- بلاسخارت وصفت الانتخابات المحلية في ديسمبر 2023 بالناجحة، لكن تحدثت عن المفاوضات السياسية المتعثرة والمأزق في إقليم كردستان العراقي.
- العراق طلب إنهاء مهام بعثة يونامي بنهاية العام المقبل، معتبرًا أن الظروف التي كانت تبرر وجودها لم تعد قائمة، في خطوة نحو إنهاء عمل بعثات دولية عدة.
أشادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثتها (يونامي) جينين هينيس بلاسخارت، بما حققه العراق خلال العشرين سنة الماضية، منذ أن جرى نشر بعثة الأمم المتحدة فيه لأول مرة، مشددة في الوقت ذاته على وجود تحديات كثيرة ما زالت تواجه البلد. جاء ذلك خلال إحاطتها الدورية لمجلس الأمن الدولي في نيويورك. ويشار في هذا السياق إلى أن هذه آخر إحاطة تقدمها للمجلس في منصبها الحالي الذي ستغادره نهاية الشهر. وكانت قد أعلنت عن ذلك في إحاطتها الأخيرة قبل قرابة ثلاثة أشهر. وتأتي هذه الإحاطة كذلك في ظل طلب العراق رسمياً إنهاء مهام البعثة بحلول نهاية العام المقبل.
وفي الوقت الذي أكدت فيه بلاسخارت التقدم الذي حققه العراق على العديد من المستويات، إلا أنها أكدت أن "هذا لا يعني أن كل شيء على ما يرام (...) فالفساد والانقسامات والإفلات من العقاب والتدخل غير المبرر في وظائف الدولة والجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة، وبينما تتصدى الحكومة لهذه الآفات، فإنها لا تزال تمثل عقبات كبيرة يجب التغلب عليها".
الانتخابات العراقية
وتطرقت المسؤولة الأممية للانتخابات المحلية في ديسمبر/كانون الأول 2023، واصفةً إياها بالناجحة، ومؤكدةً أن أغلب مجالس المحافظات تعمل، باستثناء محافظتي ديالى وكركوك، حيث إن المفاوضات السياسية ما زالت تواجه طريقاً مسدوداً. وأشارت كذلك إلى استمرار المفاوضات منذ ستة أشهر لاستبدال رئيس البرلمان العراقي، وإلى فشل المفاوضات في تحقيق أي نتائج حتى الآن. ولفتت الانتباه إلى التصويت الذي من المتوقع أن يجريه البرلمان العراقي السبت المقبل في هذا الصدد، وعبرت عن أملها في أن يتكلل بالنجاح.
وتوقفت كذلك عند إقليم كردستان العراقي، ووصفت المشهد السياسي هناك بأنه "أكثر استقطاباً، فبعد تأجيلات متعددة، جرى تحديد موعد الانتخابات الإقليمية التي طال انتظارها في 10 يونيو/ حزيران، لكن في 18 مارس/آذار، أعلن أحد الأحزاب الحاكمة قراره بعدم المشاركة في هذه الانتخابات"، قائلةً إنها "لن تخوض في تفاصيل ما حدث بعد ذلك، لكن الجدير بالذكر اليوم هو أنه في هذه الأثناء، توقفت الاستعدادات لانتخابات 10 يونيو/ حزيران".
وشددت المسؤولة الأممية على الحاجة الماسة إلى انتخابات إقليمية شاملة، قادرة على تحقيق اليقين السياسي، مؤكدة في الوقت ذاته أن "المخاطر كبيرة، وعلى نحو متزايد، في سياق شرعية مؤسسات حكومة إقليم كردستان. وفي الواقع، إذا استمر المأزق الحالي، فإن مستقبل المنطقة ذاته سيكون على المحك". وعبرت عن أملها في أن "يجري التصويت بأقل قدر ممكن من التأخير، في موعد لا يتجاوز أربعة أشهر من الآن". وتطرقت المسؤولة الأممية كذلك إلى الوضع في سنجار ومرور تسع سنوات منذ تحرير المنطقة من "داعش". وأشارت إلى أن هذا الصيف يصادف "مرور 10 سنوات على ارتكاب داعش الإبادة الجماعية ضد الشعب الإيزيدي"، لافتة الانتباه إلى ضرورة تحقيق المساءلة، وخاصة أن بعثة الأمم المتحدة في طريقها للخروج من العراق.
طلب العراق إنهاء مهام اليونامي
ويشار في هذا السياق إلى أن رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد السوداني، كان قد بعث رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في وقت سابق من الشهر، يطلب فيها إنهاء مهام البعثة السياسية للأمم المتحدة في العراق (يونامي) بنهاية العام المقبل، والتي حولها الأمين العام بدوره إلى مجلس الأمن الدولي.
ومن ضمن ما جاء في الرسالة أنه وبعد "مرور أكثر من عشرين عاماً على التحول الديمقراطي والتغلّب على تحديات كبيرة ومتنوعة، لم تعد مسوغات وجود بعثة سياسية للأمم المتحدة (يونامي) في العراق متوفرة بعد الآن، واستناداً للحق السيادي لجمهورية العراق (بصفتها الدولة المستضيفة)، وبعد الأخذ بعين الاعتبار حجم بعثة يونامي، وعدد موظفيها، وحاجتها إلى وقت كاف لغرض تصفية أعمالها، ونقل ملفاتها إلى المؤسسات العراقية والوكالات الأممية، لذا ندعو إلى إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بشكل نهائي بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2025، على أن تقتصر جهودها خلال الوقت المتبقي من هذا العام على استكمال أعمالها، فقط في ملفات الإصلاح الاقتصادي، وتقديم الخدمات، والتنمية المستدامة، والتغير المناخي، وغيرها من الجوانب التنموية، وإنجاز التصفية، وتحقيق إجراءات الغلق المسؤول خلال عام 2025".
وتشير الرسالة كذلك إلى طلب سابق للحكومة العراقية، العام الماضي، يتعلق بتمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لعام إضافي أي حتى نهاية مايو/أيار لعام 2024، وتضمن الطلب تقليص ولاية البعثة. وتشير الرسالة التي بعثت مؤخراً، وطلبت إنهاء مهام البعثة بحلول نهاية العام المقبل، إلى أن "مجلس الأمن في قراره 2628 في عام 2023 الخاص بتشكيل فريق الاستعراض الاستراتيجي المستقل، المكلف ببيان الحاجة إلى استمرار عمل أولويات البعثة، لم يقصر التشاور على الحكومة العراقية، كما كان متوقعاً، بل امتد إلى أطراف لم يكن لها دور عند إنشاء البعثة عام 2003". وأشارت الرسالة إلى أن الحكومة العراقية قدمت على الرغم من ذلك "التسهيلات لإنجاز مهمة الفريق". وتشير الرسالة كذلك إلى أن الحكومة العراقية أوضحت "للفريق موقف الحكومة بشأن عدم الحاجة لاستمرار بعثة يونامي، مع التأكيد على أهمية التعاون مع الوكالات الدولية المتخصصة العاملة في العراق، والبالغة 22 وكالة دولية، وفق أولوية المنسق المقيم". ويشار في هذا السياق إلى أن مجلس الأمن سيصوت بحلول نهاية الشهر حول التجديد لمهام البعثة، الذي في العادة يكون لمدة سنة.
وتشكلت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة عقب غزو العراق في 2003، ومقرها في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، للمساعدة في تطوير المؤسسات العراقية، ودعم الحوار السياسي والانتخابات، وتعزيز حقوق الإنسان. ومنذ الاحتلال الأميركي بدأت حكومة العراق في اتخاذ خطوات لإنهاء عمل بعثات دولية عدة، من بينها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، الذي أنشئ في 2014 للتصدي لتنظيم "داعش"، فضلاً عن مهمة الأمم المتحدة التي تشكّلت للمساعدة في تعزيز المساءلة عن جرائم الجماعة المتشددة.
بلاسخارت تغادر العراق
وتعتبر هذه الإحاطة هي الأخيرة التي تقدمها بلاسخارت لتغادر بعدها العراق بشكل نهائي، لتختتم بذلك مهماتها التي بدأت في يناير/كانون الثاني 2018، وفقاً لمصادر في البعثة الدولية ببغداد تحدثت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، وقالت إن البعثة ستغلق بناءً على طلب عراقي، مع بقاء المنسق المقيم لعمل الأمم المتحدة، وسيشمل الإغلاق أقسام الانتخابات، والشأن السياسي، وحقوق الإنسان، وأن بلاسخارت ستغادر العراق بعد يوم 16 من الشهر الجاري.
وكانت بلاسخارت قد تسلمت مهام عملها في العراق منذ 17 يناير/كانون الثاني عام 2018، خلفاً ليان كوبيش، إذ لعبت دوراً كبيراً في الحوارات السياسية، والتقت بجميع قيادات الكتل والأحزاب، وتعرضت لانتقادات شعبية كثيرة، على خلفية تقربها من قادة الفصائل المسلحة، لدرجة أنها لُقبت محلياً بـ"الخالة". وتوّلت بلاسخارت منصب وزيرة الدفاع في هولندا بين عامي 2012 و2017 وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب، إضافة إلى كونها عضواً سابقاً في مجلسي النواب الهولندي والأوروبي.