انعكاسات التحركات الإقليمية على الوجود الإيراني في سورية

25 يونيو 2022
مطار دمشق، أكتوبر 2020 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

تشي التحركات الإقليمية والدولية المكثفة في الشرق الأوسط، بتبعات على الملف السوري، لا سيما أن اللقاءات الأخيرة بين زعماء وقادة الدول بحثت التعاطي مع إيران، ليبرز الوجود الإيراني في سورية، وبالقرب من حدود الأراضي المحتلة من إسرائيل، كبند يتم أخذه بعين الاعتبار على الأقل، في إطار التعاطي الإقليمي والدولي مع إيران.

جولة ولي العهد السعودي

جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي شملت كلاً من الأردن ومصر وتركيا، كان واضحاً فيها ما حمله البيان الختامي للقائه بالعاهل الأردني عبد الله الثاني من توجيه رسائل نحو إيران وانتشارها في المنطقة، لا سيما التدخل في الشؤون العربية والقيام بالأنشطة المزعزعة للاستقرار.

وإن كانت قمة شرم الشيخ الثلاثية بين كل من زعماء مصر والأردن والبحرين، يوم الأحد الماضي لم تتطرق للحديث عن إيران بشكل مباشر، إلا أنها رحبت بالقمة العربية - الأميركية المتوقع أن تعقد في 16 يوليو/ تموز المقبل، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل وفلسطين ثم السعودية بين 13 و16 يوليو المقبل، والتي وُصف بأنها قمة الضغط على إيران وتحجيم نفوذها.

مطار دمشق يضم غرفة عمليات الحرس الثوري الرئيسية في سورية
 

ويُتوقع أن تكون إيران، ونفوذها في المنطقة العربية، لا سيما في دول التدخل المباشر، أي سورية واليمن والعراق ولبنان، محط نقاش في هذه الزيارة، لا سيما أن واشنطن تسعى لإزالة المخاوف الإسرائيلية من الانتشار الإيراني في سورية، ولا سيما في الجنوب، وعلى مقربة من حدود فلسطين المحتلة.

ميدانياً، لا يبدو أن طهران تصغي لمحاولات الضغط لأجل تخفيف انتشارها وتحركاتها في سورية، وإلى الآن لم تثنها الضربات الإسرائيلية المتكررة على نقاط انتشارها الحيوية عن الحد من نشاطها، وآخرها الضربة التي استهدفت مطار دمشق في 10 يونيو/ حزيران الحالي، الذي يحوي انتشاراً إيرانياً مهماً.

وتشير معلومات إلى أن المطار يضم غرفة عمليات الحرس الثوري الإيراني الرئيسية في سورية، وفي المطار يستقبل الحرس شحنات أسلحة ومعدات لتطوير قدراته الصاروخية في مصانع تنتشر في العديد من المواقع السورية، لا سيما منشآت البحوث العلمية ومصانع الدفاع.

ولا يملك رئيس النظام السوري بشار الأسد القدرة على إجبار إيران على تخفيف حضورها في البلاد، لكن ما يعيق حضورها بشكل أكبر في سورية هو الوجود الروسي في البلاد، صاحب الكلمة الأعلى واليد الطولى في الجغرافية السورية. وقد يكون التنافس الإيراني ــ الروسي عاملاً حاسماً لجهة التعاطي العربي والدولي مع إيران، لا سيما في سورية، فبات واضحاً أن الضربات التي توجهها إسرائيل بشكل مستمر منذ أعوام تأتي تحت إطار التنسيق بين موسكو وتل أبيب.

الحضور الروسي في مناطق سيطرة النظام السوري هو اللاعب الأساسي

بالتالي، فإن أي صفقة سيتوصل إليها بايدن مع الدول العربية في القمة المقبلة لجهة تحجيم أو مواجهة إيران ستحتاج المساندة الروسية أو غض الطرف بشكل أكبر حيال أي تحرك ضد الانتشار الإيراني في سورية.

وهذا ما يعني أن يذهب الغرب لمزيد من الليونة مع موسكو، لا سيما بعد التوتر الكبير على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، ما سيحتاج ترتيبات سياسية وأمنية من الصعب إنجازها في فترة قصيرة.

عوامل مؤثرة على الوجود الإيراني

ورأى الباحث في مركز الحوار السوري أحمد قربي أن هناك عوامل مباشرة وعوامل غير مباشرة تؤثر على الوجود الإيراني في سورية، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الحضور الروسي في مناطق سيطرة النظام السوري هو اللاعب الأساسي، وبالتالي التمدد الإيراني من عدمه مرتبط بهذا العامل.

وتابع قربي: أما العوامل غير المباشرة، فتلخص بأمرين أساسيين: الأول التحركات الأميركية، والثاني التحركات الإسرائيلية، وكلاهما يهدفان للحد من الانتشار والنشاط الإيراني داخل سورية. أما بالنسبة للقمة المقبلة التي سيعقدها بايدن في السعودية، فلا بد من طرح السؤال، فيما إذا كانت القمة مخصصة لمناقشة الانتشار الإيراني في سورية.

وأعرب قربي عن اعتقاده بأن القمة لها هدفان رئيسيان، الأول محاولة واشنطن حشد الموقف الخليجي خلف الموقف الأميركي المناهض للغزو الروسي لأوكرانيا، لا سيما في ما يتعلق بالنفط وزياد الإنتاج النفطي، والهدف الثاني مناقشة تطورات الملف النووي الإيراني والتمدد الإيراني في المنطقة ككل وليس في سورية فقط.

ورأى أنه قد يكون من مخرجات القمة المقبلة تخفيف سياسة غض الطرف الأميركية حيال التوسع الإيراني في البلاد، لجهة محاصرته أكثر نوعاً ما، لكن التأثير لن يكون مباشر، فالهدف مواجهة النفوذ الإيراني في الإقليم وليس في سورية فقط.