انفلات أمني في تعز اليمنية: اغتيالات واشتباكات وقطع طرق

16 نوفمبر 2020
مجاميع مسلحة تنتشر بشوارع تعز(عبد الناصر الصديق/الأناضول)
+ الخط -

عادت مدينة تعز اليمنية، أخيراً، إلى واجهة الاضطرابات والانفلات الأمني، عقب سلسلة من أعمال الاغتيالات خارج القانون والمواجهات المسلحة وقطع الشوارع، على وقع معارك في أطرافها الشمالية وريفها الغربي بين القوات الحكومية وجماعة "أنصار الله"(الحوثيين)
وشهدت المدينة التي يحاصرها الحوثيون منذ أواخر 2015، اشتباكات داخلية طرفاها فصائل عسكرية تتبع الجيش الوطني الموالي للحكومة الشرعية، وسط اتهامات لقيادات عسكرية بارزة، محسوبة على حزب التجمع اليمني للإصلاح، بتغذية الصراعات الدائرة. 
وبعد الكشف عن جريمة تصفية مسلح داخل أروقة مستشفى خاص، عاشت مدينة تعز، اليومين الماضيين، عملية اغتيال طاولت جنديا في اللواء 17 على أيدي جنود من اللواء الخامس حماية رئاسية في حي بيرباشا، غربي المدينة، فيما تعرض جندي آخر في ما يسمى بـ"لواء العُصبة" لمحاولة اغتيال سقط على إثرها مدني و3 مصابين. 

وقال سكان لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 7 دوريات أمنية شوهدت نهار اليوم الإثنين، في منطقة بيرباشا ومحيط نادي الصقر ودوّار المرور، غداة قيام مجاميع مسلحة بقطع الشوارع.
وقالت شرطة تعز، في بيان صحافي، إنها نفذت انتشاراً أمنياً واسعاً في حي بيرباشا، بعد تلقيها بلاغا، عن إقدام عدد ممن وصفتهم بـ"الأفراد المنفلتين" والمحسوبين على وحدات في الجيش الوطني، بإثارة الفوضى وإقلاق السكينة وقطع الطرقات وتهديد المارة. 
وأشار البيان، إلى أن الحملة الأمنية قامت بفتح الطرقات الرئيسية، وملاحقة المتورطين بأعمال الفوضى، قبل أن تنفذ انتشاراً في المنطقة وعدد من شوارع المدينة الأخرى. 
ولم تكشف شرطة تعز عن تفاصيل أخرى حول أسباب أعمال الفوضى التي حدثت ليل الأحد، واكتفت بدعوة قيادة محور تعز العسكري وقادة الألوية بضبط وتسليم المنفلتين من منتسبيها واتخاذ العقوبات الرادعة بحقهم. 
وأكد مصدر أمني في تعز، لـ"العربي الجديد"، أن القيادات العسكرية في الجيش الوطني هي من تقف وراء الانفلات الحاصل وعمليات القتل خارج القانون، وذلك بدعم مجاميع مسلحة منضوية في إطار القوات الحكومية، لكسر شوكة مجاميع أخرى في إطار صراع النفوذ والهيمنة على القرار الأمني بالمدينة. 
وأشار المصدر، طالباً عدم ذكر اسمه، إلى أن أعمال الفوضى الأخيرة وقطع الطرقات كان طرفاها فصيلين في الجيش الوطني، هما اللواء 17 واللواء الخامس حماية رئاسية، لكن جذورها تعود إلى خلاف عائلي بين رجل ينحدر من محافظة عدن والزوجة التي تنحدر من مديرية مقبنة غرب تعز. 

وعلى الرغم من وصول القضية الزوجية إلى أروقة النيابة والقضاء للبت فيها، تطورت الأوضاع إلى تهديدات بين الطرفين، حيث لجأ الزوج لعدد من أصدقائه ومعارفه في اللواء الخامس حماية رئاسية، فيما استعانت الزوجة بعدد من أقاربها في اللواء 17. 
ووفقا للمصدر، فقد تعرض أفراد اللواء الخامس حماية رئاسية لوكيل الزوجة الذي ينتمي عسكرياً للواء 17، وقاموا بتتبع سيارته، عصر السبت الماضي، وقتله في منطقة بيرباشا، وهو ما جعل زملاءه يصعّدون بقطع الطرقات ويحاصرون مقر لواء الحماية المتهم بالقتل والواقع في نادي الصقر الرياضي. 
وكانت شرطة تعز قد أعلنت، عقب الحادثة، أنها ألقت القبض على 2 من المتورطين بقتل الجندي ووكيل الزوجة، ويدعى "أحمد عبدالسلام"، وذلك بعد فترة وجيزة من الجريمة، لافتة إلى أنها أحالت المتهمين للحجز الاحتياطي في وقت تواصل جمع الاستدلالات قبل تحويل ملف القضية للنيابة. 
ويبدو أن حادثتي اغتيال الجندي أحمد عبدالسلام، وقبلها تصفية الجندي محمد صالح المغربي، داخل أروقة مستشفى الروضة الخاص، ستقود إلى مزيد من التصعيد الأمني والاضطرابات بعد اتهامات لقادة عسكريين بارزين بالتستر على الجناة وتدبير العمليات، بعضهم محسوب على الجماعات السلفية مثل اللواء الخامس حماية، وبعضهم على حزب الإصلاح كما هو الحال في اللواء 17. 
وشكلت عملية اغتيال الجندي، المغربي، صدمة للرأي العام، بعد إذاعة لقطات وثقتها كاميرا مراقبة، أظهرت تطور شجار بين مسلحين إلى فتح النيران داخل أروقة المستشفى وإصابة أحد المسلحين أمام مدخل المصعد، قبل أن يعود أحد المسلحين لتصفية الجندي الجريح ويغادر برفقة زملائه. 

وأعلنت شرطة تعز، السبت، أنها باشرت مهامها القانونية بعد مقتل الجندي المغربي من قِبل عصابة مسلحة في مستشفى الروضة، الأسبوع الماضي، وأطلقت حملة أمنية لضبط الجناة، كما رفعت محاضر الاستدلالات للنيابة متضمنة أسماء العصابة لاستخراج أوامر قبض قهرية ضدهم. 
ويُتهم حزب التجمع اليمني للإصلاح بأنه الممسك بزمام الأمور العسكرية والأمنية داخل مدينة تعز تحت مظلة الحكومة الشرعية، خصوصاً أن كافة القيادات العسكرية التي تغذي الصراعات الدائرة، أو تتستر على الجناة، تنتمي إليه سياسياً وهو ما يجعله يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية. 

وسارع حزب الإصلاح إلى إدانة ما وصفه بـ"الأحداث الإجرامية" التي وقعت، أخيراً، في تعز وآخرها الجريمة البشعة التي حدثت في مستشفى الروضة، داعيًا إلى مواجهة حازمة لتلك الأعمال من السلطة المحلية واللجنة الأمنية، التي ينبغي أن تعمل بأداء مهني صارم في سبيل فرض النظام، وفقا لبيان صادر عن دائرته الإعلامية، ليل السبت. 
وفيما ندد بالاستغلال الإعلامي والسياسي للأحداث ضده، ناشد حزب الإصلاح الجميع بعدم التستر على أي من المجرمين والقتلة، كما حذر من المساعي لإذكاء المناطقية والقروية داخل تعز بغرض هدم النسيج الاجتماعي. 

المساهمون