بلينكن يتجنب إحراج شكري بشأن "حقوق الإنسان" ويشيد بلقاءات السيسي مع الإسرائيليين

08 نوفمبر 2021
شكري وبلينكن خلال مؤتمرهما الصحافي اليوم (Getty)
+ الخط -

تجنب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن توجيه انتقاد مباشر إلى نظيره المصري سامح شكري، في المؤتمر الصحافي الذي جمعهما مساء اليوم الاثنين، بعد جلسة المشاورات الأولى في الحوار الاستراتيجي الذي يُعقد الآن بين البلدين، في ما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان، الذي طالما تحدث عنها الرئيس الأميركي جو بايدن قبل انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، منتقدًا فيها سياسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمع المعارضة والمعارضين.

وجات قضية حقوق الإنسان في الترتيب الثالث في "الأولويات" الذي ذكرها بلينكن في كلمته بالمؤتمر الصحافي، التي بدأها بالترحيب بشكري، قائلًا إنهما عرفا بعضهما بعضاً منذ سنوات طويلة، وأنه في العام القادم سوف تحتفل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بالذكرى السنوية المائة، في مجالات التعاون، مشيرًا إلى أن الحوار الاستراتيجي بين البلدين لم يعقد منذ 2015، لكن حوار هذا العام -كما قال بلينكن- "سوف يغطي جملة من المجالات".

الأمن القومي وإشادة بلقاءات السيسي والإسرائيليين

وأكد الوزير الأميركي أن "الأولوية الأولى بالنسبة للولايات المتحدة في هذا الحوار هي مسألة "الأمن الإقليمي". قائلًا إنه "منذ 40 سنة وتحديدًا عندما تم توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، لم نرى هذا الاتفاق أكثر قوة، إلا من خلال زيارات السيسي ولقاءاته المتعددة بالإسرائيليين، وكافة طرق الوساطة التي كانت ضرورية لوقف العمليات العدائية التي ساهمت بشكل كبير في تحسن حياة عدد كبير من السكان الفلسطينيين".

إخراج المرتزقة من ليبيا

وفي المقام الثاني، جاءت كل من ليبيا وإيران والسودان وإثيوبيا، في كلمة بلينكن، وقال إن "مصر لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز عملية السلام، وإننا عملنا سويا من أجل الدفع في المسار الاقتصادي هناك. ونحن ممتنون للدور الذي لعبته مصر في مسألة إخراج المرتزقة من ليبيا"، مضيفًا: "نشاطر مخاوف حقيقية مما تقوم بها إيران في برنامجها الصاروخي، والأعمال الخبيثة التي تقوم بها في احتجاز مواطنين أميركيين". وتابع: "سوف يعزز سلاح إيران النووي حالة عدم الاستقرار".

وحول السودان، قال الوزير الأميركي: "نشاطر مصر ضرورة عودة العملية الانتقالية إلى الخط الصحيح. وقد يكون الطريق الوحيد من خلال إقامة حكومة للشعب الذي طالب بالديمقراطية، وكما ناقشت مع المسؤولين السودانيين، فإنه يجب رفع حالة الطوارئ".

وقال بلينكن في كلمته إن "الأزمة في إثيوبيا تقض المضاجع في القرن الإفريقي. وقد خضنا مع جميع الأطراف من أجل تشجيع محادثات "من دون أي شروط مسبقة" من أجل وقف إطلاق النار. وأيضا في ما يتعلق بسد النهضة".

وأشار بلينكن إلى أن "هذا الحوار يشكل فرصة لدعم الجهود في قضية التغيرات المناخية. وأن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 8 ملايين دولار إلى مصر من لقاحات كورونا ضمن مبادرة كوفاكس".

ترحيب بإطلاق مصر لاستراتيجية حقوق الإنسان

وفي المرتبة الثالثة من كلمته جاءت قضية حقوق الإنسان في مصر، وقال الوزير الأميركي: "فريقنا قد ناقش مسألة حقوق الإنسان، ونرحب بإطلاق مصر لاستراتيجية حقوق الإنسان، التي يمكن من خلالها إصلاح كافة الأطر التنظيمية وضمان حرية التعبير وحرية الصحافة، وهناك بعض القضايا مثار القلق التي يمكن من خلالها اتخاذ الخطوات، ليس لأن الولايات المتحدة تطالب بذلك أو أي طرف آخر، لكن كما قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، لأن ذلك يصب في مصلحة الشعب، وأن ما تقوم به مصر والخطوات التي تتخذها هي الصحيحة والمناسبة للشعب المصري. وقد ناقشنا هذا الصباح أيضًا الخطوات التحسينية الملموسة التي اتخذتها مصر وسوف تستمر الولايات المتحدة في دعم مصر في هذه الجهود".

وتابع بلينكن في كلمته: "أما الأولوية الرابعة فهي التعاون الاقتصادي. وإذا ما عدنا إلى عام 1987 فإن الولايات المتحدة قد استثمرت أكثر من 20 مليار دولار في مشاريع تنموية في مصر، وهذا الأمر كان مشروعًا مدته 5 سنوات". مضيفًا أنه "على مر هذه الجهود الدؤوبة كنا عملنا على تعزيز مصر في عملية شاملة نافعة تعود على الشعب".

وتابع بلينكن: "أخيرا بالنسبة للأعمال التي أجرتها الحكومتان، فإن جل العمل مبني على العلاقات التي تجمع شعبينا. فقد قدمت حكومتنا منحًا دراسية لأكثر من 23 ألف طالب مصري، إضافة لبرنامج القيادة العربية".

وختم الوزير الأميركي كلمته قائلًا إنه "لا بد من الاستثمار في المناخ والشعب والشراكة في الاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان".

أما الوزير المصري سامح شكري، فبدأ كلمته قائلًا إن وجوده في واشنطن مع الوفد الذي جاء من كافة أطياف الحكومة "يعبر عن الصداقة المتينة بين البلدين".

وقال إن "منطقة الشرق الأوسط لا تزال تواجه تحديات عميقة، والشراكة بين مصر والولايات المتحدة أساسية للحفاظ على السلام وتأمين الاستقرار الذي هو حجر أساس في المنطقة المضطربة"، مضيفًا أنه "على مدى 4 عقود سعينا لتعزيز كافة سبل التعاون فيما بيننا وسنسعى لتحقيق أهدافنا المشتركة. وبقيت مصر هي الشريك الموثوق به لتحقيق رؤيتنا المشتركة. ومن الطبيعي بين الشركاء ألا تتفق كل الآراء، لكن ما من مرة من المرات كانت سياساتنا الأساسية تختلف فيما بيننا".

وقال شكري: "لقد وقفنا في وجه المحن والصعوبات كافة، وتغلبت مصر على كافة الاضطرابات التي مرت بها، والآن تقف على أرضية صلبة وتستطيع أن تعمل على تعزيز الاستقرار في المنطقة". مضيفًا: "كل من الدولتين يتمتع بمستوى تنسيق عال في غزة، وإن تعاوننا العسكري كان أكثر أهمية في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة حتى تعمق على مستويات كثيرة، وكان تجسُّد آخر وجه منه في سبتمبر من خلال تبادل الزيارات بين كبار القادة العسكريين. وحتى اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة والتعاون اللوجستي الذي تسعى من خلاله أميركا إلى الحفاظ على مصالحها الأساسية في المنطقة وإظهار قوتها في المنطقة".

وتابع الوزير المصري قائلاً إن "التعاون ليس أمنياً فقط، بل هناك مجالات أخرى بمجالات تعليمية وثقافية الأمر الذي يوطد العلاقات بين الحكومات والشعب".

وقال شكري: "ندرك على الصعيد الداخلي أننا لا نزال نواجه تحديات كثيرة، ولا سيما في ظل ما عشناه في الفترة الأخيرة، ولكننا سوف نواجه هذه الصعوبات من دون أي مبالغة. نعلم أن العالم كله يواجه تحديات من دون أن تتم عرقلة حياة الشعوب، لكن مصر سوف تنجح والمجتمع سوف يمضي قدما"، "وعلى صعيد حقوق الإنسان كنا قد لعبنا دورًا أساسيًا في ضمان الحقوق المدنية والاجتماعية، فهذه عملية متطورة، ولا بد لكل دولة أن تأخذ بعين الاعتبار نسيجها الاجتماعي والواقع الذي تعيشه وخلفيتها الدينية والثقافية، وإذا كان هناك درس يمكن تعلمه فإنه الحاجة المشتركة إلى احترام المجتمعات في ظل وقوفها أمام التحديات. ولا بد لنا أن نترك للشعب المصري أن يقرر ما الذي يرغب فيه من حيث النظام الاجتماعي والاقتصادي، لكننا سوف نضمن رفاهية الشعب المصري".

وقال شكري أيضًا إن "استراتيجية حقوق الإنسان التي استندت إلى عملية تشاورية أخذت مدخلات أصحاب المصلحة، وأدت إلى إنهاء حالة الطوارئ والعمل على إقامة دولة حديثة تنفع المواطنين"، مضيفًا أن "تجربة السنوت العشر الأخيرة أثبتت أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة والنسيج الاجتماعي، وهو أمر مهم وأساسي للوفاء بتطلعات الشعب المصري لمواجهة التطرف"، على حد قوله.

وختم شكري كلمته قائلًا إن "مصر موجودة، وتسعى لتحقيق شراكة وحوار دائم مع الولايات المتحدة، لا يمكن أن تتم من خلال طموح ضيق النطاق".

واستقبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الاثنين في واشنطن، نظيره المصري سامح شكري، قبيل انعقاد الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، حيث جرى تناول "سُبل دفع ملفات التعاون الثنائي بما يتناسب مع عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، وعدد من القضايا الدولية والإقليمية التي تهم البلديّن".

المساهمون