بدء نشر مراقبين دوليين لتنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا... وتساؤلات عن الموقف الروسي

18 ابريل 2021
روسيا لا تزال تدعم مليشيات حفتر (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

بعد قرار مجلس الأمن الدولي إنشاء وحدة مراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، وما تبعها من تأكيد مصادر ليبية أن نشر المراقبين يتوقف على فتح الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب في ليبيا، ظهرت تساؤلات عن موقف روسيا وإمكانية عرقلتها للقرار، ولا سيما أنها لا تزال تدعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، المسيطر على الغرب الليبي.
وكشفت مصادر ليبية رفيعة، اليوم الأحد، النقاب عن اتفاق اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5 + 5 مع موظفي البعثة الأممية في ليبيا على بدء وصول فرق المراقبين الدوليين، بعد موافقة مجلس الأمن على إرسال فريق مكوَّن من 60 مراقباً دولياً لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا.
وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن المشاورات بين اللجنة العسكرية الليبية وموظفي البعثة الأممية انتهت إلى التوافق على بدء نشر المراقبين الدوليين تدريجاً في عدة مراكز في منطقتي سرت والجفرة بمجرد فتح الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب في ليبيا.
وبحسب المصادر، إن نشر المراقبين يتزامن مع انتشار قوة شرطية ليبية مشكلة من أجهزة أمن الدولة في المنطقتين، كأولى خطوات تنفيذ البنود الهامة في الاتفاق العسكري، قبل المضي للخطوات التالية، وأهمها انسحاب قوات طرفي الصراع والقوات الأجنبية والمرتزقة. 
وبشأن تحديد موعد لفتح الطريق الساحلي، قالت إن "عواصم غربية تضغط بقوة على طرفي الصراع، سواء في معسكر اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، أو معسكر غرب ليبيا، للتخلي عن شروطهم لفتح الطريق الساحلي"، مرجحة أن يفتح الطريق الساحلي نهاية مايو/ أيار المقبل على أقصى تقدير.

شروط طرفي الصراع 
وحول شروط طرفي الصراع، كشفت المصادر أن القوات التابعة لحكومة الوفاق السابقة اشترطت انسحاب كامل مقاتلي "الفاغنر" الروسية و"الجنجويد" السودانية من سرت قبل فتح الطريق، فيما لا تزال قيادة حفتر تتذرع بمخالفات الحرب والألغام المنتشرة على الطريق الساحلي، ما يهدد سلامة المارة من المدنيين. 
ويوم الجمعة، وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار إرسال فريق دولي لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، داعياً جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذه، بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، بحسب بيان للبعثة الأممية في ليبيا.
وبحسب البيان، فقد دعا المجلس الأممي أيضاً الحكومة الجديدة في البلاد إلى الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. 
من جهته، رحب المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا بقرار مجلس الأمن بشأن دعم العملية السياسية في ليبيا، وإرسال مراقبين دوليين.
 وشدد المجلس الرئاسي والحكومة، في بيانين منفصلين، على ضرورة احترام التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا. 


إلى ذلك، وفق تقدير الباحث السياسي الليبي بلقاسم كشادة، إن الاتفاق بين لجنة 5 + 5 وموظفي الأمم المتحدة "لا يعني قرب تنفيذه"، لافتاً إلى أن معلومات المصادر تشير إلى وجود عمليات ضغط على طرفي الصراع للقبول بفتح الطريق الساحلي. 
وتسيطر قوات حفتر، مدعومة بمقاتلي شركة "الفاغنر" الروسية والمئات من مقاتلي "الجنجويد"، على كامل منطقة الجفرة، بالإضافة إلى مدينة سرت التي باتت تخومها الغربية نقطة تماس مع قوات حكومة الوفاق السابقة، التي تسيطر على كامل مناطق غرب سرت بدعم تركي. 
ولم تتمكن لجنة 5 + 5، التي شكلتها الأمم المتحدة، من تنفيذ أي من بنود الاتفاق العسكري منذ توقيعه في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأهمها إخلاء منطقتي سرت والجفرة من طرفي الصراع وترحيل المرتزقة والقوات الأجنبية، فضلاً عن فتح الطريق الرابط بين شرق البلاد وغربها، رغم بيانات البعثة الأممية المشيدة بأعمال اللجنة. 

موسكو المعرقل الأول
وعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن بإجماع أعضائه، إلا أن كشادة يرى أن موسكو باتت المعرقل الأول لتنفيذ الاتفاق العسكري في ليبيا.
وأوضح أن "فتح الطريق الساحلي ووصول مراقبين دوليين إلى سرت والجفرة يعنيان انكشاف مقاتلي الفاغنر والوجود الروسي في المنطقتين، وليس من السهل أن تسمح موسكو بذلك"، متوقعاً أن يسعى حفتر بإيعاز روسي مجدداً إلى خلط أوراق أي تقارب ملموس في الوضع الميداني في المنطقتين". 
وفي الثالث من مارس/ آذار الماضي، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا وصول طليعة من المراقبين الدوليين إلى طرابلس، ورغم اجتماعهم بممثلي لجنة 5 + 5 مرات عديدة، إلا أن البعثة لم تعلن نتائج الزيارة، وما إذا كان هؤلاء المراقبون لا يزالون في ليبيا أو غادروا. 
ووفقاً لذات المصادر، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، اقترحت اللجان الفنية المنبثقة من اللجنة العسكرية أن تشرف لجنة المراقبة الدولية على مغادرة المقاتلين الأجانب لمناطق التماس في مرحلة أولى خلال أسبوعين من وصول اللجنة الدولية وبدء أعمالها. 
وفي تفاصيل المقترح الليبي، قالت إن المرحلة الثانية ستتولى فيها اللجنة الدولية الإشراف على إبعاد القوات الليبية من الطرفين إلى نقاط بعد، وتحديداً معسكرات مدينة هون إلى جانب مليشيات حفتر، ومنطقة أبوقرين، شرق مصراتة، إلى جانب قوات غرب البلاد، تزامناً مع دخول قوات شرطية ليبية لمدينة سرت، للإشراف على تأمينها بقيادة إحدى اللجان الفرعية المنبثقة من اللجنة العسكرية المشتركة. 

تنافس لاعبين دوليين
وليست هذه التفاصيل التي تضمن الاتفاق العسكري الليبي إطارها العام محل اعتراض من أيٍّ من الأطراف، بحسب كشادة، بل يرى أن الاتفاق العسكري "بات اليوم وسيلة للتنافس بين اللاعبين الدوليين الكبار، فالغرض من تمرير هذا القرار إرغام روسيا على سحب مقاتليها وقواتها من ليبيا". 
ويدلل كشادة على صحة تحليله بتركيز بيانات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا المرحبة بقرار مجلس الأمن على "قضية إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة".
وقال: "في مقابل هذا التركيز في بيان العواصم الغربية، أبدى بيان بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة رفضاً ضمنياً عندما أكد أنه امتنع عن التصويت على بعض فقرات القرار".
 وأوضح أن "بيان البعثة الروسية أشار إلى عدم تصويته على منع الاتصالات مع المؤسسات الموازية في ليبيا بعد تشكل السلطة التنفيذية الجديدة". 
وقال: "تلك دلالة صريحة على رغبة موسكو في استمرارها في الاتصال بحفتر، فهو الطرف الوحيد الباقي بعد تسليم الحكومة الموازية لمهامها للحكومة الجديدة". 
وفيما يرى كشادة إمكانية رضوخ حفتر ومعسكر غرب ليبيا للضغوطات من أجل فتح الطريق، لكنه يعتقد أن وصول مراقبين دوليين بصيغة تسعى عواصم غربية إلى فرضها "أمر بعيد الاحتمال، فالمشوار لا يزال طويلاً، والاتفاق العسكري هشّ في ظل استمرار وجود طرف عسكري قوي كحفتر يتحرك بحرية في هامش المشهد". 

المساهمون