وجد نواب تونسيون أنفسهم من دون عمل أو دخل، مباشرة بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد بتجميد البرلمان وقطع الامتيازات.
وما زاد في تعقيد الوضع أن البرلمان جُمد ولم يتم حله، الأمر الذي جعل مصيرهم عالقا، فهم ليسوا قادرين على استئناف أعمالهم السابقة، خاصة الموظفين منهم، ولا مزاولة نشاط جديد، ومحرومون في نفس الوقت من الراتب الشهري، والبعض محروم حتى من تقاعده.
وأكّد النائب في مجلس نواب الشعب عن حزب التيار الديمقراطي، نبيل حجي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك "نحو 130 نائبا بدون مرتب، لأن دخلهم الوحيد هو منحة المجلس، ومن بينهم على الأقل 100 في الوظيفة العمومية، وهناك من حرم من تقاعده بسبب تجميد عمل البرلمان"، مؤكدا أنه "لا يمكن للكثير منهم، خاصة الموظفين، العمل في نشاط آخر لأن القانون يمنع ذلك، كما أن صفة نائب أصبحت تُحرج البعض الآخر في تشغيلهم".
ليسوا قادرين على استئناف أعمالهم السابقة، خاصة الموظفين منهم، ومحرومون في نفس الوقت من الراتب الشهري
وقال حجي، إن "الأهم من الراتب هو حالة البطالة التي يعيشها بعض النواب اليوم، وهذا هو المقلق في الأمر، إذ يقبع الكثير منهم في البيت من دون أي عمل، وللأسف هناك من لم يتعود على ذلك"، موضحا أنه "لم يتمكن من مباشرة عمله السابق، لأن الإدارة تفرض وجود نص قانوني يعود بموجبه للعمل، وهذا يفرض حل البرلمان لترفع عنه صفة النائب".
وبيّن حجي أن هناك "نوابا لديهم إيجار ونفقات عائلية، ووجدوا أنفسهم مجمّدين وعاجزين عن فعل شيء، فهناك الأساتذة والمعلمون ومن هم في الوظيفة العمومية والمتقاعدون"، مشيرا إلى أن "النواب الذين يمتهنون أعمالا حرة من مهندسين ومحامين ورجال أعمال وغيرهم قد لا يتأثرون كثيرا بقرار تعطيل عمل البرلمان وإيقاف المنح، إذ بإمكانهم العودة إلى وضعهم الأول، ولكن الإشكال في القطاع العمومي، وهذا طبيعي".
ولفت إلى أنه "تم صرف الرواتب خلال العطلة الصيفية في أكتوبر وسبتمبر، ولكن خلال هذا الشهر لم يتم إعداد المنح المخصصة للنواب، وشمل القرار للأسف حتى المساعدين البرلمانيين، وأغلبهم شباب تم التعاقد معهم في المجلس، وهؤلاء تعطلت منحهم منذ 25 يوليو ولا يعرفون مصيرهم".
وأفاد بأن "بقاءهم بدون عمل بحكم تجميد البرلمان وحرمانهم من العودة إلى وظائفهم، يعتبران منعا وصدا عن العمل، وهذا ممنوع قانونا".
وأكد "حتى الاستقالة غير ممكنة في هذا الوضع، لأنها تُقدّم قانونيا باسم رئيس البرلمان، وينظر فيها مكتب المجلس ويعلن عنها في جلسة عامة، ثم تصدر بالرائد الرسمي، وهذا غير ممكن، وبالتالي على رئيس الجمهورية حل البرلمان".
ودعا العضو المؤسس للمبادرة السياسية الجديدة "الراية الوطنية"، مبروك كرشيد، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى دفع أجور نواب الشعب من الموظفين العموميين وأعوان الدولة الذين أصبحوا بلا دخل. مؤكدا، في تصريح إعلامي اليوم، أنّ على رئيس الجمهورية إمّا حلّ البرلمان أو تمكينهم من المنحة البرلمانية.
وأكد كرشيد، أن بعضا من هؤلاء النواب قد اتصلوا به بصفته محاميا من أجل رفع قضية لدى المحكمة الإدارية في حال مواصلة تجميد أجورهم.
ويقول النائب مصطفى بن أحمد، عن حزب تحيا تونس، والذي حرم من تقاعده، في تصريح مقتضب لـ"العربي الجديد"، إن هناك "ضريبة يدفعها النائب عندما يختار العمل السياسي، ومهما كانت هذه الضريبة عليه تقبّلها"، مضيفا أن "السياسة لا تخلو من مخاطر، فقد يخسر الشخص حياته أو منزله أو راتبه، كل شيء ممكن، وتلك قوانين اللعبة".
سعيد: لا مجال مستقبلا لتجويع الشعب!
في سياق متصل، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد، اليوم الأربعاء، خلال اجتماعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، أنه "لا مجال مستقبلا لتجويع الشعب التونسي أو التنكيل به".
وتم، خلال هذا اللقاء، التطرّق إلى النقاط المدرجة بجدول أعمال المجلس الوزاري الذي سينعقد يوم غد الخميس، وشدّد سعيد على "ضرورة تماسك العمل الحكومي وتكامله"، ودعا إلى "ضرورة التخفيض في الأسعار واللجوء إلى التسعير والتصدي لكل أشكال المضاربة والاحتكار بالوسائل القانونية المتاحة، وإلى قيام السلطات المعنية بدورها كاملا في مواجهة كل التجاوزات ومقاومة الفساد".
وقال بيان الرئاسة التونسية إن "هذا اللقاء تعرّض لجملة من الملفات الأخرى المتعلقة بالمالية العمومية، على وجه الخصوص، وسبل إيجاد التوازنات الضرورية، حتى تسير دواليب الدولة سيرا طبيعيا وتعمل في كنف الشفافية والوضوح".
من جهة أخرى، قرّر الرئيس قيس سعيّد، تمتيع 1221 محكوما عليهم بالعفو الخاص، والذي يؤدّي إلى إطلاق سراح 271 سجينا منهم، فيما يتمتع البقيّة بالحطّ من مدة العقاب المحكوم به، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى 58 للجلاء، وهو عيد وطني في تونس يحتفل به يوم 15 أكتوبر من كل عام، بمناسبة خروج آخر جندي فرنسي من تونس.