أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استمرار الجزائر في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، ورفضها لخطوة مجلس النواب تعيين حكومة موازية بقيادة فتحي باشاغا، وكشف عن خلافات في المواقف مع دول بشأن الأزمة في ليبيا، في إشارة إلى مصر، بسبب محاولة فرض خيارات سياسية خارج إطار الشرعية الدولية.
وقال الرئيس تبون في حوار بثه التلفزيون الرسمي، إن "الحكومة الليبية التي تحظى بالشرعية الدولية هي حكومة الدبيبة"، مشيراً إلى أن الجزائر ملتزمة ومتمسكة في إطار الشرعية الدولية بدعم الحكومة المعترف بها دولياً، وأكد رفضه للخطوة الانفرادية التي دفعت بها مصر تحديداً، بشأن تعيين حكومة فتحي باشاغا.
وكشف الرئيس الجزائري عن خلافات وتباين في المواقف أخيراً مع بعض الدول، من دون أن يسميها، في إشارة إلى مصر، حول خيارات الحل السياسي في ليبيا، وقال: "الموقف الجزائري هذه الأيام بشأن الأزمة الليبية يكاد يكون مخالفاً لمواقف بعض الدول، لقد كنا نسير في موقف واحد، لكن تم تعيين حكومة أخرى تقررت من قبل مجلس النواب". وأعلن تبون رفض بلاده للخطوة التي هندستها القاهرة، بتعيين حكومة موازية في ليبيا بقيادة فتحي باشاغا خارج إطار الشرعية الدولية، وقال: "لا شيء يتقرر خارج إطار الشرعية الدولية".
وأضاف تبون أن الحل في إجراء الانتخابات، قائلاً: "لا حل في ليبيا دون الرجوع للشعب الليبي، لأن التمثيل أصبح نسبياً" .
وكانت الخلافات الجزائرية المصرية حول ليبيا قد بدأت تبرز في أعقاب لقاء الرئيس عبد المجيد تبون رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيية، على هامش قمة الغاز في الدوحة، نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، حيث كان مقرراً في اليوم الموالي عقد قمة ثلاثية في الكويت، تجمع الرئيس تبون والرئيس المصري عبد الفتاح السياسي وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، لكن القمة ألغيت عندما قرر السيسي مغادرة الكويت بساعتين قبل وصول الرئيس تبون، بسبب اجتماع الأخير بالدبيبة.
وأكد الرئيس تبون أن الجزائر لم تقرر بعد ما إذا كانت ستتبنى الدعوة إلى عقد واحتضان مؤتمر دولي حول ليبيا، وقال: "أود أن أصحح معلومة، أنه لا يوجد مؤتمر دولي حول ليبيا في الجزائر (في الوقت الحالي)، الأشقاء الليبيون طلبوا منا الدعوة إلى مؤتمر دولي، لم نرفض ولم نقبل ذلك بعد، الجزائر لن تخوض في أية خطوة يكون مآلها الفشل، ونحن ندرس ونزن مدى نجاح ذلك، إذا كانت هناك مؤشرات نجاح سنعقده، أما إذا كانت هناك مؤشرات لتفرقة مواقف الدول العربية، فلن ندخل في هذا الإطار، قلنا ذلك دائماً، نحن حرصاء على لمّ شمل المواقف العربية".
وكان رئيس الحكومة الليبية، الدبيبة، قد زار الجزائر الثلاثاء الماضي، والتقى الرئيس تبون مجدداً، وكشف عن إمكانية عقد مؤتمر موسع لوزراء خارجية دول جوار ليبيا ودول معنية بالأزمة الليبية، يعقد في الجزائر، وأنه بحث تلك الإمكانية مع الرئيس تبون.
ملف العلاقات الدولية
ورداً على سؤال عن الأزمة الطارئة في العلاقات مع مدريد، بعد إعلانها تغيير موقفها من قضية النزاع في الصحراء، قال الرئيس تبون: "قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، ونحن نضعها في هذا الإطار لا غير، ونحن نعتبر أن إسبانيا هي الدولة المسؤولة عن القضية، ورئيس الحكومة الإسباني تخلى عن القضية كحكومة، وليس كدولة"، مشيراً إلى أن "الجزائر تطالب مدريد بمراجعة موقفها واحترام تطبيق القانون الدولي، قبل إقرار عودة السفير الجزائري إلى مدريد".
لكن الرئيس تبون نفى أن تكون لهذه الأزمة السياسية أية تأثيرات في ملف الطاقة وتزويد الجزائر لإسبانيا بالغاز، وقال: "نطمئن الأشقاء في إسبانيا والشعب الإسباني، إلى أن الجزائر لن تتخلى بشأن التزاماتها بتمويل إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف".
في الوقت نفسه، لمّح تبون إلى توجّه الجزائر نحو روما، التي يزورها في شهر مايو/أيار المقبل، بوصفها حليفاً استراتيجياً في الضفة الشمالية للمتوسط. واعتبر أن هناك أسباباً تاريخية تقف وراء ذلك فـ"إيطاليا كانت تقف معنا في الظروف الصعبة، ونحن لا ننسى من يقف معنا، إنها الدولة الوحيدة التي لم توقف رحلات طائراتها إلى الجزائر، عندما حاولت دولة أوروبية (يقصد فرنسا) الإيعاز بذلك خلال الأزمة الأمنية في التسعينيات، وإيطاليا هي الدولة الوحيدة التي فتحت لنا خطوط قروض في فترة الأزمة المالية الخانقة في التسعينيات".
واعتبر تبون سلسلة الزيارات التي قام بها عدد من الدبلوماسيين الغربيين للجزائر في الآونة الأخيرة، إنزالاً دبلوماسياً "يبرز أن الجزائر دولة محورية في المنطقة، ومن الضروري التشاور معها في القضايا الإقليمية".
وأشار تبون إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لم تكن بهدف الضغط على الجزائر لتغيير أية مواقف، وقال: "لدينا علاقات مميزة مع روسيا منذ ستين عاماً، ولدينا علاقات مع أميركا والصين، ولا أحد يفرض علينا كيف ندير علاقاتنا، والأميركيون يتفهمون ذلك جيداً".