بعد نحو أربع سنوات على الاستفتاء الذي أجرته حكومة إقليم كردستان العراق، للانفصال عن العراق، الذي لا تزال تداعياته حاضرة في الأزمات بين الطرفين، كشفت مصادر كردية عن إحالة 70 ضابطاً كردياً من محافظة كركوك على المحاكم العسكرية، لمشاركتهم في الاستفتاء، الأمر الذي انتقده الجانب الكردي، وعدّه ملفاً سياسياً.
ونهاية سبتمبر/ أيلول عام 2017 نظمت أربيل استفتاءً شعبياً للانفصال عن العراق، في محافظات الإقليم (أربيل والسليمانية ودهوك) والمناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، ومنها محافظة كركوك، ما دفع بغداد إلى تنظيم حملة عسكرية ضخمة، واستعادت بموجبها مدناً عدّة من سيطرة البشمركة، أبرزها كركوك.
ونقلت وكالات أنباء كردية محلية، اليوم الأحد، عن مصادر أنه "أُحيل أكثر من 70 ضابطًا كردياً في شرطة محافظة كركوك على المحاكم العسكرية، على خلفية مشاركتهم في استفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم كردستان عام 2017"، مبينة أن "الضباط الكرد المشاركين في الاستفتاء أُحيلوا على المحاكم العسكرية للتحقيق معهم".
وأشارت إلى أن "من بينهم ثلاثة ضباط كبار هم خارج المحافظة، وأن مدير شرطة الأقضية والنواحي السابق في كركوك العميد سرحد قادر يتصدر لائحة الضباط".
سياسيون كرد عدّوا الخطوة "خطوة سياسية بامتياز"، منتقدين فتح الحكومة العراقية هذا الملف مجدداً، لتحقيق أهداف معينة.
ويواجه الضباط المحالين على المحاكم تهماً عديدة، من بينها المشاركة بأعمال تهدد وحدة البلاد، ضمن المادة 111 من قانون العقوبات العراقي، التي تتضمن الطرد من الوظيفة والسجن.
وقال القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، النائب عبد الباري زيباري، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه خطوة خطوة سياسية، وجرت وفق توجه سياسي، وليست مسألة قضائية".
وبين أن "أصل القانون ينص على أنه إذا ارتكبت جريمة محددة بمكان ما، يحاسب مرتكبها بموقع الجريمة حصراً، أي محاسبة قانونية، ما يعني أنه يجب أن يحال الضباط على المحاكم المحلية في تلك المناطق، وفقاً للنص القانوني. أما الوجهة السياسية، فهي تتجاوز حدود القانون ولا تلتزمه".
وشدد على أن "هذه الخطوة ومثيلاتها لا تصبّ في مصلحة العلاقات بين حكومتي الإقليم والمركز، وسيكون لها تأثير سلبي في التعايش السلمي في كركوك، الأمر الذي يحتم على بغداد أن تدرك ذلك، وأن تتخذ خطوات مدروسة سياسياً، وتصب بصالح البلاد بشكل عام"، مشيراً إلى أن "الاستفتاء حصل قبل عدّة سنوات، وكان لكل منا رأيه، وأصبح جزءاً من الماضي، وقد تراجع الإقليم عن نتائجه، لذا فلا داعي لفتحه مجدداً".
وأشار إلى أن "أي أحكام تترتب على الضباط، ستكون أحكاماً سياسية وليست قانونية"، مرجحاً أن "يكون هناك حل سياسي لهذا الملف من خلال الحوار بين الحكومتين (بغداد وأربيل)، ولا سيما أن الخطوة أساساً خطوة سياسية، وهناك أجندات وأهداف معينة لها".
القيادي في "تحالف الفتح" رزاق الحيدري، توقع أيضاً اللجوء إلى الحل السياسي لإنهاء هذا الملف.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن "أي مخالفة قانونية لأي شخص من أي قومية كان، يحق للقضاء العراقي أن يحاسب، لكن موضوع إبداء رأي سياسي بموضوع معين هو حق خاص، وليس من المعقول أن يعاقب هذا العدد الكبير من الضباط الكرد، بسبب رأيهم السياسي".
ورجّح "اللجوء إلى الحل السياسي لتسوية هذا الملف، وأن القوى السياسية الكردية ليست ضعيفة، وبالنتيجة قد يصار إلى حل سياسي لتسوية الملف".
ونقل موقع "كركوك ناو"، المعنيّ بشؤون المناطق المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل، عن ضابط أمن من بين المشمولين بإحالتهم على التحقيق، قوله إن "السلطة تقدر على الفقراء فقط، إن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا لا تجري محاكمة رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح ووزير الخارجية فؤاد حسين، فهما شاركا في الاستفتاء أيضاً".
وختم بالقول: "مثلما ورطنا الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في هذا الأمر، كذلك ينبغي أن يساندانا، لا أن يلتزما الصمت"، حسبما قال الضابط.