تناولت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الاثنين، الانتخابات الفلسطينية المرتقبة من زاوية اهتمامها بالمرشحين لرئاستي السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي.
وتحت عنوان "من السجون الإسرائيلية... المرشح المفضل للرئاسة الفلسطينية"، رأت الصحيفة، في تقرير، أنه "يمكن للزعيم الشعبي الفلسطيني مروان البرغوثي الفوز بأول انتخابات رئاسية فلسطينية منذ 2006. ومن داخل زنزانة إسرائيلية يقضي فيها حكماً بخمسة مؤبدات، هو بمثابة الجوكر الكبير والفائز المحتمل بالانتخابات التي أُعلن عنها للتو، حيث ستجرى لمجلس النواب (التشريعي) في 22 مايو/ أيار والرئاسية في 31 يوليو/ تموز المقبلين، كما كتبت صحيفة العربي الجديد". (مع إشارة إلى الموقع الإنكليزي لتقرير "العربي الجديد").
وتناولت "بوليتيكن" في افتتاحيتها ما يمكن أن يشكله ذلك الترشح للاحتلال، ولبعض الأطراف الفلسطينية، بالقول إنه "بالنسبة لإسرائيل سيكون الأمر معقداً للغاية إذا ما جرى انتخاب رئيس فلسطيني أو رئيس برلمان من داخل معتقلاتها، فهي تخشى أن الحكم القاسي ومرور 19 عاماً منذ اعتقاله في 2002، أمران لن يمنعا البرغوثي، البالغ اليوم 62 عاماً، من ترشحه وفوزه من خلف الجدران السميكة لزنزانته".
ومضت تستعرض مواقف مختلف الأطراف من مسألة ترشح البرغوثي بتناول مواقف فلسطينية، قائلة إنّ "رئيس السلطة محمود عباس، البالغ اليوم 85 عاماً، يشعر بالقلق من أن سلطته وقيادته لحركة فتح، التي تهيمن على الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، ستواجهان تحديًا من قبل رجل يمكن أن يكون بسن ابنه، ويتمتع بشعبية كبيرة، من زنزانته الإسرائيلية". ومضت مذكّرة بأنّ "حركة حماس، المسيطرة على قطاع غزة المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي، تشعر بأنّ ترشح البرغوثي قد يسحب البساط من تحت سيطرتها".
ولم تستبعد قراءة "بوليتيكن" للانتخابات الفلسطينية أن يجرى "إلغاء الانتخابات، فقد حدث ذلك من قبل، رغم عدم تأكيد البرغوثي ترشحه بعد". وذكرت الصحيفة أنه "في الماضي أثار ترشيحه ضجة كبيرة في الأراضي الفلسطينية، حيث يحكم عباس بمراسيم منذ انتهاء ولايته قبل سنوات، وإذا خاض البرغوثي الانتخابات، فإنه قادر على الفوز فيها بحسب ما تقدمه استطلاعات الرأي الفلسطينية، وبالتالي، سيشكل تحدياً لكل من (فتح) و(حماس)، ناهيك عن الاحتلال الإسرائيلي".
وعن حل معضلة دولة الاحتلال مع ترشيح وفوز البرغوثي، قالت "تصفه إسرائيل بأنه إرهابي، وذلك لن يكون إشكالية كبيرة، فخطابها نفسه لم يمنعها من التفاوض وإبرام اتفاق مع الأب الروحي للشعب الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في 1993".
وفصّلت في هذا الشأن بالقول إنّه "بذات الصبغة أُطلق على مناحيم بيغن (رئيس حكومة الاحتلال بين 1977 و1983) صفة الإرهابي، وهي نفس التهمة التي وصف فيها إسحاق شامير (حكم مرتين بين 1983-1984 ومن 1988 حتى 1992)، فمنذ شبابهما سميا بالإرهابيين، وذلك لم يمنع أيضاً الفلسطينيين من التفاوض معهما". الصحيفة ترى أيضاً أنّ "الجميع، سواء في المجتمع الفلسطيني أو الإسرائيلي، ينتظرون ليروا ما إذا كان البرغوثي سيرشح نفسه".
وتقدم "بوليتيكن" سيناريو لوراثة رئاسة "أبو مازن" بقولها إنه "يمكن لمحمود عباس الاستقالة وترشيح البرغوثي زعيما جديدا لحركة فتح، بيد أن ذلك لن يحدث من دون شعور بالاستبعاد من قبل قادة فتح الآخرين، ولا أحد يعرف ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى صراع داخلي في الحركة".
وتضيف الصحيفة في ذات الاتجاه أنه "يمكن أيضاً لعباس أن يراهن على إعادة انتخابه، أو تسليم المنصب إلى أحد قادة فتح المعروفين لديه، ثم ترك مروان البرغوثي يترشح لمنصب أقل، كرئيس للبرلمان الفلسطيني في رام الله. وذلك كله لا يمنع أيضاً ذهاب البرغوثي إلى تأسيس حزبه الخاص، ما يضع حركتي (فتح) و(حماس) في مواجهة معه حتى النهاية".
يمكن أيضا لعباس أن يراهن على إعادة انتخابه، أو تسليم المنصب إلى أحد قادة فتح المعروفين لديه ثم ترك مروان البرغوثي يترشح لمنصب أقل
وفي كلا الحالتين، سواء ترشح لمنصب الرئاسة أو رئاسة المجلس التشريعي، ترى الصحيفة أنّ "ذلك قد يتسبب بوضع معقد للإسرائيليين، فهذه انتخابات ستجرى للمرة الأولى منذ 2006، ومثل بقية المرات هي تحت الاحتلال في الضفة والحصار في غزة، وأدت تلك الانتخابات إلى صراع بين فتح وحماس التي سيطرت على قطاع غزة".
وتعيد "بوليتيكن" التأكيد على أن "المنطقتين (الضفة وغزة) تحت الاحتلال وسيطرته، فلا الرئيس ولا البرلمان في رام الله لديهما جيش ولا هما يقرران شيئاً غير القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، وهما مضطران للتعاطي مع وجود المستوطنين الإسرائيليين في المناطق التي يجب أن تكون بحوزتهما لإقامة دولة فلسطينية".
بانتظار وساطة بايدن
وعن العامل الأميركي في المعادلة، ترى "بوليتيكن" أن "انتخابات القيادة الفلسطينية تأتي بعيد مجيء قيادة أميركية جديدة، حيث الطرف الأميركي هو الأكثر فعالية في الوساطة في تلك المنطقة، بأفكار لبناء سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث يركز الرئيس الأميركي جو بايدن، على عكس سلفه، على حل الدولتين وعلى وقف مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية، لذلك قد يكون وجود زعيم وحكومة فلسطينية جديدين أمرا حاسما في محادثات سلام محتملة".
وقالت الصحيفة إنّ البرغوثي "يحظى باحترام بسبب حديثه عن قوميته، وهو وجه معروف للإسرائيليين يجيد العبرية ودرس العلوم السياسية، وجرى في الانتفاضة الأولى بين 1987 و1992 ترحيله قسرياً إلى الأردن التي بقي فيها 7 سنوات، وخلال الانتفاضة الثانية عام 2000، اتهمته إسرائيل بالتحريض على الهجمات العنيفة ضدها".
ورغم أن الرجل محكوم بخمسة أحكام سجن مدى الحياة، إلا أنه من الشائع بين الفلسطينيين والإسرائيليين اعتبار البرغوثي الأسير الفلسطيني الأشهر في السجون الإسرائيلية (موضوع تبادل)، مستقبلا، في صفقات تبادل الأسرى، أو الاتفاقات السياسية بين الطرفين، و"في حال فوزه في الانتخابات الفلسطينية، فإن ذلك يمكن أن يجعله أكثر أهمية للفلسطينيين وسجينًا أكثر حساسية للإسرائيليين"، تختم الصحيفة.