بن زايد في دمشق... رواية إبعاد الأسد عن إيران

11 نوفمبر 2021
أول لقاء بين األسد وبن زايد منذ أكثر من عشر سنوات (سانا)
+ الخط -

حطّ وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد رحاله، أول من أمس الثلاثاء، في العاصمة السورية دمشق ساعات عدة، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات، كان النظام السوري يعيش خلالها شبه عزلة عربية، بسبب رفضه كل المبادرات لإيقاف الحرب التي شنها على السوريين المطالبين بتغيير في بلادهم. واحتفى إعلام النظام السوري بالزيارة، ووصفتها صحيفة "الوطن" بأنها "بداية انفتاح عربي" على النظام، الساعي بكل الوسائل للعودة إلى جامعة الدول العربية، بعد أن تم تعليق عضوية سورية في عام 2012. ولا تُعدّ زيارة بن زايد بمثابة الخطوة الإماراتية الأولى تجاه النظام السوري، إذ كانت أبو ظبي سبّاقة في إعادة فتح سفارتها في دمشق في 2018. وسبق الزيارة اتصال هاتفي أجراه رئيس النظام السوري بشار الأسد مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. واتخذت أبو ظبي من تفشي وباء كورونا في سورية، غطاءً لإرسال عدة طائرات محمّلة بمساعدات للنظام السوري. وكانت دول الخليج العربي قطعت علاقاتها مع النظام السوري في عام 2011، باستثناء سلطنة عمان، بسبب رفض النظام التجاوب مع مبادرات عربية عديدة لإيجاد حلول سياسية ومحاصرة الحريق، الذي امتد لاحقاً إلى عموم البلاد بسبب انتهاج النظام الحل العسكري والأمني في مواجهة الثورة. وتندرج الزيارة التي قام بها بن زايد إلى دمشق في سياق خطوات حثيثة من دول عربية تجاه الأسد، الذي سبق أن أجرى اتصالا هاتفيا قبل نحو شهر بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مع إعادة افتتاح مركز جابر - نصيب الحدودي مع سورية أمام المسافرين وحركة الشحن. وكان وزير السياحة في حكومة النظام محمد مارتيني، قد شارك بدعوة من المملكة العربية السعودية في شهر مايو/أيار الماضي، في اجتماع للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في الرياض، وهو ما اعتُبر تبدلاً في موقف الرياض تجاه النظام السوري.


واشنطن: لا ندعم مساعي تطبيع العلاقات مع الأسد

في المقابل، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عن "قلق" واشنطن من الزيارة، حاثًاً دول المنطقة على التفكير ملياً في "الفظائع" التي ارتكبها الأسد. وقال برايس في إفادة صحافية اعتيادية "نشعر بالقلق إزاء التقارير عن هذا الاجتماع والإشارة التي يبعث بها". وأضاف "مثلما قلنا من قبل، لن تعبّر هذه الإدارة عن أي دعم لمساعي تطبيع العلاقات مع بشار الأسد، الديكتاتور الوحشي".

وحول الزيارة الإماراتية والتعليق الأميركي، اعتبر الباحث في مركز "الحوار السوري"، أحمد القربي، أنه "حدث تبدل في السياسة الأميركية تجاه القضية السورية"، مضيفاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "من الواضح أن الإدارة الأميركية تولي ملفين أهمية في القضية السورية. الأول هو ملف المساعدات الإنسانية، والثاني تطويق النفوذ الإيراني في سورية". ورأى أنه وفق هاتين المقاربتين يتضح أن واشنطن قدمت تنازلات لموسكو في ملف العقوبات الأميركية على النظام السوري، وملف التطبيع. وأن موسكو تحاول جاهدة إعادة تعويم النظام من عدة مداخل، أحدها عودته إلى الجامعة العربية.

وأشار القربي إلى أن الزيارة "حلقة من سلسلة للتطبيع مع الأسد، بدأت مع زيارة العاهل الأردني أخيراً إلى واشنطن، وكان من الواضح أنه أخذ ضوءاً أخضر من الأميركيين للبدء في التطبيع مع الأسد"، مضيفاً أن عمان قدمت "لا ورقة" للإدارة الأميركية تخص الملف السوري، دعت فيها إلى تقديم حوافز للنظام. وأعرب عن اعتقاده أن "بعض الدول العربية ترى أن نظام الأسد انتصر، وأن الحد من النفوذ الإيراني في سورية يمر عبر إعادة هذا النظام الى المحيط العربي". ووضع زيارة وزير الخارجية الإماراتي في سياق "محاولة سحب النظام من الحضن الإيراني في مقابل تقديم حوافز، تحديداً في ملف إعادة الإعمار". ولكن القربي اعتبر أن المحاولات لإبعاد النظام السوري عن إيران مجرد "حرث في الهواء"، غير أنه توقع أن يكون هناك بعد أمني في الزيارة، وهو التعاون مع نظام الأسد "في ملف مكافحة الإرهاب وهو ملف حاضر لدى الإدارة الأميركية، وهذا ما يفسر وجود رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في الوفد الإماراتي علي محمد حماد الشامسي".


محاولات إبعاد النظام عن إيران لن تنجح

من جهته قال المتحدث باسم "هيئة المفاوضات" التابعة للمعارضة السورية، يحيى العريضي، في حديث مع "العربي الجديد" إنه "لم يتغير شيء في سورية كي تحدث هذه الزيارة"، مشيراً إلى أن القصف مستمر من قبل النظام والاعتقالات باتت أكثر شراسة، وأن هناك سوريين يقتلون تحت التعذيب. كما شدّد على "عدم تبدّل شيء في الجانب السياسي"، مضيفاً أن النظام يتملص من تطبيق قرارات الشرعية الدولية تحت مرأى العالم كله. وأكد أن الزيارة "مرفوضة تحت أي ذريعة كانت"، معرباً عن اعتقاده بأنها تمت "بدفع من موسكو، التي تحاول إعادة تأهيل نظام بشار الأسد في سورية، لأنه الوحيد الذي يعطيها غطاء لاحتلالها سورية". وأشار إلى أنه "لا يمكن فصل النظام عن الجانب الإيراني، وبالتالي إن هذه الزيارات تدعم العلاقة القائمة بين نظام الأسد وطهران وليس العكس كما يتوهم البعض"، معرباً عن اعتقاده بأن الموقف الأميركي من نظام الأسد "ثابت ولم يتغير". وتطرق العريضي إلى "قانون قيصر"، مؤكداً أن القانون جزء من المنظومة القانونية الأميركية، وأن تعديله أو الغاءه لا يتم إلا عن طريق الكونغرس. ونظام الأسد لا يمكن تسويقه مرة أخرى واللعبة الروسية الإماراتية قصيرة العمر ولن تنجح في إعادة تأهيل منظومة استبدادية.