- الصحيفة تشير إلى رفض إسرائيل لمبادرات واشنطن وتجاهلها للحاجة إلى مساعدات للفلسطينيين، رغم الدعم الأمريكي الكبير لها.
- تنتقد استمرار انتظار بايدن لخطة من نتنياهو لإنهاء الحرب، وتسلط الضوء على ضغوط حلفاء أمريكا العرب لحل يضمن حقوق الفلسطينيين.
تناولت افتتاحية صحيفة بوليتيكن الدنماركية، اليوم الأربعاء، "خطوط بايدن الحمراء" في الحرب الإسرائيلية على غزة، وذلك من زاوية تجاهل إسرائيل التام لمطالب الرئيس الأميركي جو بايدن، وبدء نفاد صبر حلفاء واشنطن العرب. وأشارت الصحيفة المتابعة لمجريات الحرب على غزة، إلى أنه تتعين على بايدن "مواجهة حقيقة أن العديد من حلفاء أميركا العرب سئموا انتظار (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو وحكومته اليمينية".
وأكدت الصحيفة قناعتها بأن "إسرائيل تسمع ما تقوله الولايات المتحدة، لكنها لا تتبع رغبات بايدن، وهي تخاطر بضرب نفسها إذا ما بدأ الرئيس بايدن يعبّر عن الغضب بدل خيبة الأمل". ورأت الصحيفة أن مطالبة بايدن نتنياهو طيلة الأشهر الماضية، بعدم دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح، ذهبت تحت جنازير الدبابات التي دخلت معبر غزة الوحيد مع العالم العربي، مشددة على أن ذلك "يؤثر على مصداقية بايدن نفسه، ويخاطر بإضعاف تحالفات أميركا الأخرى في المنطقة".
ولفتت "بوليتيكن" إلى أن بايدن طالب باستمرار بحماية ما يزيد عن مليون فلسطيني نازح داخلياً في رفح، "لكن إسرائيل تقوم بتهجير 450 ألف فلسطيني من رفح وتنفخ في جمر الحرب"، خصوصاً أن خطوط بايدن الحمراء تلك، يسخر منها أقطاب حكومة نتنياهو، بحسب الصحيفة. واستعادت الصحيفة، لأجل توضيح عدم نجاعة خطوط بايدن الحمراء، بتاريخ الأخير مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، قائلةً إن "الرجل كان نائباً للرئيس في العام 2013، حين أصدرت إدارته خطاً أحمر حاسماً بوجه الديكتاتور السوري بشار الأسد، بألا يستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، ومع ذلك قتل الأسد بذات السلاح مئات المدنيين في إحدى ضواحي دمشق، ولم يأبه لتهديد وخط الإدارة الأميركية الأحمر".
واعتبرت أن انتهاك الخط الأحمر آنذاك "جعل روسيا وإيران وحزب الله، تقف بسرعة إلى جانب الأسد لقتل مئات الآلاف من شعبه، من دون أن تضع واشنطن عصا واحدة في عجلات نظام الأسد، ما دمّر مصداقية أوباما وبايدن". ورأت الصحيفة الدنماركية أن تجاهل تل أبيب لمطالب واشنطن يأتي على الرغم من أن "بايدن ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ساعد حكومة نتنياهو بأكثر من 15 مليار دولار وبأسلحة، وقام بحماية إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وساعدها في صدّ هجوم صاروخي إيراني".
ولفتت إلى أن واشنطن "توسطت مع قطر ومصر بشأن وقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والأسرى، لكن إسرائيل رفضت، وأرسلت الدبابات إلى رفح". وأشارت إلى أن تل أبيب تجاهلت تماماً مسألة المساعدات الكافية للفلسطينيين، حيث تؤكد الأمم المتحدة أن سكان غزة على حافة المجاعة "وتلك من الأسباب التي دعت بايدن إلى طلب عدم اجتياح رفح، لكن العكس حدث".
واعتبرت "بوليتيكن" أن "بايدن ينتظر منذ أشهر وبدون فائدة خطة اليوم التالي للحرب، ولا يزال ينتظر". وأشارت إلى أن ذلك يحدث تزامناً مع تشكيك بايدن وإدارته بأن يكون نتنياهو قادراً على الوفاء بوعده بالقضاء على حركة حماس في غزة. ووفقاً للصحيفة، فإن ذلك صعب المنال، حيث استدعت لتأكيد قراءتها، تصريحاً لنائب وزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل، قال فيه إنه لا يعتقد أن القضاء على "حماس" أمر ممكن.
واعتبر كامبل في تصريحاته الاثنين الماضي، أن وضع دولة الاحتلال الإسرائيلي "مشابه جداً للوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه بعد 11 سبتمبر (2001)، حيث تم تهجير السكان المدنيين (في أفغانستان)، وكان هناك الكثير من العنف، ولكن ... التمرد (مقاومة الغزو) استمر". وذكّرت "بوليتيكن" كذلك بتصريحات بايدن التي دعا فيها الاحتلال الإسرائيلي إلى عدم تكرار أخطاء واشنطن بعد "هجمات 11 سبتمبر"، وترك الغضب يتحكم بهم.
وبعدما أكدت الصحيفة أنه بعد 76 سنة من تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي "تبدو دولة منقسمة"، وبأن وعود النصر في غزة تذهب مع استمرار الحرب في غزة، انتقلت للحديث عن تأثير استهتار "حكومة اليمين المتطرف ونتنياهو بخطوط بايدن الحمراء"، مؤكدة أن ذلك "يضع واشنطن أمام حقيقة مفادها أن العديد من حلفاء أميركا العرب المهمين سئموا انتظار نتنياهو وحكومته اليمينية".
وشرحت في السياق أن "مصر، أكبر دولة سكانية عربية، وأول من وقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، ترفض السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي على الجانب الفلسطيني، وهي شريك رئيسي لأميركا، وتريد رؤية سلطة فلسطينية في غزة وليس جيشاً إسرائيلياً". وأضافت في قراءتها أن "دولة الإمارات العربية المتحدة ترفض بسخرية توقع نتنياهو أن تساعد في إعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب. فأبوظبي تقول لتل أبيب وواشنطن يمكنكما نسيان ذلك"، مشددة على أن الأمر "مرتبط بإقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية". ورأت أيضاً أن الموقف السعودي "يقول ذات الشيء، حيث راهن بايدن على إمكانية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وأوضحت الرياض مجدداً أن ذلك لن يكون إلا إذا حصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة".
وختمت صحيفة بوليتيكن افتتاحيتها بالقول إنه على الرغم من تأكيد بايدن أنه يتفق مع الحلفاء العرب بأن غزة يجب أن تُحكم من الفلسطينيين، وأن مسؤولية منع المساعدات الدخول إلى غزة هي مسؤولية إسرائيلية، وأنه يجب أن تكون للفلسطينيين دولتهم، رغم معارضة نتنياهو، إلا أنه لا يزال ينتظر "خطة اليوم التالي" من نتنياهو، مع تأكيده أن الولايات المتحدة تلتزم بالدفاع عنها. وبلغة ساخرة أنهت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "نتنياهو والحكومات العربية يسمعون ما يقوله بايدن. وهم ينتظرون ليروا ماذا سيفعل".