أُطلق مصطلح "الأيادي المرتعشة" في تونس على أغلب الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة. حكومات تخاف من كل شيء، ولا تتخذ قرارات واضحة وسريعة وقاطعة ودائمة تحسم ملفات تنتظر منذ سنوات، ولا يفهم المواطنون سبب عدم قيامها بما هو منطقي وموضوعي بحكم اختصاصها، وبسبب انتخابها. لكن التبرير الوحيد الذي يظهر للعيان هو الحسابات السياسية التي تطغى على أي تحرّك لأي وزير، فقلّة الحركة تعني قلّة المشاكل والاستمرارية في السلطة، أما محاولة التغيير والإنجاز فكلفتها باهظة في بلد مفتوح، تراقب فيه العيون كل حركة وتعترض عليها وتنتقدها.
ولكن قدر رجل السياسة الذي قرر الاهتمام بالشأن العام هو المبادرة والحركة والمجازفة أحياناً، لأن ذلك فقط ما يترك أثراً في حياة الناس وذاكرتهم. لذلك يأتي وزراء ويذهبون ولا يتذكر أحد أسماءهم، علماً أن الحكومات التونسية تتغير بمعدل مرة كل ستة أشهر. ونحن على أعتاب تعديل حكومي جديد، ينتظر فيه التونسيون أن تحسم حكومة هشام المشيشي ملفات لا يمكن أن تنتظر، تحديداً تراجع إنتاج الفوسفات في تونس إلى أدنى مستوى له منذ عام 2011 ليبلغ 35 ألف طن في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق بيانات نشرتها للشركة أول من أمس السبت.
وقال المدير المركزي للإنتاج في "شركة فوسفات قفصة" لوكالة الأنباء التونسية "وات"، إن إنتاج شهر ديسمبر الماضي لم يتجاوز 35 ألف طن، وهو الأسوأ على الإطلاق منذ سنة 2011، بسبب توقف الإنتاج بمنطقة الحوض المنجمي في ولاية قفصة. وهو أقلّ من نصف الإنتاج البالغ 8 ملايين طن في عام 2010. وعدا ملف الفوسفات، ينتظر التونسيون أيضاً أن تعود النفايات الإيطالية إلى حيث أتت، لأن فترة إعادة التصدير محددة فقط بتسعين يوماً من تاريخ قيام الدولة المعنية بإبلاغ دولة التصدير، وفق الفصل 8 من إتفاقية بازل، وقد أخطرت تونس روما بذلك في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بهذا الملف.
وينتظر التونسيون خصوصاً أن تحسم حكومتهم موضوع الحجر الصحي في زمن كورونا، خصوصاً أن العدوى تنتشر بقوة، والأطباء يطلقون صيحات الخوف من كل المستشفيات، بينما الحكومة والرئاسة تتنازع الاختصاصات، ولا تزال تتبادل الآراء، في وقت يموت فيه الناس بالعشرات كل يوم. في المقابل، ينتظر الجميع أن يصل اللقاح بعد أشهر من قيام دول أخرى تشبه تونس في الإمكانيات من تلقيح شعبها بالكامل، متحسرين على نخب أثبتت أنها أقل وعياً من شعبها.