بعد ثلاثة أسابيع من التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأوروبي والإعلان عن "وثيقة وندسور"، التي افترض رئيس الوزراء ريشي سوناك أنها "انتصاره" السياسي الأول والأهم، أعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي عن نيّته التصويت ضد الوثيقة التي قال إنّها "لم تتعامل مع بعض مشكلاتنا الأساسية".
وكان سوناك قد أعلن، في 27 فبراير/شباط الماضي، عن اختتام "المباحثات الصعبة" مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والتوصل إلى "وثيقة وندسور" التي توقع أن تُرضي جميع الأطراف، بمن فيهم الحزب الاتحادي الديمقراطي، معوّلاً على بند جديد أُضيف إلى بروتوكول أيرلندا الشمالية المتنازع عليه، وهو "ستورمونت بريك"، أو "مكابح ستورمونت"، الذي كان متوقعاً أنّ يهدئ مخاوف النقابيين بشأن إدخال تشريعات أوروبية جديدة في أيرلندا الشمالية، وبالتالي يمنح الأيرلنديين سلطة الاعتراض على بعض قوانين الاتحاد الأوروبي.
وأثار هذا البند تحديداً تحفّظ الاتحاديين بدلاً من أنّ يسيطر على مخاوفهم، لأنه "غير مصمّم لقوانين الاتحاد الأوروبي الموجودة مسبقاً"، وبالتالي لا يمكن تطبيقه، بحسب زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي جيفري دونالدسون، الذي أكّد في بيان نُشر أمس أنّ "هذا البند لا يعالج قضيتنا الأساسية المتعلقة بفرض قوانين الاتحاد الأوروبي عبر البروتوكول".
وعلى الرغم من "التصعيد" الذي اتّسمت به هذه الخطوة، إلا أنّ دونالدسون لم يقطع كل خيوط الحوار، وإنما أكد أنّ حزبه سيواصل العمل مع الحكومة في جميع القضايا المرتبطة بوثيقة "وندسور" من أجل التوصل إلى اتفاق يسعى إلى "تقاسم السلطة مجدداً في أيرلندا الشمالية".
في المقابل، أكّد الناطق باسم سوناك أنّ الحكومة لا تنوي القيام بأي تعديلات على الوثيقة، بل إنها ستستقبل يوم الجمعة المقبل كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش لتوقيع الاتفاق بشكل رسمي ونهائي.
وعلى الرغم من "مباركة" حزب العمال المعارض للوثيقة، فإنه من المرجّح لجلسة البرلمان، غداً الأربعاء، أن تعمّها الفوضى وأن تعكّرها محاولات التمرّد على الاتفاق، وبالتالي على سوناك نفسه.
يُذكر أن تصويت البرلمان على الوثيقة سيتزامن مع جلسة المساءلة التي سيخضع لها الزعيم السابق بوريس جونسون في مجلس العموم أيضاً، حيث تواصل لجنة الامتيازات تحقيقاتها فيما إنّ كان قد ضلّل البرلمان عمداً.
وكان جونسون قد أعاد فتح ملف "بروتوكول أيرلندا الشمالية" الشهر الماضي، حاشداً أصوات حلفائه من الوزراء والبرلمانيين لتمرير مشروع قانون يتيح للحكومة تمزيق أجزاء مهمة من البروتوكول من طرف واحد.
ومع أنّ موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي من الوثيقة ليس مفاجئاً، إلا أنه يبقى مخيّباً للآمال بالنسبة للحكومة البريطانية، كما أنه يحبط الجهود "غير المسبوقة" التي بذلها سوناك على خلاف أسلافه المحافظين في التعامل مع هذا الملف.
مع هذا كله، يبدو أنّ "وثيقة وندسور" لن تبدّد شبح "الحرب التجارية" ولا الانقسامات الهائلة في الحزب الحاكم، ما لم تعد الحزب الاتحادي الديمقراطي لتقاسم السلطة التنفيذية، كما أنّ نجاحها مرتبط بقدرة متشدّدي الحزب على تجاوز "أطلال" الزعيم السابق بوريس جونسون، الذي لم يتنحّ بعد على ما يبدو.