الرئيس الجزائري إلى البرتغال الثلاثاء: زيارة بعناوين سياسية واقتصادية

19 مايو 2023
هذه ثاني زيارة أوروبية لتبون بعد إيطاليا (فاضل عبد الرحيم/الأناضول)
+ الخط -

يبدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء المقبل، زيارة عمل إلى البرتغال، تدوم يومين، تُعدّ الأولى من نوعها منذ أكثر من عقدين، كان قد جرى الاتفاق على تنظيمها منذ نهاية العام الماضي، في خطوة تحمل مجموعة من العناوين الاقتصادية والسياسية.

واختار الرئيس الجزائري العاصمة البرتغالية لشبونة، لتكون محطته الثانية في زياراته الخارجية إلى العواصم الأوروبية، بعد روما الإيطالية التي كان زارها في مايو/أيار 2022، بعدما كان مُنتَظراً في باريس في الثاني من مايو الحالي قبل إرجاء زيارته إلى هناك.

وسيجري خلال زيارة تبون إلى البرتغال، عقد حزمة من اتفاقيات التنسيق السياسي، تخص تعزيز حركة الأفراد والنقل، والتعاون الاقتصادي والتجاري، كما سيجري تنظيم منتدى أعمال جزائري برتغالي في العاصمة لشبونة، يشارك فيه 60 رجل أعمال من الجانب الجزائري، كان قد بدأ التحضير له منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، سيجمع رجال الأعمال الجزائريين والبرتغاليين، ويسمح بإعطاء دفعة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، تقدم فيه الجزائر فرص الاستثمار، وعرضاً عن تطور مناخ وبيئة الاستثمار في الجزائر، لاستقبال الاستثمارات البرتغالية المباشرة، وزيادة حجمها الذي لا يتجاوز حالياً 60 مليون دولار، حيث تنشط 80 مؤسسة برتغالية في قطاعات عدة بالجزائر.

وكان قد جرى الاتفاق على تنظيم زيارة للرئيس تبون إلى لشبونة، خلال زيارة قام بها وزير الخارجية البرتغالي جواو كرافينيو إلى الجزائر نهاية العام الماضي. وتستهدف زيارة تبون في الشق السياسي، تعزيز ارتكاز الجزائر على شركاء في الضفة الشمالية للمتوسط كإيطاليا والبرتغال، خيارات بديلة لإسبانيا التي تجمّدت العلاقات بينها وبين الجزائر منذ مارس 2022، بسبب تغيير مدريد موقفها بشكل مفاجئ من النزاع في منطقة الصحراء، حيث انحازت إلى الطرح المغربي.

ويشجع موقف البرتغال المتوازن إزاء النزاع في منطقة الصحراء، الجزائر على تعزيز علاقاتها مع لشبونة، حيث كان الوزير الأول البرتغالي، أنطونيو كوستا، قد أعلن خلال الزيارة التي قادته إلى الرباط قبل أسبوعين، تمسك بلاده "بدعم جهود الأمم المتحدة لحل النزاع، من خلال حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين".

وترتبط الجزائر والبرتغال منذ عام 2005، باتفاقية الصداقة والتعاون وحسن الجوار، ويتوافق البلدان في قضايا الأمن والهجرة السرية وأزمات المنطقة، وتؤمّن الجزائر في حدود 80 بالمائة من حاجيات البرتغال من الغاز الجزائري عبر الأنبوب الذي يصل إسبانيا، حيث تورد البرتغال 2,5 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الجزائري، عبر أنبوب "ميد غاز" الذي يصل إلى إسبانيا، وفق اتفاق عُقد بين البلدين عام 2019، يقضي بتمديد الاتفاق الخاص بالتزود بالغاز الجزائري، لمدة عشر سنوات إضافية حتى عام 2029.

وترغب الجزائر في الاستفادة، خاصة من التجربة البرتغالية في مجال الطاقات المتجددة (60 في المائة من إجمالي إنتاج الكهرباء في البرتغال يأتي من مصادر الطاقة المتجددة)، لتنفيذ خطط الحكومة الجزائرية في هذا المجال، خاصة أن الجزائر تستهدف إنتاج 15 ألف ميغاواط من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية بحلول 2035.

وأُنجزت الاثنين الماضي آخر الترتيبات المتعلقة بهذه الزيارة، حيث عُقدت في الجزائر الدورة السادسة لفريق العمل المشترك للتعاون الاقتصادي الجزائري البرتغالي، برئاسة وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني الجزائري علي عون، ووزير الاقتصاد والبحر البرتغالي، أنطونيو كوستا سيلفا، لوضع أسس جديدة لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجزائر والبرتغال.

وتعهد الوزير البرتغالي بالرغبة في مضاعفة استثمارات بلاده في الجزائر، خمس مرات خلال السنوات الخمس المقبلة. كما زار خلال الفترة نفسها الجزائر، نائب وزير الخارجية البرتغالي المكلف بالتجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية، برناردو إيفو كروز، لمناقشة تفاصيل اتفاقيات التعاون المقرر التوقيع عليها بين البلدين خلال زيارة تبون، وتنظيم منتديات أعمال للمتعاملين الاقتصاديين في البلدين لبحث وتحديد فرص الشراكة والاستثمار المثمرة.

ومن المرتقب أن يلتقي الرئيس تبون في لشبونة بممثلين عن الجالية الجزائرية في البرتغال. ويلعب العامل التاريخي دوراً في العلاقة بين الجزائر والبرتغال، إذ يستذكر الساسة البرتغاليون احتضان الجزائر المعارضين البرتغاليين في السبعينيات، خلال الحكم العسكري للجنرال أنطونيو دو أوليفيرا سالازار.

وقال وزير الدولة والشؤون الخارجية البرتغالي أوغوشتو سانتوش سيلفا، خلال زياته إلى الجزائر في مارس/آذار 2022، عقب استقباله من قبل الرئيس الجزائري تبون إنّ "البرتغال عليها دين للجزائر لأنها لعبت دوراً مهماً في مسار دمقرطة البرتغال، ودعمت المعارضة الديمقراطية ضد الديكتاتورية في البرتغال"، في فترة حكم العسكريين بقيادة الجنرال سالازار، مشيراً إلى أن الجزائر لعبت دوراً بارزاً في عام 1975، خلال "التوقيع على اتفاقية سمحت باستقلال العديد من الدول الأفريقية، التي استعمرت من طرف البرتغال، في الجزائر، وهو ما شكّل ميلاد دول تتحدث اللغة البرتغالية".