استمع إلى الملخص
- ردود فعل متباينة تجاه أداء بايدن؛ دعوات لانسحابه من السباق الرئاسي من جانب بعض الأصوات، بينما يدافع مؤيدوه بما فيهم كامالا هاريس وباراك أوباما عن قدرته على الفوز بولاية ثانية.
- بايدن يؤكد على عزمه مواصلة السباق الرئاسي، معترفًا بتحدياته الشخصية لكن مؤكدًا على قدرته على تأدية المهمة، فيما تشير مجلة تايم إلى أن استبداله كمرشح ديمقراطي يظل أمرًا مستبعدًا.
زرع الرئيس الأميركي جو بايدن الشك و"الذعر" داخل أوساط الحزب الديمقراطي بعد أداء وصفه أقرب حلفائه بالـ"كارثة"، في المناظرة الأولى ضد منافسه الجمهوري دونالد ترامب قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وذكرت مجلة تايم الأميركية، يوم الجمعة، أن أصواتاً ساخطة برزت داخل الحزب الديمقراطي تطالب بتنحية بايدن لصالح مرشح آخر من الحزب يخوض المنافسة الرئاسية ضد الجمهوري ترامب. وقالت المجلة في وصفها أداء بايدن: "بدا في كل جزء منه وكأنه الجد البالغ من العمر 81 عامًا، وهو يتلعثم بصوت ضعيف من خلال حجج غير مفهومة وغالبًا ما يحدق بشكل فارغ، وفمه مفتوح، بينما يوجه ترامب هجومًا لفظيًا تلو الآخر. تجمد بايدن مرارًا وتكرارًا وتخبط حتى في بعض الركلات الثابتة التي كان قد أعدها مسبقًا لهذه اللحظة".
وأضافت المجلة أن "الذعر ليس كلمة قوية للغاية لوصف المشاعر التي كانت تسري في الحزب الديمقراطي من الأعلى إلى الأسفل مع تطور النقاش"، داخل غرفة جمع التبرعات لصالح الحملة الانتخابية للحزب، بعد أداء بايدن المخيب.
وحول تفاصيل النقاش، قالت المجلة إن أحد أعضاء حملة جمع التبرعات أرسل متسائلا: "ما الذي يحدث بالفعل؟"، فيما أرسل شخص آخر عبر غرفة الحملة ما يشبه نداء استغاثة ومقطع فيديو لرهينة في الوقت نفسه وكتب: "لن يكون هذا سيئًا بالنسبة للناخبين كما هو الحال بالنسبة لنا، أليس كذلك؟".
وأشارت المجلة إلى إن الحكم على أداء بايدن بوصفه مخيباً للآمال كان متفقا عليه بالإجماع داخل الحزب. وقالت: "من التقدمي إلى البراغماتي، ربما كان الحكم بين الديمقراطيين هو الأكثر اتحادًا بين صفوف الحزب العليا منذ عقود". ولفتت المجلة إلى أنه "بعد انتهاء المناظرة مباشرة، بدأ الديمقراطيون يتساءلون عما إذا كان من الممكن إقناع بايدن بالانسحاب من منصبه من أجل مصلحة الحزب والأمة والمرشح نفسه".
وتخطى الاستياء الدوائر المغلقة داخل الحزب وحملته الانتخابية، إذ دعت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الجمعة، الرئيس جو بايدن إلى الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض. وكتبت الصحيفة في افتتاحية نشرت مساء الجمعة: "بايدن كان رئيسا مثيرا للإعجاب. في ظل قيادته، ازدهرت الأمة وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترامب في الالتئام. لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه"، وفقا لوكالة "فرانس برس".
ولتبيان مدى سوء الوضع إثر المناظرة، تكفي المقالة اللاذعة لتوماس فريدمان - الذي يطرح نفسه "صديقا" للرئيس الأميركي - الصادرة الجمعة في صحيفة نيويورك تايمز. وكتب الصحافي أنّ بايدن "رجل طيّب، رئيس جيّد، لكنّه ليس في وضع يسمح له بالترشّح لولاية ثانية"، كاشفا أنه "بكى" لدى رؤيته الرئيس الديمقراطي. وكتبت ماريا شرايفر، ابنة شقيقة جون كينيدي، الرئيس الأميركي الذي اغتيل عام 1963، وحليفة بايدن، على منصة إكس: "قلبي مفطور"، وفقاً لـ"فرانس برس".
لكن في المقابل، قالت تايم إن الموالين لبايدن انبروا للدفاع عنه ومواجهة الأصوات المطالبة بتنحيته. وقالت المجلة إن نائبة الرئيس كامالا هاريس "قامت بجولة من البرامج التلفزيونية المجدولة في وقت متأخر من الليل، حيث بذلت قصارى جهدها لدرء أحلام نشطاء الحزب بالتخلي عن بايدن"، بينما أصر فريق الأخير علنًا على أن "تلك الليلة كانت مجرد واحدة من العديد من الليالي، وأن بايدن مرشح بنسبة 100% لأربع سنوات أخرى". وأكثر من ذلك، دافع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن بايدن وطلب من حلفائه التراجع عن المطالب بالتنحية. وقال في رسالة إن "الأداء السيئ في المناظرات وارد".
بايدن: لم أعد أتكلم بطلاقة
ووسط الأصوات المشككة به والمدافعة عنه، أكد بايدن، الجمعة، عزمه على مواصلة خوض السباق الرئاسي رغم أدائه السيئ في المناظرة. وقال أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية: "لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة". وأضاف: "أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية تأدية هذه المهمة. أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأميركيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجددا".
وتابع الرئيس الأميركي: "هل شاهدتُم ترامب الليلة الفائتة؟ أعتقد أنه حقق رقما قياسيا جديدا لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة". وقال أيضا: "لم أكُن لأترشّح مجددا لو لم أكُن مؤمنا من كل قلبي بأنّني قادر على تأدية هذه المهمة". وشدد بايدن على أن "ترامب أكبر تهديد لهذه الأمّة. إنّه تهديد لحرّيتنا. إنّه تهديد لديمقراطيّتنا. إنّه حرفيا تهديد لكلّ شيء تدافع عنه أميركا".
عن احتمال انسحاب بايدن
قالت مجلة تايم إن قواعد الحزب الديمقراطي تجعل من المستحيل تقريبًا استبدال بايدن ما لم يتنح طواعية، موضحة: "لدى بايدن حاليًا 3894 صوتا مما يقرب من 4000 مندوب، وسيُطلب من معظمهم الالتزام به خلال الجولة الأولى من التصويت"، عندما يجتمع الديمقراطيون في أغسطس/آب في شيكاغو في ما يُعرف بالمؤتمر "المفتوح"، حيث سيعاد خلط الأوراق ولا سيما أصوات المندوبين الذي صوّتوا للرئيس.
وقالت المجلة: "هناك حاجة إلى نحو 25% من المندوبين في المؤتمر لإجراء تصويت يفتح الطريق أمام آخر ليكون المرشح. ويظل ذلك مستبعدا للغاية". أما إذا أمكن إقناع بايدن بالتنحي،فـ"ستبدأ نائبة الرئيس كامالا هاريس بمزايا شغل منصبها، لكن احتمال ترشيحها منخفض. ومن بين المتنافسين البارزين الذين يتنافسون اسميًا لعام 2028 ولكن جرى الحديث عنهم جميعًا بهدوء باعتبارهم بدلاء محتملين لبايدن في عام 2024، المحافظون غريتشن ويتمر من ميشيغان، وجافين نيوسوم من كاليفورنيا، وجي بي بريتزكر من إلينوي".
ووفق "فرانس برس"، سيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ عام 1968 حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل عن الرئيس ليندون جونسون، بعد أن سحب الأخير ترشّحه في خضم حرب فيتنام، ورُشّح نائب الرئيس حينها هوبرت همفري الذي خسر الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.