بايدن في عزلة تحضيراً لمناظرة ترامب.. والحزب الديمقراطي يخشى تعثره

24 يونيو 2024
المناظرة الانتخابية بين بايدن وترامب في تينيسي، 22 أكتوبر 2020 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- جو بايدن يعتزل في كامب ديفيد مع خبراء للتحضير لمناظرة مهمة مع دونالد ترامب، مؤكداً على أهمية تجنب الأخطاء وسط انتقادات حول تقدمه في السن وصورته الذهنية.
- المناظرة المبكرة تحمل أهمية كبيرة لتأثيرها على الناخبين المستقلين والوسطيين، مع توقعات بتركيزها على نقاط الضعف بدلاً من السياسات، مما قد يسلط الضوء على فقر المقبولية لدى الناخبين.
- بايدن وترامب يستعدان بأوراق قوية تشمل إنجازات ومشاكل قضائية وقضايا مثل التضخم وأزمة الحدود، مما ينذر بمناظرة حامية قد تؤثر بشكل كبير على السباق الرئاسي القادم.

يعتزل الرئيس الأميركي جو بايدن في منتجع كامب ديفيد مع فريق من الخبراء لتدريبه على المناظرة مع الرئيس السابق دونالد ترامب مساء الخميس القادم. وعادة يجري تمرين الرئيس على هذه المهمة في البيت الأبيض، بحضور المدربين المختصين، لكن هذه المرة احتاج الأمر إلى عزلة لعقد جلسات محاكاة مكثفة ومركّزة لأن بايدن لا يحتمل في هذه المنازلة ارتكاب أي هفوة أو زلة لسان أو الخروج، كما يفعل أحياناً، عن السياق المرسوم لأجوبته وطروحاته. خصمه بالمرصاد لاصطياد أي خطأ يقع فيه وتوظيفه بما يعزز الانطباع الذي أشاعه ترامب وأنصاره بأن بايدن ضعيف الذاكرة والفطنة بحكم تقدمه في السن. والمعروف أن عمره أثار تحفظات لدى الناخبين عموماً ومنهم من حزبه الديمقراطي. فهذا العامل سابقة غير معروفة في تاريخ الرئاسة وقد لعب دوره في ركود رصيد صاحبه حيث تعذر عليه حتى الآن التقدم على ترامب بأكثر من نقطة أو اثنتين (50 بالمائة مقابل 48 بالمائة حسب استطلاع فوكس نيوز الأخير)، رغم إدانة الرئيس السابق في دعوى الرشوة والمحاكمات الجارية ضده في ثلاث دعاوى جزائية صعبة. لذلك فإن كل الأضواء والتركيز على بايدن، والمطلوب منه أن يعوّض عن مسألة السن بتأكيد حضوره وأدائه وبما يخفف درجة التحفظات على جدارته، أو أقله أن لا يعززها.

تكمن أهمية هذه المناظرة بأنها تأتي قبل أوانها، إذ إن هذه المناظرة عادةً ما يكون موعدها بين يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، على أن تتبعها الثانية في سبتمبر/ أيلول، وبالتالي فإن حصولها الآن قد يفسح المجال باكراً لبداية تبلور النبض الانتخابي في صفوف المستقلين والوسطيين المترددين والذين يمسكون بمفتاح الفوز والهزيمة. من يتفوق فيها يمكنه أن يؤسس لترسيخ أو تحسين وضعه حتى ولو بفارق بسيط. أذ إن القاسم المشترك بين المتنافسين هو فقر المقبولية (حوالي 70 بالمائة من الناخبين من الحزبين يفضلون مرشحين آخرين)، إذ إن صعود رصيد الواحد منهما مربوط بهبوط رصيد خصمه وليس باستحقاقه لهذا الصعود. وضمن هذه المعادلة، من المتوقع أن يغلب على المناظرة الطابع السلبي على حساب المنافسة في السياسات والبرامج. 

وفي هذا المجال يحمل كلاهما أوراقاً قوية ضد الآخر قد تساعده لتسجيل نقاط ضده. بيد الرئيس بايدن أوراق انتخابية فعالة تراوح بين المعالجات الاجتماعيىة وسخونة المناخ ومشاكل ترامب القضائية، وأقواها الحكم الجنائي في دعوى الرشوة الذي صدر أخيراً بحق ترامب. ومن المقرر أن تعلن المحكمة عن عقوبته (سجن أو غرامة مالية أو تكليفه بالقيام بخدمات اجتماعية)، في 11 يوليو/ تموز القادم. فريق الرئيس بدأ اليوم حملة إعلانات تلفزيونية واسعة حول هذا الموضوع بحيث تكون الأجواء جاهزة لبايدن للتذكير به أثناء المناظرة. طبعاً ترامب سوف يستأنف الحكم وبالتالي تأجيله لسنوات. بالنسبة لانصار الرئيس السابق هذه ورقة ميتة، لكنها لن تمر مرور الكرام لدى شرائح لا بأس بها من المستقلين وحتى المعتدلين من بين الجمهوريين، فهذه لطخة غير مسبوقة في تاريخ الرؤساء الأميركيين.

في المقابل، يمسك الرئيس ترامب بأوراق لا يستهان بها، محلية وخارجية. الغلاء بتأثير التضخم، بند مؤثر بدرجة كبيرة على خيار الناخب الأميركي العادي. وكذلك الفلتان الذي شهدته الحدود مع المكسيك في عهد بايدن والذي تحول إلى أزمة. والورقة الإسرائيلية لا تقل أهمية. مزاعم نتنياهو بأن إدارة بايدن أوقفت أو قلصت تزويد إسرائيل بالأسلحة التي تلزمها في حربها على غزة، جاءت في الوقت المناسب وعلى طبق من فضة لترامب الذي لا بد أن يعمل منها قضية كبيرة لبيعها إلى الناخب الأميركي ضد بايدن. والمفارقة أن الإدارة وبالتحديد البيت الأبيض، تعاملت مع هذه الكذبة برخاوة سمحت لنتنياهو ومفاتيحه في واشنطن والكونغرس بتمريرها وتسويقها بسهولة، خصوصاً أن رئيس الحكومة عاد وأكد على مزاعمه من دون أن يثير ذلك الرد المناسب من الإدارة التي لم تترك زيادة لمستزيد في تسليح إسرائيل في هذه الحرب، حتى قنبلة الالفي رطل التي جرى تعليق تسليمها لها بصورة مؤقتة هي الآن قيد النظر لاستئناف تزويد إسرائيل بها، خاصة في ظل ارتفاع حماوة الوضع على الحدود اللبنانية باتجاه تفجير كبير تزمع إسرائيل إشعاله وفق التقديرات المتداولة. وتعزز هذا الاحتمال مع الكشف عن وعود قدمتها الإدارة بدعم إسرائيل في مثل هذه العملية، أرفقتها بتوجه حاملة الطائرات الأميركية إيزنهاور من منطقة الخليج إلى شرق البحر المتوسط القريب من مسرح العمليات إذا انفجر الوضع هناك.

تهاون بايدن مع نتنياهو حيّر المراقبين في تفسيرهم، وأثار الاستغراب حتى لدى أوساط محسوبة على خندق إدارته التي ما زالت الاستقالات تتوالى في صفوفها احتجاجاً على سياسته المتنافرة والمنحازة في غزة. آخر المستقيلين أندرو ميلر، نائب مساعد وزيرالخارجية والمشرف على ملف الشؤون الفلسطينية – الإسرائيلية، وهو المسؤول التاسع الذي يغادر الإدارة منذ اندلاع الحرب. ومن شبه المؤكد أن ترامب سيتبنى في المناظرة رواية نتنياهو عن السلاح والتي يبدو أنه افتعلها لحساباته ومنها إدخالها كبند في الحملة الانتخابية لصالح ترامب بما يزيد فرص حصوله على ما أمكن من أصوات اليهود.

المساهمون