law committed in Iran. #مهسا_امینی https://t.co/zM1pzXUMIf pic.twitter.com/D4lU52UxCy
— Amnesty Iran (@AmnestyIran) November 3, 2022
بدورها، ذكرت منظمة هنكاو للدفاع عن حقوق الإنسان، ومقرها النرويج، أنه نُظّمت، الأربعاء، سلسلة تظاهرات في مناطق كردية في شمال غرب إيران، مسقط رأس أميني، بما في ذلك سنندج.
وقتل في هذه المدينة، بحسب المنظمة، الشاب مؤمن زند كرمي البالغ 18 عاماً بنيران قوات الأمن. لكن بضغط من قوات الأمن التي تخشى من أن تتحول هذه الجنازات إلى تظاهرات، تم نقل جثمانه إلى قرية أخرى ليدفن فيها.
سازمان حقوق بشری ههنگاو خبر داده است که #مومن_زندکریمی، ۱۸ ساله، در جریان اعتراضات روز چهارشنبه ۱۱ آبان در سنندج با شلیک مستقیم نیروهای جمهوری اسلامی جان باخته است.https://t.co/UmkWI0wfO7
— ایران وایر (@iranwire) November 2, 2022
وبحسب "منظمة حقوق الإنسان في إيران"، ومقرها أوسلو، قتل منذ 16 سبتمبر/ أيلول، 176 شخصاً في الحملة الأمنية ضد الاحتجاجات التي أثارتها وفاة أميني.
كما قُتل 101 شخص في موجة تظاهرات منفصلة في زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان (في الجنوب الشرقي)، على صلة باتّهام شرطي باغتصاب فتاة.
وبحسب المنظمة، فإن 40 من القتلى أعمارهم أقل من 18 عاماً.
وتصف السلطات التي تتّهم الغرب بتأجيج هذه الحركة الاحتجاجية، التظاهرات بأنها "أعمال شغب".
وبدأت، السبت، في طهران محاكمة خمسة رجال متّهمين بارتكاب مخالفات خلال التظاهرات تصل عقوباتها إلى الإعدام.
وندّد نشطاء بمحاكمات صورية، وقال هادي قائمي مدير "مركز حقوق الإنسان في إيران"، ومقره نيويورك، إن المحاكمات ترمي إلى "ترهيب الإيرانيين وإسكاتهم".
توقيف صحافيين
وتتّهم منظمات غير حكومية بانتظام إيران باللجوء إلى انتزاع اعترافات بالقوة يتم بثها في وسائل الإعلام الرسمي لأغراض الدعية السياسية.
والأربعاء، نشرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" تسجيل فيديو قالت إنه يظهر مغني الراب توماج صالحي الذي أوقف بعدما أيد المتظاهرين.
ويظهر في الفيديو رجل موشوم يقول وهو معصوب العينين "أنا توماج صالحي. قلت إنني أخطأت".
عاقبت هر کی که بخواد سر امنیت جون مردم و خاک کشورش با دشمن معامله کنه اینه#توماج_صالحی_را_اعدام_کنید #توماج_در_گونی pic.twitter.com/Ivxce654dJ
— فارا (@fara_128) November 2, 2022
وأعربت مجموعة "المادة 19" الحقوقية، عبر "تويتر"، عن "انزعاجها الشديد من نشر وسائل إعلام حكومية إيرانية اعترافات قسرية لمغني الراب توماج صالحي أدلى بها تحت إكراه واضح".
وأورد الموقع الإخباري "إيران واير"، نقلاً عن قريب مغني الراب إقبال إقبالي قوله، إنّ صالحي يقبع حالياً في سجن إوين في طهران.
في غضون ذلك، دعت الخارجية الألمانية رعاياها ومزدوجي الجنسية إلى مغادرة إيران، محذرة إياهم من مخاطر "الاعتقال التعسفي" والتحقيق. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، لوكالة الأنباء الألمانية، إنّ "المناشدة بالمغادرة اليوم تُعَدّ أمراً ضرورياً مراعاة للوضع الأمني المتغير وحماية المواطنين الألمان الذين لا يزالون موجودين في البلاد". وعزا تلك المناشدة إلى ما وصفه بأنه "الإجراء التصعيدي العنيف الذي تتخذه قوات الأمن الإيرانية".
وفي خضم استمرار الاحتجاجات، والاتهامات الرسمية المستمرة بضلوع الولايات المتحدة وأطراف أوروبية وإقليمية فيها، يستعد أنصار الثورة الإسلامية في إيران لتنظيم مسيرات غداً الجمعة إحياءً للذكرى السنوية ليوم "الطالب المدرسي ومقارعة الاستكبار العالمي". ودعا الحرس الثوري الإيراني، في بيان، اليوم الخميس، الإيرانيين إلى المشاركة بكثافة في مسيرات الجمعة، مؤكداً أنهم من خلالها "سيعلنون إفشال أعمال الشغب الأخيرة كفتنة أميركية صهيونية في حرب مركبة شاملة".
بدوره، قال المبعوث الأميركي إلى إيران روبرت مالي، اليوم الخميس، في تصريحات صحافية، إن إيران لا يمكنها إخفاء ممارساتها، متوعّداً بأن واشنطن تعمل على "محاسبتها على انتهاكات حقوق الإنسان".
وأكد أنّ الإدارة الأميركية تعمل مع شركائها على طرد إيران من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة.
وكانت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، قد أعلنت، أمس الأربعاء، أن الولايات المتحدة ستحاول طرد إيران من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة والمؤلفة من 45 دولة، عازية السبب إلى "حرمان الإيرانيات حقوقهن والقمع الوحشي للاحتجاجات".
(فرانس برس، العربي الجديد)