التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الأميركي جو بايدن، اليوم الجمعة، في شرم الشيخ، على هامش مؤتمر المناخ (كوب 27)، وناقش معه ملفات، بينها وضع حقوق الإنسان في مصر، وسط ضغوط غربية على النظام المصري للإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح المضرب عن الطعام.
وأشار السيسي إلى أن مصر "أطلقت استراتيجية لحقوق الإنسان، ودعت لحوار وطني، ولديها لجنة للعفو الرئاسي للنظر في القوائم التي تستحق الإفراج".
وقال السيسي: "تكلمنا في كل الموضوعات التي تخص المنطقة والتوجه واحد"، مضيفاً أنه يوجد "موضوع دائماً بنتكلم عنه، وهو حقوق الإنسان (...) واسمحوا لي أقول لكم إن احنا دائماً بيبقى لنا مقاربة شاملة اسمعوها مننا (...) وحريصون أيضاً على هذا الموضوع وتطوير أنفسنا فيه".
وتابع الرئيس المصري: "احنا أطلقنا استراتيجية لحقوق الإنسان في مصر، ثم أطلقنا مبادرة للحوار الوطني في إبريل/ نيسان، ولدينا لجنة للعفو الرئاسي لمتابعة القضايا المختلفة والقوائم التي يتم التصديق عليها"، فيما ختم الرئيس المصري قائلاً: "عايز أطمنكوا أن الأوضاع في مصر تسير بشكل جيد".
من جهته، أشاد الرئيس الأميركي بمصر، وقال إنّها "تحدثت بصوت عال عن الحرب في أوكرانيا"، مضيفاً أن القاهرة "وسيط رئيسي في غزة".
وقال بايدن: "نشكر مصر على دور الوسيط فيما يتعلق بالوضع في غزة"، مضيفاً أنه "بينما نواجه الحرب الروسية الأوكرانية (...) نشكر مصر أنها اتخذت موقفاً رائعاً في هذه القضية، وتحدثت بصوت عال ضد ما يجري".
وتابع الرئيس الأميركي أنه "لدينا اليوم الكثير من القضايا التي تحدثنا بشأنها، وسوف نستمر في حوارنا بشأن قضية حقوق الإنسان، كما كنا نتحدث في طريقنا لهذه الغرفة"، مضيفاً "أتمنى مع نهاية هذه الزيارة أن تكون علاقتنا أقوى وأقرب إلى بعضنا البعض".
وكان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، قد أعلن أن الرئيس جو بايدن سيلتقي، الجمعة، نظيره المصري، خلال مشاركته في قمة المناخ المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وقال سوليفان، للصحافيين بالبيت الأبيض، مساء الخميس: "كما تعلمون، سيتوجه الرئيس إلى مدينة شرم الشيخ في مصر، حيث سيشارك الجمعة في مؤتمر المناخ كوب27 وسيعقد اجتماعا ثنائيا مع الرئيس (المصري عبد الفتاح) السيسي".
وأضاف مستشار الأمن القومي الأميركي أن بايدن "يتوجه إلى قمة كوب27 بزخم تاريخي بشأن المناخ، وذلك بفضل إقرار قانون خفض التضخم والخطوات المهمة الأخرى التي تضعنا على طريق دائم نحو تحقيق طموحاتنا وأهدافنا للطاقة النظيفة". وأوضح أن بايدن سيناقش خلال لقائه بالسيسي "عددا من القضايا الثنائية والإقليمية المهمة"، بحسب ما نشره البيت الأبيض في موقعه الإلكتروني.
وقد أعربت واشنطن، مساء الخميس، عن "قلقها العميق" حيال وضع سجين الرأي الأبرز في البلاد علاء عبد الفتاح، الذي تطرق إلى ملفه قادة دول أخرى خلال الأسبوع الحالي في "كوب 27".
وأعلنت رئاسة مؤتمر (كوب 27) أنّ رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن سيلقي خطاباً مساء الجمعة في الدورة، في القاعة العامة لنفرتيتي، "مع الأخذ بعين الاعتبار سعة الغرفة، وسلامة وأمن جميع المشاركين في الفعالية".
وسيناقش الرئيس الأميركي خلال خطابه "الجهود المبذولة للبناء على العمل غير المسبوق من قبل الولايات المتحدة للحد من الانبعاثات الضارة، وتعزيز مكافحة تغير المناخ العالمي، ومساعدة الفئات الأكثر ضعفاً على بناء القدرة على الصمود أمام تأثيرات المناخ".
وبعد كوب 27، يتوجه بايدن إلى قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا في كمبوديا، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ومنها إلى إندونيسيا للمشاركة في قمتي آسيان ومجموعة العشرين.
ويشارك الرئيس الأميركي في مؤتمر الأطراف حول المناخ، قبل أن ينتقل إلى آسيا، متسلحاً بإنجازات محلية كبيرة حققها في مكافحة الاحترار المناخي، إلا أنه يتعرض لضغوط لبذل المزيد باتجاه الدول التي ترزح تحت وطأة كوارث طبيعية.
وتأتي هذه المشاركة بعد ثلاثة أيام على انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة التي طُرحت أسئلة حول تداعيات نتائجها على السياسة الأميركية في مجال المناخ.
وتعززت خطط الرئيس الأميركي المناخية كثيرا خلال العام الحالي عندما أقرّ الكونغرس تشريعا لاستثمار 369 مليارا في الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. لكن تهيمن على المفاوضات في مؤتمر شرم الشيخ الحاجة إلى وقف مماطلة الدول الغنية في مساعدة الدول النامية على جعل اقتصاداتها أكثر مراعاة للبيئة وتعويض الخسائر والأضرار التي تتكبدها بسبب كوارث ناجمة من تبدل المناخ.
وقالت الناشطة الأوغندية فانيسا نامكاتيه لـ"فرانس برس": "يحتاج العالم لتكون الأمم المتحدة قائدة في مجال المناخ في نضالنا من أجل العدالة المناخية".
وأضافت سفيرة النوايا الحسنة في منظمة يونيسف، البالغة 25 عاما: "نوجه رسالة إلى الرئيس بايدن للوقوف إلى جانب شعوب العالم والأجيال المقبلة".
"زخم غير مسبوق"
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن بايدن يتوجه إلى مصر "مع زخم غير مسبوق"، بعد إقرار التشريع، وهدفه المتمثل بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 52 % بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2005.
وعرض المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري شراكة بين القطاعين الخاص والعام تهدف إلى دعم الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة في الدول النامية، بالاستناد إلى نظام أرصدة كربون، إلا أن ناشطين انتقدوا هذا البرنامج.
وأكد كيري أن "ما من حكومة في العالم تملك المال الكافي للقيام بما ينبغي علينا القيام به لكسب هذه المعركة"، مشيرا إلى أن إجمالي الحاجات قد يصل إلى أربعة تريليونات.
تشكيك جمهوري
ويملك بايدن كذلك فرصة إحياء التعاون مع الصين عندما يلتقي نظيره الصيني شي جين بينغ خلال قمة مجموعة العشرين الأسبوع المقبل. وقال مسؤول أميركي آخر إنه سيسعى إلى مناقشة "كيفية الدفع بعملنا المشترك حول التغير المناخي".
وعلقت بكين المفاوضات المتعلقة بالمناخ مع واشنطن، بعدما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركية نانسي بيلوسي تايوان في آب/اغسطس.
والتعاون بين الدولتين الأكثر تلويثا في العالم حيوي على صعيد الجهود الدولية لحصر الاحترار المناخي بـ1,5 درجة مئوية وهو هدف تزداد صعوبة تحقيقه. لكن مع توقع سيطرة الجمهوريين مجددا على مجلس النواب قد يتأثر جزء من خطة بايدن المناخية بذلك. ويملك الديمقراطيون فرصة الاحتفاظ بالغالبية في مجلس الشيوخ.
وتعهد بايدن المساهمة بمبلغ 11,4 مليار دولار في آلية سنوية لتقديم مئة مليار دولار من الدول الغنية إلى الدول النامية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، وتعزيز مقاومتها للتغير المناخي.
إلا أن على الديمقراطيين أن يسارعوا إلى إقرار هذا المبلغ في الكونغرس قبل تولي الجمهوريين المتحفظين في قضايا المناخ السيطرة على مجلس النواب.
وقالت البرلمانية كاثي كاستور التي ترأس اللجنة الخاصة بالأزمة المناخية في مجلس النواب الأميركي لـ"فرانس برس": "سنبذل قصارى جهدنا لتمرير هذه التشريعات. ونأمل ألا يعرقل الجمهوريون في الكونغرس ذلك".
طيف ترامب
ومع انقضاء الانتخابات انتقل الاهتمام إلى الاقتراع الرئاسي في 2024 مع توقع أن يقوم دونالد ترامب بإعلان ترشحه الأسبوع المقبل.
وفي حال فوز ترامب بهذه الانتخابات سيعود إلى البيت الأبيض رئيسٌ جمهوري سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ. وقد سارع بايدن إلى العودة عن هذا القرار عندما تولى السلطة في 2020.
وقاومت الولايات المتحدة لسنوات محاولة إقامة آلية "الخسائر والأضرار" التي تدفع فيها الدول الغنية تعويضات لتلك النامية على الدمار اللاحق بها من جراء كوارث طبيعية ناجمة عن تغير المناخ.
ونجحت الدول الناشئة في إدراج هذه المسألة رسميا على جدول أعمال مؤتمر شرم الشيخ.