دعا الرئيس العراقي برهم صالح، اليوم الخميس، البرلمان الجديد إلى عقد جلسته الأولى في التاسع من الشهر المقبل، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان المحكمة الاتحادية العليا في البلاد المصادقة على نتائج الانتخابات.
وذكر صالح، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أنه وقّع "المرسوم الجمهوري لدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد يوم الأحد، التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل"، مؤكداً أن "الآمال معقودة لتلبية الاستحقاق الوطني بتشكيل حكومة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز السيادة، حامية وخادمة للعراقيين، وهذا يستوجب التكاتف من أجل تحقيق الإصلاح المطلوب لعراق مستقر ومزدهر".
وقّعتُ المرسوم الجمهوري لدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد يوم الاحد، ٩ كانون الثاني ٢٠٢٢، والآمال معقودة لتلبية الاستحقاق الوطني بتشكيل حكومة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز السيادة، حامية وخادمة للعراقيين،وهذا يستوجب التكاتف من اجل تحقيق الاصلاح المطلوب لعراق مستقر ومزدهر. pic.twitter.com/Goi8tDKBak
— Barham Salih (@BarhamSalih) December 30, 2021
وجاء ذلك بعدما صادقت المحكمة الاتحادية، الاثنين الماضي، على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد 11 أسبوعاً من الجدل السياسي بشأن النتائج، فتحت الباب واسعاً أمام القوى السياسية الفائزة، والخاسرة أيضاً، للمضي في تشكيل التحالفات قبل انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد التي يفترض أن تعقد خلال 15 يوماً بعد المصادقة، أي في موعد أقصاه الحادي عشر من الشهر المقبل.
وأمس، الأربعاء، لم تتوصل كتلة التيار الصدري، الفائزة بـ73 مقعدا في البرلمان المقبل، مع قوى "الإطار التنسيقي"، التي تضم القوى المعترضة على نتائج الانتخابات، إلى أي تفاهمات بشأن شكل الحكومة الجديدة.
ويصرّ زعيم التيار مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية سياسية، بينما تتمسك قوى الإطار بمبدأ التوافق.
وترى تلك القوى السياسية أنه لا يمكن أن تشكل الحكومة الجديدة من دون التوافق.
من جانبه، قال محمد الصيهود، النائب عن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، إن "معظم المكونات المشتركة في العملية السياسية تؤيد مبدأ التوافقية لتشكيل الحكومة المقبلة، حيث لا توجد كتلة تمتلك أكثر من 165 مقعدا داخل البرلمان لتشكيل الحكومة بمفردها".
وحدد الدستور العراقي الجديد، الذي أُقرّ عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وجرى التصويت عليه عام 2005، آليات يرتبط بعضها بالبعض الآخر لتسمية المناصب العليا المتمثلة في رئاسات، قضى العرف السياسي أن تختار وفقا لمحاصصة طائفية بين القوميات والطوائف الرئيسية في البلاد.
وسيترأس الجلسة الأولى للبرلمان أكبر الأعضاء سنا، وسيؤدي جميع النواب الجدد اليمين الدستورية، ليختاروا بعد ذلك رئيس مجلس النواب ونائبيه بالأغلبية (النصف+1)، من خلال الاقتراع السري المباشر، بحسب ما جاء في المادة 55 من الدستور.
انتخاب رئيس الجمهورية
وتتمثل الخطوة اللاحقة بتولي البرلمان الجديد، الحائز على الشرعية، مهمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والذي يشترط أن يكون من أبوين عراقيين بالولادة، وحسن السمعة والسلوك، وتجاوز الأربعين من عمره، ويمتلك خبرة سياسية، ومشهودا له بالاستقامة والنزاهة والإخلاص للوطن، وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف.
ووفقا للمادة 70 من الدستور، فإن البرلمان ينتخب أحد المرشحين لتولي منصب رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين، ويعد هذا الشرط من أهم الدوافع التي تدعو إلى التوافق بين الكتل الفائزة لجمع نحو 220 صوتا من مجموع عدد أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائبا.
وفي حال فشل أي من المرشحين في نيل ثقة ثلثي عدد أعضاء البرلمان، فإنه يجري الاختيار بين أعلى مرشحَين حصولا على الأصوات للمنصب، ويكون رئيسا للجمهورية من يحصل على أعلى الأصوات بعد إجراء عملية الاقتراع الثانية داخل البرلمان.
وقد ألزمت "المادة 72" من الدستور مجلس النواب باختيار رئيس جديد للجمهورية في مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ انعقاد أول جلسة برلمانية، وفي حال خلو المنصب لأي سبب كان، يحق للبرلمان انتخاب رئيس جديد خلال الدورة البرلمانية، ومدتها 4 سنوات.
ولرئيس الجمهورية مهمة رئيسية خلال ذلك، تتمثل في تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، بحسب ما جاء في المادة 76 من الدستور، ليقوم رئيس الوزراء المكلف بإكمال كابينته الحكومية خلال 30 يوما، وتقديمها إلى مجلس النواب من أجل منحها الثقة.
وفي حال أخفق رئيس الوزراء المكلف في نيل الثقة لحكومته، يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر للمنصب، دون أن يشترط الدستور أن يكون المرشح الجديد لمنصب رئيس الحكومة من الكتلة البرلمانية الكبرى.
بن زايد يهنئ الصدر
وعلى صعيد متصل، تلقى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مساء الخميس، اتصالا هاتفيا من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، حيث هنأه بتصدر التيار الصدري الانتخابات البرلمانية.
وقال بيان لمكتب الصدر إن الأخير تلقى اتصالاً هاتفياً من ولي عهد أبوظبي مهنئاً بفوز الكتلة الصدرية بالانتخابات البرلمانية التشريعية التي جرت في العراق أخيرا.
وأضاف أن "الجانبين ناقشا أهم القضايا المشتركة بين البلدين وسبل تدعيم التعاون بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين والمنطقة"، مشيرا إلى أنه "تم التأكيد على بقاء العراق ضمن امتداده العربي وضرورة استمرار ودوام العلاقة بين البلدين".
'السيد الصدر وولي عهد أبو ظبي يؤكدان على بقاء العراق ضمن امتداده العربي' https://t.co/BQgU5f5oAs
— واع (@INA__NEWS) December 30, 2021
يأتي ذلك مع استمرار حراك سياسي واسع في بغداد والنجف وأربيل لإيجاد تفاهمات أولية حيال ملف تشكيل الحكومة المقبلة، وسط تمسك الزعيم الديني مقتدى الصدر بخيار حكومية الأغلبية ورفض تكرار حكومات التوافق التي يرى أنها فاقمت من مشاكل البلاد والمحاصصة الحزبية والفساد
وجدد الصدر، أمس الأربعاء، تأكيده على تشكيل حكومة أغلبية وطنية بعد ساعات من لقائه وفدا سياسيا يمثل قوى "الإطار التنسيقي"، يتزعمه هادي العامري زعيم تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي".
وقال الصدر في تغريدة نشرت على حسابه الرسمي في "تويتر": "حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) December 29, 2021
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، عقب انتهاء الاجتماع، عدم حصول أي اتفاق بين الجانبين في ما يتعلق بشكل الحكومة، وكذلك ملف الكتلة الكبرى التي تشكل داخل البرلمان في الجلسة الأولى له التي دعا الرئيس العراقي لعقدها في التاسع من الشهر المقبل.
وبينما يصرّ مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية سياسية، تتمسك قوى الإطار بمبدأ التوافق، وترى أنه لا يمكن أن تشكل الحكومة الجديدة من دون التوافق.