كلّف رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك مستشاره الأخلاقي المعيّن حديثاً لوري ماغنوس ببدء التحقيقات في قضية رئيس حزب المحافظين نديم الزهاوي، المتّهم بالتهرّب الضريبي.
وكان "حزب العمال" المعارض قد صعّد نبرة انتقاداته أمس الأحد، مطالباً سوناك باتّخاذ خطوة "شجاعة" في مواجهة هذا الموقف، واتّهمت نائبة زعيم حزب العمال أنجيلا راينر حكومة المحافظين بالعبث بثقة الناخبين، إذ "يطالبهم المستشار السابق المسؤول عن الشؤون المالية للأمة بدفع ضرائبهم، بينما لم يفعل هو". كما اعتبرت راينر أن "كل ساعة يرفض فيها سوناك إقالة الزهاوي هي تجلٍّ جديد لمدى ضعف رئيس الوزراء".
ولم تكن قضية الزهاوي، وهو وزير بلا حقيبة في حكومة سوناك، هي الأرق الوحيد الذي يواجه سوناك مع تفاقم أزمة غلاء المعيشة واستمرار حركة الإضرابات والشلل الذي يعاني منه القطاع الصحي، بل سبقته إلى ذلك قضية وزير العدل دومينيك راب، الذي أُطلقت بحقّه أكثر من ثماني شكاوى تزعم ارتكابه "التنمّر"، إلا أن سوناك اكتفى بمطالبة الجهة التي تجري تحقيقاتها بالنظر في الادّعاءات المتزايدة بحقّه، ولم يعفه من منصبه، وهو الذي وصل إلى "داونينغ ستريت" رافعاً شعار "استعادة النزاهة والكفاءة المهنية والمحاسبة" بعد سلسلة الفضائح التي مُنيت بها حكومتا بوريس جونسون وليز تراس.
كما تأتي قضية الزهاوي بالتزامن مع تقرير صحيفة "صنداي تايمز" حول التزكية التي قدّمها جونسون عام 2021 لصالح تعيين ريتشارد شارب رئيساً لـ"بي بي سي" بعد أقل من عام على مساعدة الأخير جونسون في الحصول على قرض مالي بلغ 800 ألف جنيه إسترليني من "غولدمان ساكس"، حيث كان شارب يعمل شريكاً ومصرفياً في ذلك الحين.
هذا بالإضافة إلى الغرامة التي تلقّاها سوناك قبل يومين، وهي الغرامة الثانية في غضون أقلّ من عام، بعدما نشر شريطاً مسجّلاً وهو جالس في المقعد الخلفي من سيارته دون الالتزام بحزام الأمان. وإن بدت هذه القضية غير مهمّة، وخاصة أنه كان جالساً في المقعد الخلفي وأن الملكة إليزابيث الثانية والملك تشارلز الثالث لم يظهرا ولا مرة مع حزام الأمان، إلا أنها تكتسب ثقلاً اليوم مع تراكم الأخطاء ومع تراجع شعبية الحزب إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وكان الزهاوي قد تعرّض إلى المساءلة، الصيف الماضي، مع تعيينه وزيراً للمالية خلفاً لريشي سوناك في حكومة جونسون، وقد ذكرت مصادر صحافية في ذلك الحين أن موظّفي الخدمة المدنية في فريق اللياقة والأخلاق أبلغوا "داونينغ ستريت" بالقضايا المالية والضريبية المرتبطة باسم الزهاوي، إلا أن جونسون تجاهل تلك التحذيرات.
من جهتها، أعادت صحيفة "ذا صن" الملف إلى الواجهة قبل أسبوع مع نشرها مزاعم تفيد بأن الزهاوي دفع مبلغاً من سبعة أرقام لتسوية نزاع مستمرّ منذ أعوام بين مصلحة الضرائب وبينه، بعدما تهرّب من ضريبة أرباح رأس المال لدى بيع أسهمه في شركة الاستطلاعات التي شارك بتأسيسها "يوغوف".
ولم يكشف الزهاوي حتى الآن عن قدر التسوية أو الغرامة المالية التي دفعها، إلا أن "ذا غارديان" أكّدت في عددها البارحة أن المبلغ وصل إلى 5 ملايين جنيه إسترليني، ومن المتوقع أن يبقى الزهاوي في منصبه كرئيس للحزب ريثما تنتهي التحقيقات، مثله مثل وزير العدل دومينيك راب، على الرغم من حجم الضرر الذي يمثلّه ذلك على مستقبل سوناك السياسي.
ومع أن شخصية سوناك ما زالت تحظى بشعبية كبيرة مشابهة لشعبية زعيم "حزب العمال" المعارض كير ستارمر، إلا أن مستقبله السياسي بات مرتبطاً بمستقبل الحزب وهو وحده يدفع اليوم ثمن أخطاء كل الحكومات السابقة.