قبيل ساعات من زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى العاصمة التركية أنقرة، على رأس وفد وزاري وأمني رفيع، غدا الخميس، لبحث جملة من الملفات المشتركة بين البلدين، أصدر المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الذي يرأسه الكاظمي، بيانا أشاد فيه بتصدي قوات "البشمركة"، التابعة لإقليم كردستان العراق، لهجوم شنته عناصر مسلحة من حزب العمال الكردستاني، في مثلث "فيشخابور"، العراقي السوري التركي، حاول خلاله المسلحون الدخول من الجانب السوري إلى العراق عبر إقليم كردستان.
وأورد بيان لمكتب الكاظمي أن الأخير رأس اجتماعا للأمن الوطني بحث الاعتداء الخطير الذي تعرضت له الحدود الوطنية في منطقة السحلية- فيشخابور، مضيفا أن "جماعات مسلحة حاولت من داخل الأراضي السورية قصف حدودنا ومناطق وجود قوات حرس إقليم كردستان (البشمركة)، وقوات الحدود العراقية، بغية الدخول وممارسة تهريب الأشخاص والأسلحة".
وثمّن البيان "التصدي الشجاع لهذه المحاولات من قبل قوات البشمركة تساندها القوات المسلحة الاتحادية، وقد وجّه رئيس الوزراء باتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة عبر وزارة الخارجية وعبر القنوات الدبلوماسية لمنع تكرار الانتهاكات".
وفي وقت سابق من نهار اليوم، الأربعاء، أعلن وكيل وزارة البشمركة سربست لزكين عن نشوب قتال، فجر الأربعاء، على الحدود الدولية بين العراق وسورية، بين القوات التابعة لها ومسلحين من حزب العمال الكردستاني حاولوا التسلل الى داخل العراق ضمن إقليم كردستان.
وبيّن أن أولئك المسلحين "حاولوا التسلل ليلاً بطريقة غير قانونية إلى إقليم كردستان، وعندما تم رصدهم من قبل قوات الحراسة، وبعد التأكد من أنهم ليسوا مدنيين، تم منعهم من التقدم، ومطالبتهم التراجع، لكنهم عادوا بقوة... وهاجموا نقطة للبشمركة في المنطقة مستخدمين كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، واستمر القتال لأكثر من ساعة ونصف، واضطرت قوات البشمركة للدفاع عن نفسها، كما حاولت (القوة المهاجمة) الاستيلاء على نقطة البشمركة، لكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها، وعادت خاسرة إلى الحدود السورية". وجرى ذلك في منطقتي سحيلا وبيشابوور المعروفتين في إقليم كردستان.
من جانبه، طالب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، مساء اليوم الأربعاء، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بضمان عدم تكرار اعتداءات "وحدات حماية الشعب" على أراضي إقليم كردستان، "باستخدام المساعدات الدولية المقدمة لها"، وفقا لبيان نقلته وسائل إعلام محلية كردية.
وأوضح بارزاني أنه "حاولت مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني، الليلة الماضية، التسلل إلى إقليم كردستان من سورية بشكل غير قانوني، خلافاً لأنظمتنا وقوانيننا وقوانين حماية الحدود، فمنعتهم قواتنا الأمنية".
وقال البيان: "في وقت لاحق، هاجمت قوة تابعة لوحدات حماية الشعب ثكنة للبشمركة بالأسلحة الثقيلة، وردت على الفور وصدت هجوم وحدات حماية الشعب"، وأضاف: "أدعو أصدقاءنا وشركاءنا في التحالف الدولي إلى ضمان عدم تكرار هجمات وحدات حماية الشعب، وعدم السماح لها باستغلال مساعدات الدول الأجنبية لمهاجمة إقليم كردستان. وبطبيعة الحال، فإن تكرار أي هجوم من هذا القبيل سيلحق الكثير من الضرر بأمن المنطقة".
ويعد الاشتباك بين قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، فجر الأربعاء، ومسلحي حزب العمال الكردستاني هو الثالث من نوعه في غضون أقل من شهر واحد، وأسفر عن مقتل ضابط بقوات البشمركة وإصابة آخرين بتلك المواجهات، التي يؤكد مراقبون أنها تهدد بتفجر المواجهات بين الجانبين في أي وقت.
ويقول الخبير بالشأن الكردي العراقي محمد عقراوي، لـ"العربي الجديد"، إن الجماعات المسلحة الكردية في سورية انضمت أخيرا مع مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة في استفزاز إقليم كردستان العراق.
ويضيف أن الإقليم في الوقت نفسه يحاول تجنب المواجهات والدخول بأي اقتتال كردي ـ كردي رغم أن هناك عملية احتلال وانتزاع سيطرة على أراض في إقليم كردستان وإخراجها من الأساس عن سيطرة أربيل وبالتالي سيطرة بغداد، لافتا إلى أن الاصطفاف لأكراد سورية مع مسلحي الكردستاني يمكن السيطرة عليه من خلال التحالف الدولي الذي يملك نفوذا على الساحة الكردية السورية، لكن بالنسبة لمسلحي حزب العمال، فهم يتبعون سياسة تصادمية مع الإقليم وقد تندلع مواجهات بأي وقت.
ورجّح أن تتجه أربيل للقبول بدخول قوات اتحادية من الجيش العراقي لتعزيز نقاط التماس بينها وبين حزب العمال كإحدى وسائل الردع، خاصة في مناطق فيشخابور، حيث المثلث السوري التركي العراقي الأكثر سخونة في التوتر الأخير، والذي يعتبر معبرا لتهريب مواد مختلفة، بينها النفط، لصالح الجماعات الكردية السورية.