استُقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، بحفاوة في جمهورية أيرلندا التي يتحدّر منها أجداده، والتي ألقى أمام برلمانها خطاباً جمع فيه بين العلاقات الأميركية-الأيرلندية الوثيقة وبين تاريخه الشخصي.
وبعد محطة أولى مقتضبة في أيرلندا الشمالية، المقاطعة البريطانية، بدأ بايدن زيارة لجمهورية أيرلندا، الدولة العضو في الاتّحاد الأوروبي، حيث لقي ترحيباً حاراً.
وتجمّعت حشود لتحيتّه لدى مرور موكبه في دبلن، كما استعرض ثلّة من حرس الشرف لدى وصوله إلى مقرّ إقامة الرئيس مايكل هيغينز للقائه.
وبعدما حضر مع رئيس الوزراء ليو فارادكار مباراة رياضية، وصل بايدن إلى البرلمان، حيث ألقى خطاباً أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، على غرار ما فعل الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي.
وبايدن هو الرئيس الكاثوليكي الثاني فقط في تاريخ الولايات المتّحدة بعد كينيدي.
وقال رئيس مجلس النواب الأيرلندي شون أوفيرغيل متوّجها إلى بايدن: "أنتم بيننا اليوم لأنّكم واحد منّا".
واستهلّ بايدن خطابه بالقول: "أنا في دياري" باللهجة الأيرلندية. وقد بدا عليه التأثّر خلال الخطاب، خصوصاً عندما استذكر والدته، قبل أن يشيد بـ"متانة" الروابط بين أيرلندا والولايات المتحدة، وبالقيم المشتركة للبلدين على غرار "الحرية والعدالة والكرامة والعائلة والشجاعة".
ناخبون من جذور أيرلندية
ولا يخلو هذا التعلّق بالجذور من دوافع سياسية، خصوصاً أنّ بايدن يعتزم الترشّح لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المقرّرة في العام 2024.
فطفولته التي قضاها في كنف محيط أيرلندي متماسك تتيح له تلميع صورته كرئيس متحدّر من أوساط متواضعة وكادحة. وهو ما من شأنه ربّما أن يستميل أصوات 30 مليون أميركي يقولون إنّهم متحدّرون من أيرلندا.
وتتيح الهجرة الأيرلندية لبايدن أن يركّز على خطابه المفضّل، ولا سيما الوعود و"الإمكانات" في الولايات المتحدة و"الإيمان" بالمستقبل واستعادة "الكرامة".
من جهة أخرى، دعا الرئيس الأميركي في خطابه المملكة المتّحدة إلى التعاون "بشكل أوثق" مع أيرلندا لحفظ السلام في مقاطعة أيرلندا الشمالية بعدما أضعفت هذا التعاون التوترات الناجمة عن بريكست.
وقال بايدن في خطابه: "أعتقد أنّ المملكة المتّحدة يجب أن تعمل بشكل أوثق مع أيرلندا في هذا الشأن. يجب ألا يُسمح أبدا بعودة العنف السياسي إلى هذه الجزيرة".
وقبل ذلك، طغت على توقفه لليلة واحدة في بلفاست اتّهامات وجّهها إليه الوحدويون الموالون للمملكة المتّحدة على الرغم من محاولاته تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة بعد 25 عامًا من إبرام اتفاق سلام بوساطة أميركية.
وحضّ بايدن الحزب الوحدوي الديمقراطي على إنهاء مقاطعته للهيئة التشريعية في أيرلندا الشمالية في مقابل وعد بقيام "عشرات الشركات الأميركية الكبرى" بالاستثمار في المقاطعة إذا عاد الاستقرار السياسي.
ولقي بايدن في أيرلندا الشمالية استقبالاً فاتراً من الوحدويين المتمسكين بالوحدة مع المملكة المتحدة، علماً بأنّ هؤلاء يعرقلون تشكيل حكومة في المقاطعة، وقد وصفه بعضهم بأنه "معاد لبريطانيا".
هفوة
وما يربط بايدن بأيرلندا أبعد بكثير من الدبلوماسية. وسبق له أن زار هذا البلد عندما كان نائبا للرئيس في العام 2016.
ويزور بايدن أيرلندا على خطى أجداده الذين فرّ كثر منهم من أيرلندا هربا من المجاعة وبحثا عن حياة أفضل في الولايات المتحدة. وتتضمن زيارته الرسمية محطّتين في منطقتين تعتبران مهداً لعشيرتي فينيغان وبليويت اللتين يتحدّر منهما.
والأربعاء توجّه بايدن جنوباً لتفقد نقطة إبحار بعض أجداده الأيرلنديين في القرن التاسع عشر، بعد خطاب ألقاه في أيرلندا الشمالية التي تحكمها المملكة المتحدة.
وخلال زيارة لقلعة كالينغفورد، قال بايدن: "إنّه شعور رائع! أشعر وكأنّني عدت إلى دياري".
وبايدن الذي أكد أنّ أيرلندا "جزء من روحي"، قال لجمهور في جامعة ألستر في بلفاست إنّه حريص على السلام في الجزيرة المقسمة بأكملها. وأثار الرئيس الأميركي جدلاً بارتكابه هفوة جديدة.
ففي معرض حديثه عن أحد أقربائه، لاعب الركبي روب كيرني، روى أنّ الأخير صعّب كثيراً مهمة "بلاك أند تانز"، وهي قوة بريطانية على قدر كبير من الوحشية كانت قد قاتلت الانفصاليين الأيرلنديين في عشرينيات القرن الماضي.
وفي خطابه الخميس صحّح بايدن ما قاله، مشيراً إلى أنّه يحتفظ في البيت الأبيض بالكرة التي أهديت له بعد المباراة بين المنتخبين الأيرلندي والنيوزيلدي "أول بلاكس".
(فرانس برس)