تايوان وهونغ كونغ في حسابات ترامب

09 نوفمبر 2024
جنود تايوانيون يتدربون على مدفعية أميركية في تايشونغ، 7 أغسطس 2024 (دانيال سينغ/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة ترامب وتأثيرها الدولي: تثير عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تساؤلات حول سياسته الخارجية تجاه الصين، خاصة في قضايا تايوان وهونغ كونغ، حيث قد تؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي الدولي.

- التوترات التجارية: شهدت العلاقات الأميركية الصينية توترات كبيرة خلال ولاية ترامب الأولى، خاصة في المجال التجاري، ومن المتوقع أن تستمر الإدارة الجديدة في استراتيجيتها لجذب الشركات الأميركية، مما قد يجدد التوترات.

- التحديات السياسية: قد يركز ترامب في ولايته الثانية على القضايا الداخلية، مما قد يؤثر على مقاربته لقضايا مثل تايوان وهونغ كونغ، وربما يتخذ خطوات جريئة قد تشعل توترات في المنطقة.

لا تزال أصداء عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تسيطر على المشهد الإعلامي في الصين، وتثير تساؤلات كثيرة حول السياسة الخارجية التي سينتهجها الرئيس الأميركي العائد تجاه بكين، وكيفية تعامله مع ملفات وقضايا خارجية حساسة مثل مسألة تايوان والتحولات التي شهدتها جزيرة هونغ كونغ خلال السنوات الأخيرة، وتأثير ذلك كله على العلاقات بين البلدين. ووصفت وسائل إعلام صينية حكومية أمس الجمعة، الانتخابات الأميركية بـ"الانتخابات السوبر"، وأشارت إلى أنه من المرجح أن تكون لهذه الدورة آثار بعيدة المدى على المشهد السياسي الدولي مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة.

رسالة شي إلى ترامب

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد أرسل رسالة تهنئة إلى دونالد ترامب، أمس الأول الخميس، بمناسبة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة. وأشار شي في رسالته إلى أن "التاريخ يخبرنا أن كلا البلدين يستفيدان من التعاون ويخسران من المواجهة، وأن العلاقات الصينية الأميركية ذات التنمية المستقرة والصحية والمستدامة تخدم المصالح المشتركة للبلدين وتلبي توقعات المجتمع الدولي". وأضاف: "يجب على الصين والولايات المتحدة أن تعيشا في وئام في العصر الجديد". وأعرب عن أمله أن تتمكن الصين والولايات المتحدة من إيجاد طريقة للتوافق، وقال: "يجب على الصين والولايات المتحدة أن تعيشا في وئام وتعملان على إدارة الخلافات".


لي تشونغ: تركيز ترامب سينصب على القضايا الداخلية

وشهد النهج الأميركي تجاه الصين في ولاية دونالد ترامب الأولى (2017 ـ 2021) تحولاً كبيراً، إذ امتدت التوترات بين البلدين من التجارة إلى التكنولوجيا، ومن الجغرافيا السياسية إلى الصراع الأيديولوجي. أيضاً شهدت تلك الفترة إدراج الإدارة الأميركية الصين إلى جانب روسيا في قائمة الدول التي تشكل تهديداً رئيسياً للولايات المتحدة وتم التعامل معها على هذا الأساس. كما تسبّبت الضغوط التي مارسها ترامب آنذاك على الشركات الأميركية العاملة في الصين من أجل عودة التصنيع إلى الولايات المتحدة، في إشعال حرب تجارية لا تزال آثارها ماثلة حتى اليوم، وقد مست بشكل مباشر الاقتصاد والمصالح الصينية. لذلك ترجح توقعات باستئناف الإدارة الأميركية الجديدة استراتيجيتها المتمثلة في استقطاب الشركات الأميركية، مما ينذر بحرب تجارية جديدة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

هذا ما يتصل بالشق التجاري، ولكن على المستوى السياسي أيضاً، هناك توقعات مغايرة بشأن مقاربة دونالد ترامب لمسألة تايوان وكذلك هونغ كونغ، وهو الذي كان قد أعلن في وقت سابق عن رغبته في جعل تايبيه تدفع مقابل حمايتها من الجانب الأميركي، إذ اقترح أن تدفع تايوان للولايات المتحدة مقابل دفاعها عنها، وهي التعليقات التي كرّرها في أكثر من مناسبة خصوصاً خلال حملته الانتخابية الأخيرة.

في رده على سؤال لـ "العربي الجديد"، بشأن تأثير عودة ترامب على مقاربة الإدارة الأميركية لمسألة تايوان، قال الباحث في الشؤون الدولية لي تشونغ، إنه من المهم التأكيد أولاً أن نهج بكين تجاه السياسة الأميركية سواء أكان الرئيس جمهورياً أم ديمقراطياً، ثابت ولا يتغير. وأضاف: "في ظل الضغوط والتهديدات التي يطلقها المرشحون للرئاسة قبل وبعد وصولهم إلى البيت الأبيض، تواصل القيادة الصينية تأكيد أهمية الالتقاء على أرضية مشتركة والتعاون والعمل معاً من أجل مستقبل مشرق لشعبي البلدين".

ورأى أنه حسب التجربة الماضية لترامب، فإن التركيز سينصب على القضايا الداخلية، مع إعطاء الأولوية للمصالح الأميركية، وسيأتي ذلك على حساب ملفات إقليمية ودولية، إذ أظهر ترامب أنه لا يأبه للحلفاء ويتعامل معهم من منطلق المصلحة وتحقيق المكاسب الخاصة، مثل حديثه عن ضرورة الدفع مقابل الحماية الأميركية سواء في منطقة الخليج أو شرق آسيا، وهذا ينسحب على تايوان. ولفت لي إلى أن مقارنة بسيطة بين مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان خلال فترة حكم جو بايدن وحقبة ترامب السابقة، تُظهر أن الأخير اهتم أكثر بكمية الصفقات، مما يعني أنه لم يكن مهتماً بتسليح الجزيرة بأسلحة نوعية توفر حماية ضد التهديدات الصينية، على خلاف إدارة بايدن التي قدمت أسلحة حديثة تضمنت دفاعات جوية متطورة، وهذا يعكس نظرة كل رئيس لمسألة تايوان وتقديره للتهديد الذي تمثله بكين في المنطقة.


ليو مينغ: هونغ كونغ ستكون ورقة مساومة لترامب ضد بكين

مستقبل تايوان مع ترامب

وأشار لي تشونغ إلى أن ما سيستجد خلال ولاية ترامب الثانية (2025 ـ 2029)، هو هيمنة الجمهوريين على الكونغرس، الأمر الذي قد يدفع باتجاه سنّ تشريعات جديدة تتعلق بتايوان ربما تكون تاريخية، حسب قوله، نظراً لضمان تمريرها في ظل عدم الحاجة إلى الحصول على موافقة الديمقراطيين، مثل: إلغاء الوضع القائم منذ عام 1979، المتمثل في اعتراف الولايات المتحدة بمبدأ صين واحدة وهو الأساس الذي تقوم عليه العلاقات الصينية الأميركية منذ ذلك الحين، وبدلاً من ذلك الاعتراف الدبلوماسي بتايوان باعتبارها كياناً مستقلاً عن البر الرئيسي الصيني. لكنه لفت إلى أن مثل هذه الخطوة وإن كانت غير مستبعدة، من شأنها أن تشعل حرباً كبيرة في المنطقة، لأنها تتجاوز الخطوط الحمر التي حددتها بكين والتي تدفعها بشكل آني لاستعادة الجزيرة بالقوة العسكرية.

من جهته، أعرب أستاذ العلاقات الدولية في معهد وان تشاي للأبحاث والدراسات في هونغ كونغ، ليو مينغ، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن هونغ كونغ التي تتمتع بدرجة عالية من الحكم الذاتي، ستكون إحدى أوراق المساومة التي سيستخدمها ترامب للضغط على بكين. وقال إن أحد التوقعات التي يتم تداولها إمكانية لجوء الرئيس المنتخب إلى إغلاق المكاتب التجارية الثلاثة لهونغ كونغ في الولايات المتحدة، لممارسة المزيد من الضغط على الصين التي سيطرت على المدينة منذ إقرار قانون الأمن القومي في عام 2020. وأوضح أن إقرار موازنة هذه المكاتب يستدعي موافقة الرئيس الأميركي لاستمرار عملها، وفي حال قام ترامب بإلغاء الاعتماد المادي، في إطار أي حسابات سياسية، فسيعني ذلك إغلاق المكاتب في غضون 180 يوماً. وقال إن هذه الاحتمالات تشير أن الجزيرة ستخضع للتسييس بما يحقق مكاسب خاصة للإدارة الأميركية الجديدة في إطار مناكفاتها وحساباتها السياسية مع الصين.