تتجه الأنظار في لبنان إلى المؤتمر الذي تستضيفه فرنسا اليوم الخميس لجمع تبرعات ومساعدات طارئة للجيش اللبناني، في ظلّ الأزمة غير المسبوقة التي تعاني منها البلاد اجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً، والتي تؤثر مباشرة على المؤسسة العسكرية وقدراتها العملياتية.
وأكد مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية لدى لبنان لـ"العربي الجديد" أن دعم الجيش يشمل الهبات والمساعدات الغذائية الصحية والطبية، والمعدات الأساسية التي يحتاج إليها لتأمين الاستقرار المطلوب في البلاد، ولا سيما في ظلّ ما يعانيه لبنان من أزمات متفاقمة قد تتطور إلى انفجار اجتماعي أو فوضى شاملة، إضافة إلى التعاون المشترك على مستوى التدريبات والمهارة.
ولفت المصدر إلى أن لا نية فرنسية أو أوروبية بتقديم دعم مالي نقدي للجيش، بل مساعدات يحتاج إليها، وسبق أن حصلت باريس من قائد الجيش اللبناني جوزيف عون على ملخّص يبين المشاكل التي تعاني منها المؤسسة العسكرية، وأبرز احتياجاتها والأولويات العاجلة والطارئة، خصوصاً الصحية والغذائية والطبية على صعيد المستشفيات العائدة للجيش.
من جهته، يقول مصدرٌ عسكري رفيع في قيادة الجيش لـ"العربي الجديد" إنّ الجيش يتلقى في الفترة الأخيرة الكثير من المساعدات، سواء من دول أوروبية وأجنبية أو عربية، وخصوصاً على المستويين الصحي والغذائي، وحصل على دعم لمواجهة جائحة كورونا، سواء كمامات أو قفازات وغيرها من المستلزمات والمعدات الطبية، لكنه ما يزال يحتاج إلى المساعدة في ظلّ حجم الأزمة وانعكاسها الخطير على المؤسسة العسكرية.
ويلفت المصدر إلى أن المؤسسة تعجز عن تلبية احتياجات العناصر، أو حتى وجباتهم الغذائية اليومية التي تقدَّم لهم أثناء الخدمة، إذ تبدّلت في ظلّ ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج بشكل خاص ما دفعها إلى التوقف عن استخدامها أو التقليص كثيراً منها، كذلك طاول قسائم البنزين تخفيضاً بحدود ليتر أو ليترين وثلاثة من العناصر التي تحولت لصالح الآليات العسكرية.
على الصعيد الصحي، يشير المصدر العسكري إلى أن التغطية الصحية كانت شاملة، وبات العناصر يدفعون جزءاً من الفوارق الاستشفائية في المستشفيات غير العسكرية، كما زاد المستشفى العسكري بعض الفحوص منها الدم وغير ذلك مع رفع سعر الطوابع.
وشهدت المؤسسة العسكرية في الفترة الأخيرة مغادرة الكثير من العسكريين المؤسسة نتيجة الأزمة، وتدهور قيمة رواتبهم التي يتقاضونها بالليرة اللبنانية بأكثر من تسعين في المائة، مع وصول سعر صرف الدولار إلى 15 ألف ليرة، بينما السعر الرسمي للصرف ما يزال 1500 ليرة.
ونشرت شركة "الدولية للمعلومات" تقريراً برواتب الضباط والعسكريين وفق سعر الصرف الرسمي، وهي على الشكل التالي، عميد درجة 1 هو 4808 دولارات، ملازم درجة أولى، 1582 دولارا، جندي درجة أولى 888 دولارا، ويظهر التدهور عند تحويلها إلى سعر الصرف 15 ألف ليرة، بحيث أن أقصى راتب أصبح أقلّ من 500 دولار.
وفي 26 مايو/أيار الماضي، استقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الإليزيه قائد الجيش العماد جوزيف عون، وبحث معه وضع الجيش والتحديات التي يواجهها في هذه المرحلة، وقد شدد ماكرون بحسب بيان قيادة الجيش على أهمية دعم الجيش اللبناني لما في ذلك من استقرار للبنان.
ويؤكد العماد عون في كل مناسبة أن الجيش اللبناني مستمرّ بأداء مهامه بدقة وحرفية لضبط الأمن وحماية الاستقرار، وذلك رغم تأثره بالأوضاع الاقتصادية وجائحة كورونا، ويدعو إلى إبعاد المناكفات السياسية عن المؤسسة العسكرية.
وسبق أن شنّ قائد الجيش أكثر من هجوم على القادة السياسيين من بوابة تحذيراته المتواصلة من خطوة الوضع، وإمكان انفجاره وانعكاساته السيئة على المؤسسة.
وسأل قائد الجيش المسؤولين "أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟ المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يقابَل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين".
وقال: "البعض يتهمنا أننا نعيش بنعيم، لكن هذا غير صحيح وهذه اتهامات باطلة لن نقبل بها، ولن نرضى أن يتم المس بحقوق عسكريينا، سواء في الخدمة الفعلية أم المتقاعدين".