بايدن يسجل نقلة داخلية تاريخية رغم تعثر رئاسته

20 نوفمبر 2021
مشروع البنية التحتية أعطى بايدن فرصة جديدة لوضع رئاسته على السكة (Getty)
+ الخط -

صوّت مجلس النواب الأميركي يوم الجمعة، على الشق الثاني الاجتماعي من مشروع الرئيس جو بايدن للبنية التحتية، بأغلبية 220 ضد 213 صوتاً، فيما تبلغ تكلفة المشروع حوالى تريليونَي دولار، موزعة على عشر سنوات.

ومن المقرر أن يصوت مجلس الشيوخ على القانون الذي قد يطيحه كلياً، رغم استبعاد ذلك، أو قد يجري تعديلات على حجم المشروع ومضمونه (وهو على الأرجح)، قبل أن يرد التعديل إلى مجلس النواب للموافقة النهائية عليه أو رفضه.

وكان الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، قد أقرّ الجزء الأول المتعلق بالبنية المادية بكلفة تريليون دولار، الذي صار قانوناً نافذاً بعد توقيع الرئيس عليه يوم الاثنين الماضي. 

وحتى الآن حقق بايدن نصف انتصار يبقى معلقاً لغاية استكماله المتوقع قبل نهاية السنة، وربما قد يمتد إلى مطلع العام القادم، إذ إن الحسم مرهون بصوت واحد في مجلس الشيوخ المقسوم مناصفة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري 50-50، الذي يرجح كفة المعادلة فيه صوت نائبة الرئيس كامالا هاريس، باعتبار أنها بحكم منصبها تشغل في ذات الوقت منصب رئيس مجلس الشيوخ، هذا إذا بقي كل الأعضاء الديمقراطيين الخمسين إلى جانبه، إذ ما زال اثنان منهم غير ملتزمين التصويت للمشروع. 

ويحتاج بايدن إلى استكمال انتصاره على الأقل لوقف التآكل في وضعه، فيما ستكون جائزته الكبرى بحالة تمرير مجلس الشيوخ المشروع وتحويله إلى قانون نافذ، إذ إن اسم بايدن سيرتبط بهذا الإنجاز الذي يضمّ صاحبه إلى قائمة الرؤساء الأميركيين الذين قاموا بإنجازات فارقة مثل فرانكلين روزفلت الذي أتى بالضمان الاجتماعي في ثلاثينيات القرن الماضي وليندون جانسون  الذي شرعن الحقوق المدنية في الستينيات. وتعد هذه التحولات نوعية في طبيعة وتركيبة النظام الأميركي المغاير للطبعة الرأسمالية الأوروبية من ناحية التقديمات الاجتماعية التي توفرها الدولة. ولا يزال كذلك إلى حد بعيد. 

وأثار بايدن في مشروعه نقمة الجمهوريين وبعض يمين الوسط من الديمقراطيين، بحجة أنه يرفع منسوب الدين العام، علماً أن تكلفة المشروع مؤمنة تقريبا كلها من زيادة الضرائب على كبرى الشركات وعلى ذوي المداخيل الفلكية. 

ولجأ معارضو المشروع إلى التخويف منه بزعم أن تقديماته الصحية والتربوية والعائلية وغيرها، ليست غير خطوات لتطبيق "الاشتراكية"، فيما وضعه بعض عتاة اليمين في خانة  "الشيوعية"، علماً بأن أميركا هي الدولة الوحيدة من بين الدول الصناعية الغنية التي لا توفر مثلاً الضمان الصحي الكامل لمواطنيها، وعلماً بأن المطروح في المشروع لا يتعدى الحد الأدنى من الضمانات المستحقة من زمان والمعمول بها في هذه الدول، إلا أن المحافظين يعتبرونها بمثابة ثورة في أميركا.

ويصعب عادة في أميركا تغيير السائد حول دور الدولة تجاه المجتمع. وسيؤدي أي توسع في هذا المجال إلى عزل صاحبه ورميه بتهمة "الاشتراكية". ويحرس هذا النظام المتوارث قوى ومصالح عاتية توفر له الاستمرار حتى لو كان قد تخطاه الزمن، إذ إنها تقاتل بشراسة للحفاظ على الأمر الواقع قدر الإمكان.

من هنا تأتي أهمية تمرير بايدن لمشروعه الذي كسر القاعدة. لكن إذا كان من خلاله قد زود رئاسته المتراجعة بـ"شحنة أوكسجين" هو بأمسّ الحاجة إليها، إلا أن الإنجاز لا يكفل بالضرورة تعويمها. موازنته السياسية تعاني الآن من العجز وأمامه اختبارات كثيرة داخلية وخارجية.

المشروع أعطى بايدن فرصة جديدة لوضع رئاسته على السكة التي تضمن تماسكها ووضوح خياراتها، خصوصاً في سياسته الخارجية التي "تجمع بين النبضات المتضاربة وسمسرة التنازلات" بتعبير آن ماري سلوتر، رئيسة مركز "أميركا الجديدة" للدراسات في واشنطن. المشكلة في هذا النموذج أنه يؤدي إلى "التأرجح بين مجموعة من الأهداف ومجموعة أخرى من غير أولويات محددة ولا خطوط مبدئية للاسترشاد بها"، حسب ما تقول. الآن توافر له زخم جديد، فهل يغيّر؟

المساهمون