عزمي بشارة: مسار الانتخابات الإسرائيلية فرصة للحركة الوطنية الفلسطينية

07 نوفمبر 2022
المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة (العربي الجديد)
+ الخط -

قدم المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مساء الأحد، قراءة مستفيضة في المشهد السياسي الإسرائيلي على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة والتداعيات المتوقعة لفوز معسكر نتنياهو على الفلسطينيين عموما دون إغفال التطورات الأخيرة في الضفة الغربية.

وفي حلقة خاصة من برنامج "تقدير موقف" الذي يبثه "التلفزيون العربي"، أكد عزمي بشارة أن هناك فرصة للحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني لتكون لها قوة حقيقية على الساحة وقواعد اجتماعية.

فقد شدد بشارة على "ضرورة الوحدة الوطنية ولذلك شروط عدة". وقد حدد الشرط الأول في "البناء الذاتي، لأنه لن تكون وحدة إلا إذا كانت هناك حركة وطنية قوية لها قواعد اجتماعية، ونظام عضوية ولها قوة حقيقية على الساحة".

وعبر عن اعتقاده بأن "الظرف متاح ومناسب لينظموا أنفسهم لأن انطلاقتهم في هذه المعركة كانت جيدة".

وفي هذا السياق، تمنى بشارة حصول "التجمع الوطني الديمقراطي" على نسبة أكبر من الأصوات، خصوصا أنه حصل على نحو 140 ألف صوت وكان قريباً من تجاوز نسبة الحسم، متوقعا الأفضل في المستقبل، لأن الحزب "أعاد الحياة للحركة الوطنية في الداخل"، ونال تعاطف الناس رغم أنه خاض الحملة الانتخابية في ظروف صعبة.

كذلك ثمن بشارة "عودة الكوادر الوطنية بهويتها وخطابها السياسي الذي أسس في الداخل وأمضينا حياتنا لتأسيسه، ويجب الحفاظ عليه الآن بالحكمة والمواقف الصلبة النضالية في ظل ظروف غير سهلة".

وفي هذا الإطار، تحسر بشارة على عدم استغلال العرب كل إمكانياتهم للتأثير من أجل قضاياهم وقضايا فلسطين عموما. وانتقد بشدة الإقدام على الانضمام إلى الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، معتبرا ذلك خطأ، ووصف السعي إلى التأثير من داخل الحكومة الإسرائيلية بـ"الوهم"، لأنه "ثبت أنهم خسروا قضية فلسطين ولم يؤثروا في قضايا عرب الداخل. سياسة التمييز الإسرائيلي بنيوية. وما لا يمكن تحقيقه من داخل الائتلاف ممكن تحقيقه بالنضال في العمل البرلماني والمظاهرات والعمل السياسي. لكن كيف يمكن الدخول في حكومة الاحتلال التي تقوم بالاستيطان وتشن الحرب على  قطاع غزة وغيره؟".

وأكد بشارة أن "الحفاظ على الموقف لا يكلف كثيرا. هناك هامش للعمل والعيش بكرامة. إذا كان لديك استعداد للصمود فستحصل على حقوق أكثر بدون الحاجة للتنازل عن المواقف". وشدد على أن "الانضمام لمعسكر صهيوني كسر أخلاقي مع هويتك الوطنية، لأن حقوق المواطنة غير مشروطة بالولاء السياسي ويفترض ألا تدفع مقابلها من مواقفك. عرب الداخل تطوروا كثيرا وحصلوا على حقوق منذ الثمانينيات بالنضال. ولذلك، فإن هذا السلوك خطير جدا ولا يؤدي إلى نتيجة".

وتابع: "لا تحصل على شيء وتفرط في المواقف الوطنية. هذا كالغراب الذي أراد تقليد مشية الحجل فنسي مشيته. لن تكون مقبولا وسينظر إليك دائما كعربي خطير وفي الوقت نفسه ستخسر هويتك". ونبه في هذا الإطار إلى أنه عندما توحد العرب "حصلوا على 15 مقعدا بكرامة"، ما يؤكد أن "التأثير يكون بالنضال وليس من داخل الائتلاف. إسرائيل ستتجمل بك وستواصل الاستيطان".

وفي قراءته في نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، خلص بشارة إلى أن "الانتقال حصل داخل اليمين الإسرائيلي"، وأنه "لم تحصل تحولات كبرى".
ولخص ما حصل في كون "الصهيونية تدينت والدين تصهين"، وهو ما أفرز "معسكرا كبيرا وخطيرا، وصار القوة الرئيسية" في إسرائيل، منبها إلى أن هذا الأمر "خطير للغاية بالنسبة لسياسات الاستيطان ومصادرة الأرض والتضييق على الفلسطينيين وعرب الداخل".

وأشار بشارة إلى أن الليكود، الذي حصل في آخر انتخابات على 32 مقعدا "يتراوح في كل الأوقات بين هذه الأرقام. أما المتغير الجديد والمهم بالنسبة لطبيعة هذه الدولة فهو صعود الأحزاب الدينية الصهيونية وتصهين الأحزاب الدينية الأرثوذكسية". 

 بشارة: ما يحدث في الضفة الغربية يشبه كثيراً انتفاضة لكن في ظل وجود سلطة لها أجهزة أمن

وتابع بشارة أن "الحركات الأرثوذكسية الدينية التي لم تكن مهتمة كثيرا بالصهيونية بل بالحياة اليهودية الدينية تعيش نمط حياة يهوديا، ولا تتدخل كثيرا في قضايا السياسة والأمن إلا بقدر حاجاتها للمساومة على قضاياها لكي تحصل على إدارة ذاتية لحياتها اليومية"، منبها إلى أن الأكثر خطورة هو الصهيونية الدينية "لأنهم موجودون في كل المجالات والصناعات والجامعة. هم من ناحية قوميون يمارسون الحياة الصهيونية الإسرائيلية بكاملها، ومن جهة ثانية متدينون يخططون لمواقف متطرفة في القضايا الفلسطينية والعربية.

غير أنه توقع ألا "يستطيعوا فعل كل ما يريدونه، لما سيعترضهم من مؤسسات وعراقيل قانونية". ولم يستبعد أن "ينضم اليمين العلماني إلى ائتلاف نتنياهو لمنع سيطرة الصهيونية الدينية عليه لكن هذا لن يغير شيئا بالنسبة للعرب. لأن نتنياهو أكثر يمينية وتطرفا وطبعا كذبا مما كان، كما أنه أصبح أكثر صلابة في يمينيته وتحالفه مع المستوطنين أصبح أكثر وثوقا".

في العلاقة بين السلطة والاحتلال، قال بشارة "وصلنا إلى وضع مزر حقيقة، لأن الحكومات السابقة لم تكن مستعدة للجلوس مع السلطة. من وضع كانت السلطة في بداية عهد أوباما، ترفض الجلوس مع الاحتلال بدون تجميد الاستيطان إلى وضع ترفض فيه إسرائيل الجلوس مع قيادة السلطة بدون أي شرط. فقد أقسم بينت بأغلظ الأيمان أنه لن يجلس مع عباس ولم يفعل. كان يرسل غانتس". وأضاف أن "الوضع لن يكون أفضل مع نتنياهو. سيستمرون بالضغط على السلطة أكثر بوجود هؤلاء العنصريين".

وأضاف: "صعب توقع ما يمكن أن يفعله نتنياهو. ما قام به في 1996 أطاحه من السلطة وخسر الانتخابات في 1997. لكنه قد يستغل وجود اليمين معه ليناور حتى لا يتظاهر ضده أحد في الشارع. أعتقد أنه لن يظهر مرونة. ونحن متوجهون على الأقل في مناطق 1967 إذا استمر الوضع الحالي إلى تصعيد".

وفي سياق متصل، اعتبر بشارة أن "ما يحدث في الضفة الغربية يشبه انتفاضة"، لكن "في ظل وجود سلطة لها أجهزة أمن"، متوقعا أن تتجه الأوضاع "نحو التصعيد".

وأضاف بشارة أن "الوضع في الضفة متفجر، نحن في وضع يشبه كثيرا الانتفاضة الثانية لكن بظروف وجود سلطة. الانتفاضة الثانية اندلعت في بدايات السلطة، لم تكن بعد مؤسساتها متماسكة وكانت عقيدتها ما زالت مقاومة. لذلك الانتفاضة كانت صداما شاملا مع إسرائيل والسلطة مع جزء كبير من أجهزتها الأمنية الذين كانوا أصلا مقاومين وفدائيين".

المساهمون