أكد سياسيون ونشطاء سياسيون في الداخل الفلسطيني أن وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير يصعد ضد فلسطينيي الداخل، بالذات في المدن الساحلية والنقب، عبر تلويحه بفصل جديد من عدوان "حارس الأسوار" الذي حصل عام 2021، وتخلله تصعيد على جانبي الخط الأخضر، كان بن غفير نفسه من أبرز وجوهه المحرّضة.
وكان بن غفير صرّح، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، بأن تقديرات أجهزة الشرطة تتنبأ بأحداث تشبه أحداث هبة الكرامة 2021 التي شملت تصعيدًا في القدس وقمعًا في الداخل الفلسطيني وعدوانًا على غزة، وتوعد بإقامة وحدة "الحرس القومي" لتعزيز أجهزة الشرطة لمحاربة فلسطينيي الداخل.
وخلال أحداث هبة الكرامة، كان فلسطينيو الداخل، بالذات في المدن الساحلية المختلطة، قد خرجوا للدفاع عن أنفسهم بعد أن عمدت المليشيات وعصابات المستوطنين الإرهابية، وبينها منظمة "لاهافا" اليمينية التابعة لحركة "كهانا"، ومنظمتا "لافميليا" و"فتية التلال" القادمتين من مستوطنات الضفة، للاعتداء على أرواح وبيوت وممتلكات فلسطينيي الداخل وأماكنهم المقدسة، في كل من حيفا ويافا وعكا واللد والرملة وطبريا. وارتقى في مدينة اللد الشهيد موسى حسونة، وحتى الآن لم يقدم أي شخص مشتبه به إلى المحكمة؛ بينما ما زال يقبع المئات من معتقلي هبة الكرامة في السجون الإسرائيلية، ولا تزال محاكمة آخرين سارية.
وفي السياق، عقّب عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة من يافا، قائلًا لـ"العربي الجديد": "في تقديري، هم معنيون بأن يوتروا المنطقة من خلال العنف وحسم الملف الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر. بن غفير، يوجه إلى هذا الاتجاه، لتكون معركة تحسم بالعنف ويحقق من خلالها رؤيته السياسية".
ويلفت أبو شحادة إلى أن بن غفير "كان له دور مركزي في هبة الكرامة 2021، عبر التصعيد بالقدس والشيخ جراح وفي باقي المدن الساحلية، والتي تسمى (المدن المختلطة)، ومؤيدوه شاركوا في عمليات إرهابية".
وأردف قائلًا: "هناك برنامج سياسي لتوسيع الاستيطان بشكل أكبر في الجليل بعد خطة فك الارتباط بغزة"، مبينًا أن "المعلومات والتنبؤات بأننا على شفا عملية حارس الأسوار 2 غير مستقاة من أجهزة المخابرات الإسرائيلية كتلك التي كانت في 2021؛ لأنه هو يريد ذلك وهو يقود، بهذا الاتجاه بشكل واعٍٍ إلى هناك. وسيستمر حتى يصل بالقوة إلى ما يريد".
وفي السياق، قال رئيس اللجنة الشعبية في مدينة اللد، المحامي خالد الزبارقة: "بن غفير منذ بروزه كشخصية سياسية في الكنيست وهو يحرض على العرب ليل نهار. أقرأ هذا التصريح من طرفه الآن كوزير للأمن القومي يريد أن يخلق حالة من العداء وينمي الشعور العدائي للمجتمع الإسرائيلي وللأجهزة الأمنية الإسرائيلية تجاه العرب، ويحول العرب كهدف للسياسات الإسرائيلية. ويأتي ذلك في سياق النهج الذي يمارسه بن غفير والسياسة الإسرائيلية بشكل عام ضد الوجود العربي".
ولفت إلى أن "بن غفير يقصد بـ(حارس الأسوار 2) المجتمع في الداخل الفلسطيني وليس الحرب على غزة. لذلك هو يوجه سهامه إلى المجتمع وخاصة في المدن المختلطة لأنه يعتبر الوجود العربي في المدن المختلطة مقلقًا جدًّا، ومن ثم فهو يخلق هذه الأجواء العدائية".
وأكد أن بن غفير "يحاول أن يعطي شرعية للمليشيات اليهودية الإرهابية، التي ارتكبت اعتداءات إرهابية في المجتمع العربي، وتربت في دفيئات العنف والإرهاب في المستوطنات الإسرائيلية لإعطائها الشرعية القانونية. يريد أن يعطيها اللباس القانوني والسلاح القانوني، والصلاحيات القانونية من أجل شرعنه الاعتداء على الوجود العربي بشكل مباشر.
وأشارإلى أن "ما كان في حارس الأسوار رقم 1 هو أنهم أتوا بهذه المجموعات الإرهابية للاعتداء على الوجود العربي. اليوم يريدون إعطاء هذه المجموعات الإرهابية الصفة الرسمية مع صلاحيات قانونية حتى تكون الاعتداءات مسنودة قانونيا".
ويشرح قائلًا: "من عاش تفاصيل هبة الكرامة عام 2021، ورأى بأم عينه ما جرى في المدن المختلطة وتجوال هذه المجموعات الإرهابية وسط العرب من أجل الاعتداء عليهم، والذي رأى الحماية القانونية التي أعطتها الشرطة والمخابرات الإسرائيلية لها، يفهم تماما ما الذي يقصده بن غفير، لذلك نقول إن هذه هي سياسات الدولة وليست سياسات بن غفير".
ويمضي الزبارقة إلى القول: "عشنا في اللد ارتقاء الشهيد حسونة، حرق بيوت وممتلكات واعتداءات، ولم يتم التحقيق مع أي يهودي. بل بلدية اللد أعطت لمليشيات المستوطنين مبنى اللد مقرا لنشاطها من أجل الاعتداء على العرب وتخويفهم، والغاية ترحيلهم من أجل العبث في الميزان الديموغرافي لمصلحة اليهود بواسطة العنف والإرهاب".
من جهته، يرى الكاتب أنطوان شلحت من عكا أن إعلان إيتمار بن غفير "يؤكد ما سبق أن حذر منه مسؤولون إسرائيليون، بأنه يسعى إلى إنشاء جيش خاص سيكون هدفه الأبعد ضمان سيطرة التفوق المطلق للهوية اليهودية إثنيا ودينيا".
ويضيف: "أعتقد أن بن غفير لا ينطلق فقط من مفهوم الدفع قدما بأفكاره الفاشية والمعادية للفلسطينيين في الداخل لمجرد كونهم فلسطينيين، إنما أيضا من حقيقة أن هناك أجواء تشكل أرضية خصبة لهذا التوجه الأكثر توحشا، وهو ما يشير إليه تصريحه بأن إسرائيل على أعتاب ما سماها (عملية حارس الأسوار 2)، في إشارة إلى هبة الكرامة الفلسطينية التي اندلعت في مايو/أيار 2021 وشملت مدن الساحل الفلسطيني أو ما يعرف بالمدن المختلطة؛ فمنذ تلك الهبة تعمد الشرطة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية المختلفة إلى تشديد القبضة الحديدية ضد فلسطينيي 48 مثلما انعكس ذلك في حملات اعتقال وتنكيل وأحكام مشددة بالسجن. ويمكن القول إن بن غفير، وجد فرصة مواتية وأرضا خصبة للمضي في هذا المسار نحو ذروة أخرى أكثر توحشا... وبرأيي يجب على مجتمعنا الفلسطيني في الداخل وقواه السياسية الاستعداد منذ الآن لمواجهة مثل هذه النزعات العدوانية".
من جهته، عقّب الناشط السياسي أمير مخول على إعلان بن غفير قائلًا إن "حارس الأسوار 2 بلغة ومفاهيم (بن غفير) تعني عدوانًا شاملًا على الشعب الفلسطيني بمن فيه فلسطينيو 48 وحصرياً المدن الساحلية والنقب. كما يعني ذلك من حيث التوقيت استهداف جماهير شعبنا مع اقتراب شهر رمضان المبارك".
وأشار إلى أن "رد الوزير حسب خطته هو البدء في تنفيذ إقامة "الحرس القومي" والمبني على 10,000 من المتطوعين ممن خدموا في قوات الأمن ضمن المهام القتالية، والذي يشكّل خطوة متقدمة في تأسيس منظومة مليشيات شرطوية رسمية لقمع الجماهير العربية الفلسطينية، تعمل في خدمة أهداف بن غفير ونواياه الشخصية وتحت إمرته المباشرة، وللتنويه فإنّ حزب (عوتسما يهوديت) هو الذي بادر بقيادة نائبه ألموغ كوهين إلى إقامة مثل هذه المليشيات في النقب والساحل".
وأكد على أن تنظيم المجتمع الفلسطيني "ينبغي أن يكون أولوية لقراءة التحديات والمخاطر والاستعداد للتصدي لها، كما أن مطلب الحماية الدولية، بدءا بإطلاع المؤسسات الدولية والسفارات الأجنبية على المخاطر، ومطالبتها بتحمل مسؤولياتها فعليا، يضاف إلى العمل فلسطينيا وعربيا".