بعد الإصرار على مثوله أمام القضاء الأميركي... هذا ما يحاول حفتر فعله للتهرب من المحاكمة

02 أكتوبر 2021
حفتر يسعى للحصول على سند قانوني يمنحه حصانة لمواجهة طلب المثول أمام المحكمة (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر ليبية مسؤولة، اليوم السبت، عن فشل مساعٍ مكثفة أجراها مقرّبون من اللواء المتقاعد خليفة حفتر مع المجلس الرئاسي الليبي للاستفادة من قرارات المجلس الخاصة بالعسكريين، في إطار مساعي حفتر لمواجهة قرارات طلب مثوله أمام القضاء الأميركي

ونقلت وسائل إعلام أميركية، خلال الساعات الماضية، رفض محكمة فرجينيا الفدرالية طلب محامي حفتر منحه حصانة في القضايا المرفوعة ضده، والإصرار على ضرورة مثوله للتحقيق، أو تعرّضه لحكم غيابي بإدانته إن رفض المثول. 

ووفقاً لذات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ المجلس الرئاسي الليبي تغاضى حتى الآن عن التعامل مع اتصالات أجراها مقرّبون من حفتر مع عضوين في المجلس الرئاسي، بشأن إمكانية الحصول على خطابات رسمية خاصة بوضع حفتر العسكري. 

ولفتت المصادر إلى أنّ حفتر يسعى للحصول على أي وثيقة أو سند قانوني يثبت صفته العسكرية، ما يمنحه حصانة لمواجهة طلب المثول أمام المحاكم الأميركية للتحقيق معه في قضايا مرفوعة ضده، تتعلق بتورطه في جرائم حرب، بوصفه مواطناً يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب الجنسية الليبية. 

وفيما أشارت المصادر إلى أنّ تلك الاتصالات جرت منذ أسابيع، تحدّثت عن وجود معلومات تفيد بسعي حفتر لدى المجلس الأعلى للقضاء الليبي للحصول على أي اعتراض يقدمه إلى الجانب الأميركي على أنّ جنسيته الأصلية ليبية، لكن خبراء قانونيين ليبيين أكدوا أنّ القضاء الليبي لا يمكنه تجاوز التشريعات الليبية التي يمكن أن تزيد من ورطة حفتر، خصوصاً قانون الجنسية الليبي. 

وفي مطلع يوليو/تموز الماضي، أمهلت محكمة فرجينيا الأميركية حفتر حتى 20 من ذات الشهر للرد على طلبها بشأن أخذ أقواله في التهم المنسوبة إليه، وفقاً لمحامي عائلات ليبية تضررت من حروب حفتر في بنغازي، مارك زيد. 

وكان زيد قد أكد، في تغريدة على حسابه على "تويتر" وقتها، أنّ محكمة فرجينيا أبلغت حفتر بأنها تسعى "لأخذ أقواله في غضون 45 يوماً في الدعاوى المدنية المرفوعة ضده"، مشيراً إلى أنّ المحكمة ستعتبر حفتر "متخلفاً عن الحضور" في حال عدم ردّه على طلبها بعد العشرين من يوليو/تموز. 

محامو حفتر يطالبون بمنحه حصانة،

وتقدم محامو حفتر باعتراض للمحكمة الأميركية وطالبوا بمنح حفتر حصانة وفقاً للقانون الليبي، مستندين إلى القانون الليبي الذي يمنع العسكري من الإدلاء بأي معلومات أمنية أو عسكرية، ويعتبر ذلك إفشاء لأسرار الدولة، كما استندوا إلى قرار المجلس الرئاسي الليبي، الذي صدر في إبريل/نيسان الماضي، والذي يمنع "كافة الضباط شاغلي المناصب القيادية في الجيش، السفر إلى الخارج إلا بعد الحصول على إذن مسبق من القائد الأعلى (المجلس الرئاسي) مهما كانت دواعي السفر". 

وفي السياق، نفت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، في بيان نشرته على حسابها الرسمي، أمس الجمعة، أنباء بشأن إصدار الوزارة مذكرة تسمح لحفتر بـ"الإفلات من المساءلة الجنائية" وصفتها بـ"الكاذبة"، وأشارت إلى أنّ "أحد الليبيين المقيمين في الولايات المتحدة الأميركية روّج لها". 

ونشرت الوزارة، في معرض بيانها، عدة دلائل بشأن تزوير الوثيقة التي لم تنشر الوزارة نصها، والتي اتكأ عليها محامي حفتر لطلب الحصانة له ضد القضايا المرفوعة ضده في المحكمة الأميركية. 

وأوضح رئيس مؤسسة "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، عماد الدين المنتصر، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أنّ أسرتين ليبيتين رفعتا قضية في محكمة فرجينيا ضد حفتر، كونه مواطناً أميركياً وعاش في ذات الولاية، مشيراً إلى أنّ الأسرتين أكدتا مقتل عدد من أفرادها أثناء حصار مليشيات حفتر على حي قنودة في بنغازي لعدة أشهر، قبل تنفيذه هجوماً كاسحاً عليه. 

وفيما بررت الأسرتان الليبيتان لجوءهما للقضاء الأميركي "لأنه لا يوجد نظام قضائي فعال في ليبيا"، بالإضافة إلى كون حفتر مواطناً أميركياً، لفتت وسائل إعلام أميركية إلى أنّ حفتر مواطن ليبي وأميركي مزدوج الجنسية، ويقيم في فرجينيا، ويمتلك شقة ومنزلاً و85 فداناً، ويستثمر قرابة ثمانية ملايين دولار في عقارات بالولاية الأميركية. 

حفتر يبحث عن مخارج قانونية

ووفقا لقراءة الخبير القانوني الليبي، أحمد العاقل، فإنّ طريقة محاولة استخدام حفتر ومحاميه للقوانين والقرارات الليبية، لا تعكس إلا عجزاً أمام قوة القضية المرفوعة ضده، لافتاً إلى أنّ محامي حفتر يحاولون الاستفادة أيضاً من المخارج القانونية في القضاء الأميركي، ومنها أنّ حفتر مزدوج الجنسية، لافتاً إلى أنّ التشريعات الليبية قد تزيد من ورطة حفتر. 

وأوضح العاقل، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ القوانين الليبية قد تقف ضد حفتر، وأولها أنّ القانون يسقط الجنسية الليبية في حال تجنس أي مواطن باختياره بجنسية أخرى. وأضاف أنّ "حفتر بموجب القانون العسكري الليبي تجاوز السن القانونية للعمل العسكري وبات يقود حروباً لا يكفلها القانون، ولا يمكنه أن يدافع عنه في أي قضية".

وتابع "كما أنّ الاستناد إلى القرارات الليبية لا يمكنه أن يصمد في الدفاع عن حفتر، كونه صدر بحقه قرار بإحالته للتقاعد منذ عام 2013 من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي كان يحمل صفة القائد الأعلى للجيش، وترقيته وتكليفه قائدا للجيش من قبل مجلس النواب تم دون أن يتم إلغاء قرار التقاعد". 

وفيما يشير العاقل إلى أنّ القوانين الليبية تمنع مزدوجي الجنسية من تولي أي منصب قيادي، يشير كذلك إلى أنّ حفتر لم يتقيّد بذات القرار الخاص بمنع العسكريين من السفر دون إذن المجلس الرئاسي، الذي استند إليه محامو الدفاع عنه، وكل تحركاته العسكرية في الجنوب وظهوره في خطابات وفي وسائل الإعلام، بل وزيارته لدول عربية مجاورة، كانت بمخالفة هذا القرار. 

ويرجح العاقل أنّ فريق الدفاع عن حفتر يحاول كسب الوقت لإمكانية استفادة حفتر من الحصانة الرئاسية في حال فاز في الانتخابات الليبية المقبلة التي يستعد لخوض غمارها، في ديسمبر/كانون الأول لمقبل.

وفي 23 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت قيادة حفتر عن قرار الأخير تسليم مهامه العسكرية كـ"قائد عام للجيش"، لرئيس الأركان العامة المكلف من مجلس النواب، الفريق عبد الرزاق الناظوري، من تاريخ القرار وحتى يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ما عده كثير من المراقبين استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

المساهمون