تجاهل جزائري لدعوات العاهل المغربي لتطبيع العلاقات: لا رد ولا تعليق

31 يوليو 2022
سيُبث الليلة حوار صحافي مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (Getty)
+ الخط -

لم تصدر الرئاسة الجزائرية أو أية جهة رسمية حتى الآن، موقفا أو رد فعل سياسيا على خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي دعا أمس السبت إلى تطبيع للعلاقات بين الجزائر والرباط، وتجاوز الأزمة الراهنة.

ويرى مراقبون جزائريون أن خطاب الملك المغربي تكرار لمحاولة سابقة لكسب نقاط لصالح المغرب في أزمته مع الجزائر والظهور كمبادر إيجابي، مشيرين إلى أن الرباط لم تتخذ خطوات عملية في ظرف تباعدت فيه المسافة السياسية بين الجزائر والرباط، مع دخول عامل التطبيع مع الكيان الصهيوني والاستقواء المغربي بإسرائيل ضمن محددات الأزمة في العلاقات بين البلدين.

وسيُبث الليلة حوار صحافي مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لكنه كان قد أُعلن أنه أُجري صباح السبت، قبل ساعات من خطاب العرش الملكي في المغرب، ما يعني أن الفرصة فاتت لاستقراء رد من المستوى الرئاسي على الخطاب الملكي. 

ويذهب البعض إلى أن تكون الرئاسة الجزائرية قد تعمدت الإعلان أن اللقاء مع تبون قد أُجري في وقت سابق لكلمة الملك المغربي، لتجنب التعقيب في اللقاء على خطاب الملك محمد الخامس، وهو ما يعطي مؤشرات على أن الجزائر ليست جاهزة في الوقت الحالي للتفاعل مع متغيرات الموقف المغربي. 

لا حدث 

وفي غياب الموقف والتعبيرات الرسمية عن رد جزائري، يطرح عدد من المراقبين تقديرات سياسية تستقرئ الموقف الجزائري المفترض، وتقلل هذه التقديرات من أهمية خطاب الملك المغربي في علاقة بالجزائر، لكونها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها دعوات مغربية كهذه لتطبيع العلاقات مع الجزائر.

وقال السفير الجزائري الأسبق في مدريد عبدالعزيز رحابي، في تقدير موقف، إن تصريحات العاهل المغربي بشأن الجزائر لا يمكن أن تمثل حدثا دبلوماسيا ولا تفتح آفاقا للعلاقات بين البلدين. 

ويضيف رحابي أن الواقع يكذب خطاب ملك المغرب بسبب شنه "حملة تستهدف تشويه صورة الجزائر وشيطنتها والإصرار على تقديمها كحليف للقوى والجماعات المعادية للمغرب، كما يعمل الآن على توريط الجزائر في التوترات بين إيران ودول الخليج".

اشتراطات التطبيع 

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر إدريس عطية لـ"العربي الجديد" إن "ملك المغرب تعود منذ 2007، في أغلب خطابات العرش، أن يدعو الجزائر إلى فتح الحدود وغيرها، وعندما يعتبر الملك محمد السادس أن المغرب إلى جانب الجزائر فهو على المستوى الجغرافي، بينما على المستوى الواقعي فالمسافة متباعدة على مستوى الخيارات والسياسات الإقليمية، خاصة وأن المغرب ذاهب في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني في كافة القطاعات، واستقباله لوزير الحرب الكيان الصهيوني، والسماح له بتهديد الجزائر وتشبيهها بإيران، ولهذا فإن مثل هذا الخطاب ليس كافيا لإذابة الجليد بين البلدين".

 وقال عطية إن "الجزائر تريد إجراءات عملية لبناء الثقة وتقريب وجهات النظر" لافتاً إلى أن "المغرب يريد العودة إلى تطبيع العلاقات مع الجزائر دون أن يستجيب للشروط اللازمة، وهذا لا يشجع الجزائر على القبول بذلك". 

وتابع "الاكتفاء بالحديث عن تقارب الشعوب أمر غير كاف لتحقيق توافقات سياسية أو خلق نموذج جديد للعلاقات بين البلدين، بينما الأمر يحتاج إلى سلوك جدي وتغيير في السلوك المغربي، من حيث وقف الاستقواء بالكيان الصهيوني، والمبادرة إلى سحب مندوبه في الأمم المتحدة عمر هلال الذي يشكل أحد عوامل الأزمة بين الجزائر والمغرب بسبب إساءاته المتكررة والعملية للجزائر، ووقف الحملات الدعائية ضد الجزائر". 

وأشار عطية الى أن "أمام الرباط فرصة مهمة وهي القمة العربية التي ستعقد على بعد ثلاثة أشهر من أجل إظهار حسن النية والقيام بالخطوات اللازمة لتحسين علاقتها مع الجزائر".

في سياق آخر، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي توفيق بوقاعدة أنه لا يتوقع صدور تصريحات من الجهات الرسمية، رداً على الدعوة المغربية، لكنه يشير إلى أن استقراء الموقف الرسمي يمكن أن يُستنتج من خلال التوجه الذي سيأخذه تعاطي الإعلام الرسمي في الجزائر مع خطاب الملك محمد الخامس.

وقال في تصريح لـ" العربي الجديد": "لا أتوقع ردا رسميا من أعلى السلطات، وأتوقع أن تتجاهله السلطات في الجزائر وتتجاوزه في صورة لا حدث"، مضيفا "الخطاب الملكي فيه بعض التحول مقارنة مع الخطاب السابق الذي خاطب فيه الشعب الجزائري، وهذه المرة يخاطب الرئاسة الجزائرية وهذا يعني أنه يقصد أن هناك أطرافا صانعة القرار في الجزائر هي المتحكمة في ملف العلاقات مع المغرب".

وشدد على أن "خطاب الملك يأتي في ظروف تحاط بتعمق العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهذه نقطة جوهرية وأساسية في الأزمة بين المغرب والجزائر، والتي لن تمنح الرباط فرصة تطبيع العلاقات مع الجزائر في ظل وجود الكيان الصهيوني قرب حدودها، لأن ذلك يعني إقرارا منها بهذا الواقع". 

تحذيرات من غلق الأبواب 

وحذر الباحث والأكاديمي مصطفى بخوش، في المقابل، من سوء فهم الظرفية السياسية للمنطقة المغاربية ومن مخاطر الاستمرار في الصدام السياسي بين الجزائر والمغرب، وقال في تقدير موقف "نشهد تزامن تصاعد الشك بين الجزائر والمغرب بشكل غير مسبوق مقابل تزايد الثقة بين المغرب والكيان بشكل غير طبيعي، وهو ما يعني نجاح الكيان في تحقيق اختراق حقيقي في منطقتنا المغاربية". 

وشدد بخوش على أنه يتوجب "على الجزائر أن تتعامل بحكمة مع اندفاع المغرب نحو التطبيع ولا تغلق أمامه كل الأبواب حتى لا يكون فريسة سهلة تتيح لمشروع التطبيع التمدد والتوسع في المنطقة".

وأضاف "أعتقد أنه يجب الاستثمار في هذا الخطاب لفضح مخططات التطبيع وتعطيل مسارات الاختراق الصهيوني للمنطقة، ‏وذلك عبر التعاطي مع دعوة ملك المغرب للحوار بمنطق إيجابي واقتناص الفرصة لطرح مشكلة تعثر البناء المغاربي بسبب تدهور العلاقات الثنائية الجزائرية المغربية بدل الانخراط في حملة للتشكيك في النوايا تفتح الأبواب أكثر لمشروع التفتيت والاستنزاف الذي يستهدف كامل المنطقة".

المساهمون