لا يزال صدى الأحداث واقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن، من قبل أنصار الرئيس دونالد ترامب، يتفاعل في ألمانيا، بعد أن تم تشبيه الاضطرابات وأعمال الشغب بما حصل أمام مبنى الرايخستاغ خلال شهر أغسطس/ آب الماضي في برلين.
ويدور الحديث عن وسائل وأهداف مشابهة لدى الشعبويين في ألمانيا، وبعد رصد أجهزة الاستخبارات تعاطفاً وإشادة من قبل المنتديات القريبة من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي بالرئيس الأميركي، ووصفه بأنه "مقاتل عظيم وضع الناس في جميع أنحاء العالم آمالهم عليه".
وفي هذا الإطار، أفادت تقارير إعلامية بأن شرطة برلين ومكتب المدعي العام باشرا أخيرا التحقيق مع 40 مشتبهاً فيهم من المتطرفين اليمينيين ومنظري المؤامرة أمام البوندستاغ، وهناك 43 تحقيقاً في الحادثة.
وقال المتحدث باسم شرطة العاصمة لشبكة التحرير الألمانية إنه من الممكن أيضاً أن تكون هناك إجراءات وتحقيقات أخرى ضد مشتبه فيهم لم يكونوا معروفين من قبل، وأن 18 من ضمن 34 تحقيقاً تتعلق بخرق السلم الأهلي في البلاد، ويمكن أن تصل عقوبة هؤلاء إلى السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو غرامة مالية، قبل أن يبرز أنه وبالإضافة إلى ذلك ستكون هناك مخالفات، مثل مقاومة القوى الأمنية والاعتداء عليها والإهانة والتهديد واستخدام شعارات منظمات محظورة دستورياً، عدا عن الإيذاء الجسدي وانتهاك القوانين.
ولقيت خطوة السلطات الأمنية الألمانية ترحيباً وإشادة من حزب الخضر، إذ قالت المتحدثة باسم الكتلة في البوندستاغ إيرينه ميهاليك، للشبكة نفسها، إنه "من الجيد أن يتم التعرف إلى المتورطين".
وأضافت ميهاليك أنه "لا ينبغي أن تقتصر تحقيقات المحققين على المشتبه فيهم من الأفراد، إنما الشبكات المشغلة بعد التوصل إلى معلومات تسمح باتخاذ إجراءات". كذلك، رأت المتحدثة ذاتها أنه "على المرء الافتراض أن اقتحام مبنى الكابيتول كانت بمثابة "مخطط" لكل من يسعى أيضاً وراء أعمال تخريبية في ألمانيا".
بدوره، رأى نائب رئيس البوندستاغ عن الليبرالي الحر فولفغانغ كوبيكي، لصحيفة "برلينر تسايتونغ"، أن ما حدث في مبنى الكابيتول "مستحيل حصوله في البوندستاغ"، وأن "هناك نظام إقفال، وجميع المداخل تقفل دفعة واحدة، والألواح الزجاجية مضادة للرصاص".
إلى ذلك، تفيد التعليقات بأن ما دفع بالأجهزة الأمنية الألمانية أخيرا لفتح تحقيقات هو التحسب من استعادة المشهد واستغلال أي فرصة لتحقيق أهداف مشبوهة، وتفادياً لما قد يحصل مستقبلاً من موجات غضب وردات فعل لأنصار اليمين الشعبوي، الذين لوحوا بأعلام الرايخ واخترقوا الطوق الأمني حول المبنى في برلين، ووصلوا إلى المدخل، وذلك على هامش تظاهرات ضد قيود كورونا المفروضة في البلاد من الحركة الاجتماعية "التفكير الجانبي"، التي تجمع يساريين ويمنيين متطرفين إلى آخرين لا يعترفون بما تشخصه المختبرات والأطباء حول الأوبئة والأمراض، بحجة أنها تقيد الحريات الفردية.
يشار إلى أن أحداث العنف في الكابيتول وتحطيم النوافذ وأعمال الشغب في المكاتب البرلمانية داخل الكونغرس لاقت تأييداً من بعض نواب الحزب اليميني الشعبوي في ألمانيا، رغم اعتبار زعيمة الكتلة البرلمانية لـ"البديل"، أليس فايدل، أن الاقتحام "غير مقبول"، إذ ذكرت "دي تسايت" أن نائب البديل عن مدينة شتوتغارت هاينرش فيشتنر دعا، مثلا، المواطنين إلى طرد أولئك المخالفين للقانون، في إشارة إلى تعاطفه مع ترامب.
ويؤكد خبراء وباحثون في العلوم السياسية أن حزب "البديل" يفضل مناخ التجاوزات العنفية، والمفهوم السياسي لفصيل جناح داخل الحزب اليميني الشعبوي ينتهك مبدأ الديمقراطية، وهذا أكدته تقارير لهيئة حماية الدستور، وفيها أن المصطلحات المستخدمة من قبل هذه الجماعات لها علاقة إشكالية بهذا المبدأ، من خلال إهانة الوضع السياسي مثلا، واستخدام سرد يشير إلى "الأحزاب القديمة" أو "النخب السياسية الزائفة"، وأنها لم تكن تعمل لصالح الشعب الألماني، وأنه ليس بإمكانها سوى الترويج لمصلحتها الخاصة.
يشار إلى أن البوندستاغ اجتمع بعد عاصفة الكابيتول للبحث في استراتيجيات تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في ألمانيا والعالم، بناء على طلب من حزبي الائتلاف الحاكم، الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي.