استمع إلى الملخص
- تضمن الاستعراض عرضاً لترسانة من الأسلحة الحديثة، مثل منظومات صواريخ "سميرتش" و"إس-300"، وطائرات "سوخوي"، بحضور آلاف الجزائريين وعدد من رؤساء الدول، مما يعكس مكانة الجزائر في الأمن الإقليمي.
- اتخذت السلطات إجراءات أمنية مشددة، مثل إغلاق المجال الجوي ووقف العمل في ميناء الجزائر، مع ارتفاع موازنات الدفاع بشكل ملحوظ منذ 2018.
شهدت العاصمة الجزائر اليوم الجمعة استعراضاً عسكرياً للجيش بمناسبة عيد ثورة الجزائر، شاركت فيه مختلف القوات المسلحة، وهو الثاني من نوعه في غضون عامين، بعد عودة هذا النوع من الاستعراضات التي غابت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1989، حتى يوليو/ تموز 2022. وقال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في كلمة له خلال الاستعراض العسكري: "يجدر أن أؤكد على عقيدة الجيش الوطني الشعبي الدفاعية، وعلى أن سلاحه موجه حصراً للدفاع عن الجزائر، وحماية سيادتها الوطنية، إلى جانب المساهمة في إحلال السلم والأمن الدوليين، طبعاً للالتزامات الدولية والجهوية للجزائر، واحتراماً للقانون الدولي، وفي إطار مبادئنا وقواعدنا الدستورية".
وأضاف تبون: "حرصنا أشد الحرص أن يكون الاستعراض العسكري في مستوى وأبعاد رمزية الذكرى وفي مستوى تضحيات صانعيها وفاء لمن صانوا الوديعة وتعبيراً عن تعزيز الرابطة المقدمة بين الشعب والجيش"، في رسالة على ما يبدو بعدم وجود أية نوايا لدى الجزائر لاستعراض القوة أو استخدام ذلك لتوجيه تهديدات إلى أي طرف. وشدد على أن مشاركة عدد من رؤساء الدول، مثل الرئيس التونسي قيس سعيّد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، "تعد تقديراً منهم لمكانة الجزائر ومشاركتها في إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة وثباتها على مساندة القضايا العادلة".
وتضمن الاستعراض العسكري، الذي حضره آلاف الجزائريين، عرض الجيش الجزائري لترسانة أسلحة دفاعية وهجومية ومنظومات صواريخ حديثة ومعدات تكنولوجية متطورة، بينها منظومة "سميرتش" الصاروخية ذات القدرات القتالية، ومنظومة صواريخ "إس-300"، وسرية من قاذفات الصواريخ "هاوتزر دي-30". كما تم استعراض منظومة مزودة بصواريخ "برق"، ومضادة للدبابات والمدرعات مختصة في تدمير الأهداف المعادية المتحركة بصورة دقيقة، وجرى استعراض جوي يُحاكي تأمين عبور طائرة رئاسية، واستعراض لمجمع قتالي من طائرات "سوخوي-24" و"سوخوي-30"، كما شاركت غواصات وفرقاطات بحرية في الاستعراض العسكري.
وكانت السلطات قد قررت إغلاق المجال الجوي للعاصمة الجزائر في غضون الأربعة أيام التي سبقت الاستعراض، ووقف تحليق الطائرات المدنية في المنطقة قبل وخلال فترة الاستعراض العسكري، لضمان السلامة وإخلاء المجال للطائرات العسكرية، خاصة أن منطقة الاستعراض قريبة جداً من مطار الجزائر الدولي. كما اضطرت شركة الخطوط الجوية الجزائرية إلى إلغاء 12 رحلة دولية و22 رحلة داخلية حتى انتهاء الاستعراض العسكري، كما جرى تغيير توقيت 40 رحلة دولية و30 رحلة داخلية.
وجرى كذلك إيقاف العمل في ميناء الجزائر للسماح للبوارج البحرية والغواصات وفرقاطات بالمشاركة في الاستعراض العسكري، على الرغم من الخسائر المادية التي يمكن أن يسبّبها إغلاق الميناء في ما يخص الاقتصاد والشركات التي تستورد أو تصدر سلع وبضائع عبره. كما أعلنت السلطات العاصمة الجزائرية إغلاق طريق المطار، وهو الطريق السريع الشرقي، حتى مساء اليوم، وطلبت من المواطنين استخدام طرق بديلة، كما أغلقت محطة النقل البري الخطوط الطويلة التي تربط العاصمة بالولايات الأخرى.
وتطورت ترسانة الجيش الجزائري البرية والبحرية والجوية بشكل لافت بداية من العام 2018، بعد بدء برنامج التطوير الثاني وتحديث قوات وإمكانات الجيش وأسلحته، واقتناء منظومات أسلحة متطورة، حيث شهدت موازنات الدفاع ارتفاعاً، فبعدما كانت الموازنة من حدود 18 مليار دولار أميركي عام 2023، وصلت إلى 22 مليار دولار عام 2024، ثم 25.1 مليار دولار في موازنة العام القادم 2025.
وكانت الجزائر قد شهدت في الخامس يوليو 2022، بمناسبة عيد الاستقلال، أول استعراض عسكري لها منذ عام 1989، كان قد حضره رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، الذي استشهد بغارة إسرائيلية في طهران، حيث لم تسمح بعد تلك الفترة الظروف السياسية التي شهدتها البلاد والأزمة الأمنية الحادة في عشرية التسعينيات بتنظيم هذا النوع من الاستعراضات العسكرية. وكانت تنوي الجزائر تنظيم استعراض بمناسبة الذكرى الخمسينية للثورة عام 2004، لكن الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة قال إنه اضطر إلى إلغاء الاستعراض العسكري "حتى لا يقول هؤلاء وهؤلاء إن الجزائريين يصبون الزيت على النار"، في إشارة حينها إلى الخلافات مع المغرب.