استمع إلى الملخص
- أعلن بايدن عن إعفاء ديون طلابية لموظفي القطاع العام، وقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا، وكثف التزامات خفض انبعاثات غازات الدفيئة، لمواجهة سياسات ترامب المتوقعة.
- عمل بايدن على تثبيت 235 قاضياً فيدرالياً لعرقلة أجندة ترامب المستقبلية، رغم سيطرة المحافظين على المحكمة العليا.
يسابق الرئيس الأميركي جو بايدن الزمن لإتمام أمور لم تُنجز بعد، في محاولة لتعزيز إرثه وحماية أبرز سياساته في اللحظات الأخيرة قبل تسليم مفاتيح البيت الأبيض. ومع عودة خصمه الأبرز دونالد ترامب إلى السلطة، اكتسبت جهود بايدن لحماية إجراءات إدارته وسمعته زخماً إضافياً، بحسب الخبراء.
ويقول أستاذ قسم الاتصال في "جامعة كنزس" روبرت رولاند لـ"فرانس برس": "يحاول الرؤساء المنتهية ولاياتهم عادة تحقيق أكبر قدر من الإنجازات قبل مغادرة السلطة وتشكيل الرأي العام تجاه إداراتهم". بدوره، يشير أستاذ التاريخ في "جامعة برينستن" جوليان زيليزر إلى وجود "أمثلة كثيرة على تحرّكات مكثفة للرؤساء الذين انتهت فترة نفوذهم".
ولا يشكل بايدن الذي كشفت إطلالاته العلنية النادرة عن تدهور حالته الصحية، استثناء. وأثار قراره مؤخراً تخفيف عقوبة الإعدام الصادرة بحق 37 من أصل 40 محكوماً حفيظة خصمه الجمهوري الذي تعهّد في ردّه عليه بالسعي باتجاه صدور مزيد من أحكام الإعدام بحق المدانين.
وقال رولاند إن "بايدن خائف مما يخشى أن يفعله الرئيس ترامب". وأضاف أن "هذا الخوف يدفعه للضغط أكثر لمحاولة الحد من أجندة إدارة ترامب المقبلة وتكريس إنجازات إدارته". وسبق للرئيس المنتهية ولايته أن أصدر 39 عفواً رئاسياً، وخفف الأحكام الصادرة بحق نحو 1500 شخص، في ما وصفه البيت الأبيض بـ"أكبر عفو يصدر في يوم واحد في التاريخ الحديث".
وأوضحت أستاذة العلوم السياسية لدى "جامعة براون" ويندي شيلر لـ"فرانس برس": "يستخدم كل الرؤساء سلطتهم لإصدار قرارات عفو، أو تخفيف العقوبات على المحكومين في نهاية فتراتهم الرئاسية". وأشارت إلى أن هذه القرارات القضائية قد تكون مدفوعة بسعي بايدن "للإيفاء ببعض الوعود التي قطعها خلال حملته والمرتبطة بالعدالة الجنائية".
لكن اللافت كان قراره العفو عن نجله هانتر بايدن الذي قال إنه جرى التعامل معه بشكل غير منصف من قبل المحاكم والمدعين. وأثارت هذه الخطوة انتقادات شديدة من ترامب والجمهوريين كما من حلفائه الديمقراطيين المقربين منه. ويؤكد رولاند أن هذا القرار "بكل تأكيد أثر سلباً بشكل كبير" على سمعة بايدن، وهو ما شكّل حافزاً أكبر له للعمل على إعادة تشكيل الرأي العام حيال إدارته في أيامها الأخيرة.
إلغاء الديون الطلابية ودعم أوكرانيا وتثبيت القضاة قبل عودة ترامب
شملت تعهدات بايدن التحرّك في ما يتعلق بالديون الطلابية المترتبة على ملايين الأميركيين. وقبل أيام من حلول عيد الميلاد، أعلن الرئيس المنتهية ولايته إلغاء الديون الطلابية لـ55 ألف موظف في القطاع العام. وقال بايدن إنه بذلك، بات عدد "الأشخاص الذين جرت الموافقة على إعفائهم من الديون الطلابية في عهد إدارتي حوالي خمسة ملايين".
لكن رولاند يرى أن "القرار اللافت أكثر" من أي قرارات أخرى صدرت عن بايدن في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض كان "السعي لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات لأوكرانيا قبل تولي ترامب الرئاسة". وفي ديسمبر/كانون الأول الفائت، أعلنت واشنطن عن أربع شحنات جديدة من المعدات العسكرية لكييف بقيمة مليارات الدولارات، دعماً لأوكرانيا في سعيها للتصدي للغزو الروسي. وبينما ما زالت سياسة ترامب المرتقبة حيال أوكرانيا فور وصوله إلى المكتب البيضوي غير واضحة، عبّر الجمهوريون عن معارضتهم الشديدة لإطلاق صواريخ أميركية باتّجاه روسيا، وهو أمر وافق عليه بايدن بعد الانتخابات.
كما كثف بايدن مؤخراً التزامات الولايات المتحدة في ما يتعلق بخفض انبعاثات غازات الدفيئة. وقد يحاول ترامب المعروف بتشكيكه في تغير المناخ التراجع عن هذه الخطوات، وخصوصاً بوجود كونغرس جمهوري يدعم قراراته.
وعمل البيت الأبيض والديمقراطيون في مجلس الشيوخ الذي يتوقع أن ينتقل إلى سيطرة الجمهوريين إلى جانب مجلس النواب، على وجه السرعة لتثبيت أكبر عدد ممكن من القضاة. وجعل بايدن من تعيين مرشحين من مختلف الأطياف في المحكمة الفيدرالية أولوية لإدارته عبر تعيين أول امرأة متحدرة من أصول أفريقية في المحكمة العليا هي كيتانجي براون جاكسون.
بالمجمل، ثبّت مجلس الشيوخ تعيين 235 قاضياً فيدرالياً على الأقل خلال سنوات بايدن الأربع في السلطة، وهو عدد قياسي لولاية واحدة منذ عهد جيمي كارتر، بحسب ما يقول البيت الأبيض. وفي وقت تسعى المجموعات المتحالفة مع الديمقراطيين إلى عرقلة أجندة ترامب عبر الاحتكام إلى القضاء، قد يساعد القضاة المعيّنون من بايدن موقتاً في هذا الصدد، رغم أن القضايا الأبرز قد تنتهي في نهاية الطاف أمام المحكمة العليا، حيث يحظى المحافظون بغالبية كبيرة (ستة قضاة مقابل ثلاثة).
(فرانس برس)