وزيرة الداخلية البريطانية ترفع القيود المفروضة على الشرطة أثناء عمليات الاعتقال والتفتيش: الأقليات العرقية في مرمى الخطر
لا تتوقّف وزيرة الداخلية البريطانية من أصول مهاجرة بريتي باتيل عن إثارة الدهشة لدى الرأي العام من خلال قراراتها ومشاريع قوانين جدلية على كافة الأصعدة. فبعد خطة ترحيل طالبي اللجوء غير النظاميين إلى رواندا، والتي وصفها مسؤولون أمميون بـ"غير الأخلاقية" و"غير القانونية"، رفعت باتيل، اليوم الإثنين، بشكل نهائي ودائم القيود المفروضة على الشرطة أثناء قيام أفرادها بمهام الاعتقال والتفتيش.
ووجّهت باتيل رسالة إلى قوات الشرطة، صباح اليوم الإثنين، مستندة إلى المادة 60 من قانون العدالة الجنائية والنظام العام، والتي تمنح عناصر الشرطة "الحق" في تفتيش الأشخاص دون سابق إنذار، في حال توفّرت لديهم الشكوك في "وقوع أعمال عنف خطيرة".
وقالت باتيل: "إن هذا القرار هو جزء من استراتيجية الحكومة للتصدّي لجرائم العنف". ولم تمرّ ساعات قليلة على الإعلان عن القرار حتى بدأت تتصاعد المخاوف من استخدام تلك "السلطة" بشكل اعتباطي وخاطئ، ما يهدّد الإحساس بالأمان والاستقرار لدى السود على سبيل المثال ولدى غيرهم من الأقليّات العرقية.
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن السود كانوا خلال العام الماضي أكثر عرضة للتوقيف والتفتيش بسبع مرات مقارنة بالبيض، والآسيويون أكثر بمرتين ونصف. ويعني هذا القرار منح عناصر الشرطة صلاحية التفتيش دون سابق إنذار وبالطريقة التي يرونها "مناسبة"، في حال توقّعوا أن حادثة عنف خطيرة "قد" تحدث، بعد أن كانت تلك الصلاحيات تقتصر على معرفتهم شبه "الحتمية" بأن العنف سيحدث فعلاً.
نتائج "قد تكون كارثية"
وقال مصدر في الشرطة البريطانية لـ"العربي الجديد": "إن هذا الإجراء خطير للغاية، لأن الإحصائيات المتوفّرة لدى مراكز الشرطة تشير إلى أن الأقليات العرقية كانت غالباً هي الأكثر تعرّضاً لانتهاكات خلال عمليات التفتيش والتحقيق بالمقارنة مع البيض. ما يعني أن نتائج رفع القيود ربما تكون كارثية".
وكعادتها، "تستقي" باتيل قوانينها المثيرة للجدل من مخاوف الرأي العام ومن معاناته والأسئلة التي تعكّر صفوه لتبرّر ما لا يمكن تبريره، بحسب معارضيها. وهذه المرة، استندت باتيل "أخلاقياً" في اتّخاذها هذا الإجراء إلى حوادث الطعن التي ترهق المجتمع البريطاني قائلة: "ينبغي أن نتحمّل المسؤولية تجاه آلام ومعاناة ضحايا هذه الجرائم المروعة، علينا القيام بكل ما في وسعنا لمنع هذه المآسي في المستقبل".
تشمل التغييرات التي يفرضها القرار إطالة الفترة الزمنية التي يمكن لهذه الصلاحيات "الواسعة" أن تكون سارية فيها
وتشمل التغييرات التي يفرضها القرار إطالة الفترة الزمنية التي يمكن لهذه الصلاحيات "الواسعة" أن تكون سارية فيها، بحيث يمكن لتلك الصلاحيات أن تمتدّ إلى ما يصل الـ48 ساعة بعد أن كان الحدّ الأقصى لسريانها هو 39 ساعة، إضافة إلى أن منح تلك الصلاحيات لم يعد يقتصر على المكتب الأعلى في الشرطة، وبات بإمكان المفتّش أو المحقق المسؤول عن القضية منح الصلاحيات تلك.
وفرضت تيريزا ماي تلك القيود عام 2014 وكانت وزيرة للداخلية حينها، على خلفية حملات واسعة قادتها منظمات غير حكومية في وجه تفاقم "التمييز" و"العنصرية" ضدّ الأقليات العرقية، لا سيما السود.
ويأتي هذا الإجراء الجديد في الوقت الذي تواجه فيه باتيل اتّهاماً عنيفاً بـ"الاستيلاء على السلطة" من قبل رؤساء في الشرطة على خلفية محاولتها تحديث بروتوكول يمنحها الحق في "مساءلة قادة الشرطة على قراراتهم".
وتسعى تلك التحديثات إلى تعديل دور وزير الداخلية ومنحه الحق في مطالبة رؤساء الشرطة بتقديم إجابات حول كيفية تعاملهم مع الأحداث الجارية، ابتداء بطريقة ضبطهم للاحتجاجات البيئية وصولاً إلى محاولة تخريب الصروح العامة، كالاعتداء الذي طاول تمثال تاجر الرقّ إدوارد كولستون خلال مظاهرة احتجاج "حياة السود مهمة" في بريستول قبل عامين.
ويعتقد بعض قادة الشرطة أن باتيل تسعى للحصول على سلطات جديدة دون موافقة برلمانية، بحسب صحيفة "ذا غارديان". وقد تم تصنيف أجزاء من الخطة بأنها "خطيرة للغاية"، وفقاً للصحيفة، و"الاستيلاء على السلطة يهدّد الاستقلال التشغيلي"، إضافة إلى أن "البروتوكول وسّع دور وزير الداخلية ليتجاوز ما هو مكتوب في القانون".