بغداد رداً على واشنطن: الوجود الفلسطيني قديم ولا مكاتب للحوثيين

17 سبتمبر 2024
رجل يرتدي كوفية تحمل علمي فلسطين والعراق في بغداد، 2 أغسطس 2024 (مرتضى رضا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحذير وزارة الخارجية الأميركية:** حذرت من مخاطر جرّ العراق إلى "صراعات إقليمية" بسبب نشاط حماس والحوثيين، مؤكدة أن وجودهم يهدد استقرار وسيادة العراق.
- **النفي العراقي الرسمي:** نفى المستشار السياسي للحكومة العراقية وجود مكاتب لحماس والحوثيين في بغداد، واصفاً المعلومات بأنها غير صحيحة ومحاولة للضغط على الحكومة.
- **الوضع الفعلي لحماس والحوثيين في العراق:** وجود حماس قديم وغير رسمي، بينما أظهرت جماعة الحوثي أنشطة ولقاءات مع قيادات سياسية دون اعتراف رسمي.

جاء تحذير وزارة الخارجية الأميركية من مخاطر جرّ العراق إلى "صراعات إقليمية"، بسبب ما وصفته بـ"نشاط" لحركة حماس الفلسطينية وجماعة الحوثي اليمنية في العراق، بعد ساعات من نفي رسمي عراقي وجود مكاتب في بغداد للجماعتين، رداً على تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، تحدث عن وجود ما أسماه مكاتب سرية للجماعتين. ووصف مراقبون النفي العراقي الرسمي بأنه غير دقيق في ما يتعلق بجماعة الحوثي تحديداً، إذ سبق للجماعة إعلان أنشطة لها في بغداد تحت عنوان "ممثلية أنصار الله"، التي يتولى إدارتها في العاصمة العراقية أبو إدريس الشرفي.

في المقابل، فإن الوضع في ما يخص حركة حماس مختلف تماماً، لأن الفلسطينيين موجودون في العراق منذ عقود، ولهم أنشطة سياسية وإعلامية، مثل الدول العربية الأخرى التي استقبلت الفلسطينيين بعد الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم عائلات وأعضاء في الحركة يترددون إلى العراق بين وقت وآخر، وآخرون موجودون فيه. وقالت الصحيفة في تقريرها إن حركة حماس وجماعة الحوثي افتتحت كل منهما مكتباً لها في بغداد، مشيرة إلى أنه "لا توجد علامة على بوابة المكتب السياسي لحركة حماس في بغداد، وعنوانها سر يحافظ عليه، والأمر نفسه ينطبق على جماعة الحوثيين التي يبعد مكتبها مسافة قصيرة بالسيارة".

تحذير من جرّ العراق إلى صراعات إقليمية

وبحسب تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، تعليقاً على مزاعم افتتاح الجماعتين "مكاتب سرية" في بغداد، فإن الخارجية الأميركية شاركت الحكومة العراقية "مخاوف" الولايات المتحدة إزاء هذا الأمر. واعتبر ميلر "حماس والحوثيين تنظيمين إرهابيين. والسماح بنشاطهما في العراق يحمل مخاطر ازدياد عدد الجماعات المسلحة التي لها مصلحة في استخدام العنف لتقويض أهداف الحكومة العراقية المتمثلة في تحقيق الاستقرار والسيادة والنمو الاقتصادي". وأكد المتحدث الأميركي أن موقف واشنطن "واضح للغاية" إزاء مزاعم افتتاح "حماس" والحوثيين مكاتب لهما في بغداد. وتابع: "ندعم العراق المستقر والآمن. ووجود هذه الجماعات داخله يهدد بجره إلى صراعات إقليمية أعمق، وقد شاركنا هذه المخاوف بشكل مباشر مع الحكومة العراقية".

نفي عراقي رسمي

في المقابل، نفى المستشار السياسي للحكومة العراقية حسين علاوي هذه المعلومات، ووصفها بأنها غير صحيحة. وأضاف علاوي في تصريحات للصحافيين في بغداد: "الحديث عن مكتب للحوثي وحماس في بغداد غير دقيق، بل غير صحيح، وهو محاولة للضغط على الحكومة"، مؤكداً أن الحكومة العراقية تتعامل من خلال السفارة الفلسطينية في بغداد، ومع اليمن من خلال السفارة اليمنية. وتابع: "قد تكون هناك فعاليات اجتماعية أو إعلامية (لقوى فلسطينية أو يمنية) وتكون ضمن سياق عام وليس رسمياً"، متحدثاً عن أنه "قد يكون هناك تفاعل شعبي واجتماعي مع فلسطين، للقوى العراقية". غير أن تصريحات المستشار الحكومي العراقي، في ما يتعلق بالشق المتصل بأنشطة الحوثيين، تنفيها فعاليات ولقاءات رسمية قدمتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) في بغداد، خلال الأسابيع الماضية، من خلال أبو إدريس الشرفي الذي يُقدم نفسه ممثلاً للجماعة في العراق. وتمتلك الجماعة حسابات على منصات التواصل الاجتماعي في موقعي إكس وتليغرام، تختص بأنشطة ممثلها في العراق.

وعقد الشرفي سلسلة لقاءات مع قيادات سياسية وفصائلية مختلفة في بغداد، كان أبرزها مع رئيس المجلس الإسلامي الأعلى همام حمودي، والقيادي في تحالف الإطار التنسيقي قيس الخزعلي، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم. وتواصل "العربي الجديد"، مع مسؤول رفيع في مستشارية الأمن القومي العراقي، الذي قال إن "وجود حماس في بغداد قديم ومرتبط بالوجود الفلسطيني بالعراق مثل لبنان أو سورية"، مضيفاً، طالباً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح: "بالنسبة لحماس نحن ننظر إليهم كشخصيات فلسطينية موجودة في العراق، وبعضهم يملك إقامة دائمة، وجود مقر أو مكتب يستقبلون به الفعاليات العراقية الشعبية والسياسية لا يعني أن الحركة نقلت عملها إلى العراق، أو أنها باتت تتحرك من خلال بغداد".

وشدد على أن عضو حركة حماس محمد الحافي الموجود في العراق مقيم كأحد الفلسطينيين الموجودين في العراق منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي، وأي أنشطة داعمة تصدر لا تختلف عن أي نشاط فلسطيني بالخارج، وفقاً لقوله، مشيراً في المقابل إلى أن الوجود الأخير لجماعة الحوثي "كان بدعم من واجهات وشخصيات دينية وفصائلية، وهو ليس مكتباً معترفاً به من قبل الحكومة، إنما مقر إقامة لأعضاء الجماعة الذين لا يتجاوز عددهم مع أسرهم الـ40 شخصاً". وأكد أن الجماعة لم تحصل على شيء رسمي، والمكتب الذي تمتلكه كان بديلاً عن مقر إقامتها السابق في أحد فنادق بغداد المملوكة لمجموعة مستثمرين.

ونهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي، نفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق التقارير حول مزاعم بأن حركة حماس تخطط لمغادرة قطر والتوجه إلى العراق. وفي السياق، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد النعيمي، لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثيين أكثر حضوراً من حماس في العراق أو الفاعل الفلسطيني بشكل عام، لافتاً إلى أن الحراك الفلسطيني في العراق بالمجمل قديم، ويعود لعقود، وجزء منه يتبع للمجتمع الفلسطيني المقيم بالعراق، وتفعيل دور هذا الحراك يعود للأوضاع التي فرضتها جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.

في المقابل، اعتبر النعيمي الأنشطة الحوثية بأنها "تُقابل بهاجس أمني، أكثر من كونه تحركات بطابع سياسي في العراق"، معتبراً أن "العراق لم ينفِ وجود حراك أو أنشطة للجماعتين، بل نفى وجود مكاتب رسمية لها، وهذا لا يُعتبر نفياً كاملاً". وفي الثاني عشر من شهر أغسطس/ آب الماضي، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن الحكومة لم تتخذ أي قرار بفتح مقر لحركة حماس في العراق. وأوضح حسين في مقابلة مع محطة تلفزيون عراقية محلية، أن "الحكومة لم تتخذ أي قرار بجعل مكتب لحركة حماس في العراق"، من دون أن يفصح عن أي تفاصيل أخرى.

المساهمون