انطلقت المعركة الحاسمة لتحرير مدينة الرقة من سيطرة تنظيم "داعش" بعد محاصرة المدينة من ثلاثة اتجاهات، في ظل توقعات بمعركة طويلة وصعبة، تؤدي في النهاية إلى إسقاط "الخلافة" التي سعى لها التنظيم، وسط هواجس تركية من تداعيات المعركة على أمنها، خصوصاً أن اللاعب الأكبر على أرض الرقة هي "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي وتعتبرها أنقرة إرهابية.
وبعد النجاح بعزل مدينة الرقة من ثلاثة اتجاهات بعد نحو 8 أشهر من انطلاق عملية "غضب الفرات"، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية"، أمس الثلاثاء، البدء بمعركة وصفتها بـ"الكبرى" لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة من تنظيم "داعش".
وتوقّع المتحدث باسم التحالف الدولي، ستيف تاونسند، في بيان، أن تكون معركة الرقة "طويلة وصعبة"، لكنه اعتبر أن "الهجوم سيشكل ضربة حاسمة لفكرة الخلافة المتمثلة" بتنظيم "داعش"، مؤكداً أن التحالف سيواصل دعمه لـ"قوات سورية الديمقراطية" خلال المعركة. ورأى تاونسند أنه "سيكون من الصعب إقناع مجندين جدد" بأن "داعش" يعد "قضية رابحة" فيما هو يخسر "عاصمتيه في العراق وسورية"، في إشارة إلى الرقة ومدينة الموصل العراقية.
مقابل ذلك، عبّرت أنقرة عن هواجس تجاه العملية، وأعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب "العدالة والتنمية"، أن بلاده ستفعل كل ما يلزم لمواجهة أي تهديد ينبع من الرقة، قائلاً: "لن نسمح بأي وضع يهدد أمن بلادنا. سنواجه أي وضع يهدد أمنها، سواء في الرقة أو في تلك المنطقة، وسنرد بالطريقة المناسبة بشكل مباشر".
وتشارك في هذه المعركة التي اعتبرتها "سورية الديمقراطية" معركة "تاريخية"، كلٌ من: وحدات حماية الشعب الكردية، وحدات حماية المرأة الكردية، جيش الثوار، جبهة الأكراد، لواء الشمال الديمقراطي، قوات العشائر، لواء مغاوير حمص، صقور الرقة، لواء التحرير، لواء السلاجقة، قوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، مجلس منبج العسكري، مجلس دير الزور العسكري. كما تشارك في المعركة قوات "النخبة" التي تتبع لرئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق أحمد الجربا، وقوات "الحماية الذاتية"، وفق بيان صدر عن "سورية الديمقراطية"، أشارت فيه إلى أن المعركة "تلقى مساندة من مجلس الرقة المدني، ومجلس سورية الديمقراطية، ووجهاء ورؤساء عشائر المنطقة". ولكن اللافت أن قيادة "سورية الديمقراطية" استبعدت من المعركة لواء "ثوار الرقة" الذي يضم مئات المقاتلين المنتمين للرقة، في مؤشر على تجذر الخلاف بين الطرفين، إذ تصر قيادة اللواء على حقها بالدخول إلى الرقة وتحريرها، وإدارتها. ويحظى "ثوار الرقة" باحترام كبير من أبناء المحافظة كونه لا يزال يؤمن بمبادئ الثورة ويرفع رايتها على الرغم من اضطراره للانضواء في قوات "سورية الديمقراطية" بحكم وجوده الجغرافي في شمال الرقة.
من جهتها، بدأت قوات "النخبة" عمليات الاقتحام من الجهة الشرقية للمدينة، وأكد المتحدث باسمها محمد خالد الشاكر، لـ"العربي الجديد"، أن هذه القوات سيطرت، صباح أمس الثلاثاء، على "المباني الأولى" في حي المشلب الذي يُعد من أكبر أحياء المدينة، وبوابتها الشرقية. وفي الجهة الغربية للمدينة، بدأت "قوات سورية الديمقراطية" تقترب أكثر بعد أن سيطرت، الإثنين، على العديد من القرى، ولم تعد تفصلها سوى 3 كيلومترات عن قرية الجزرة في أحد مداخل المدينة. كما سيطرت على قرية أبو قبيع في الطريق إلى قرية كسرة شيخ الجمعة الاستراتيجية، ويعني الوصول إلى الأخيرة محاصرة الرقة من كل اتجاه. وفي شمال المدينة، تتمركز "قوات سورية الديمقراطية" غير بعيدة عن مداخلها إثر السيطرة على معمل السكر، ومقر الفرقة العسكرية 17، وسجن الرقة المركزي، ولم يعد بينها وبين حي الرميلة سوى كيلومترين.
وخسر تنظيم "داعش" منذ بدء عملية "غضب الفرات" العام الماضي، معظم مساحة المحافظة المترامية الأطراف، ولم يبقَ أمامه إلا الجهة الجنوبية للمدينة للخروج منها إلى البادية، أو شرقاً إلى مناطق سيطرته في محافظة دير الزور.
وذكرت مصادر مطلعة أن "تحصينات تنظيم داعش هي الأكبر في شمال المدينة، وقام بحفر أنفاق من المتوقع أن تشكل عائقاً أمام تقدّم أي قوات مهاجمة، كما سيستفيد من وجود نهر الفرات جنوبها". وتوقّعت المصادر ألا يطول عمر معركة الرقة، معربة عن اعتقادها بأن التنظيم "أنهك تماماً في الرقة، ولم يعد أمامه إلا إخلاء المدينة"، مبينة أن طبيعة الرقة الجغرافية "لا تساعد مقاتلي التنظيم على المناورة العسكرية"، مضيفة: "هي منبسطة، ولا توجد فيها تضاريس تساعد على التحصن الطويل داخلها".
اقــرأ أيضاً
لكن المحلل العسكري السوري العقيد فايز الأسمر، رأى أنه "لا يمكن التكهن بعمر معركة انتزاع السيطرة على مدينة الرقة"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هذا الأمر "يعتمد على مدى جاهزية التنظيم لخوض معارك مدن"، مستبعداً خروج مقاتلي التنظيم من المدينة لإدراكهم أنهم مستهدفون من طيران التحالف الدولي، والطيران الروسي، ومن ثم من المتوقع أن يقاتلوا حتى الرمق الأخير. وأشار الأسمر إلى أن معارك المدن مختلفة تماماً عن غيرها، خصوصاً لجهة استبعاد الأسلحة الثقيلة والطيران، موضحاً أن هذه النوعية من المعارك تتطلب تطبيق أخلاقيات الحرب، وأبرزها الحفاظ على الأرواح، وعلى البنية التحتية، وإيجاد طرق آمنة للمدنيين، وتحييد أسلحة الرمي غير المباشر، معرباً عن اعتقاده بأن القوات التي تهاجم الرقة لا تطبّق هذه الأخلاقيات.
وتمتد مدينة الرقة التي سيطر عليها "داعش" في أوائل عام 2014، على مسافة تقدر بنحو 8 كيلومترات من الشرق للغرب، و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال، وتضم العديد من الأحياء والحارات الصغيرة، التي تعرضت على مدى السنوات الماضية لدمار كبير. وتطلّب الوصول إلى تخوم المدينة معارك امتدت على مدى أشهر، وبدأت المرحلة الأولى من عملية "غضب الفرات" بدعم مباشر من التحالف الدولي في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي في ريف الرقة الشمالي، انتهت بعد عشرة أيام من انطلاقها بانتزاع السيطرة من تنظيم "داعش" على مساحة جغرافية قُدرت بنحو 550 كيلومتراً مربعاً ضمت 34 قرية، و31 مزرعة، وإحكام السيطرة على 7 تلال استراتيجية، إلى جانب السيطرة على محطة الكهرباء ومحطة المياه شمال الرقة. كما أكدت مصادر في "سورية الديمقراطية" مقتل 167 من مقاتلي التنظيم في المرحلة الأولى، وتفجير 12 سيارة مفخخة قبل بلوغ أهدافها، وتدمير 14 سيارة عسكرية، ومدافع، وشاحنات، ودراجات نارية.
وفي العاشر من ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، بدأت المرحلة الثانية من "غضب الفرات"، وشهدت هذه المرحلة مشاركة قوات "النخبة"، وانتهت في العشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي بانتزاع السيطرة على عشرات القرى. وفي بداية فبراير/ شباط الماضي، بدأت المرحلة الثالثة من عملية "غضب الفرات" لانتزاع السيطرة على ريف الرقة الشرقي لتضييق الخناق أكثر على مقاتلي "داعش" داخل المدينة، وعلى الطريق الواصل بين الرقة ودير الزور في شمال نهر الفرات، كما سيطرت على قرى وبلدات هامة، منها بلدة الكرامة، شرقي الرقة بنحو 30 كيلومتراً، وكانت من المعاقل البارزة للتنظيم بين الرقة ودير الزور.
ولم تقتصر المعارك في المرحلة الثالثة على ريف الرقة الشرقي، إذ نجحت "سورية الديمقراطية" بالسيطرة على مدينة الطبقة (50 كيلومتراً غربي الرقة) بعد خمسين يوماً من المعارك بدأ التنظيم بعدها يتقهقر إلى الشرق حتى بات اليوم في مساحة جغرافية ضيقة ومحاصراً من اتجاهات عدة. وأشار محمد خالد الشاكر إلى أنه "من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل الرقة" ذات الغالبية العربية، مردفاً بالقول: "لكن دخول قوات النخبة المكوّنة من أبناء قبائل الرقة ودير الزور العربية، سيكون أمراً مطمئناً لأهالي المدينة".
اقــرأ أيضاً
وبعد النجاح بعزل مدينة الرقة من ثلاثة اتجاهات بعد نحو 8 أشهر من انطلاق عملية "غضب الفرات"، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية"، أمس الثلاثاء، البدء بمعركة وصفتها بـ"الكبرى" لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة من تنظيم "داعش".
مقابل ذلك، عبّرت أنقرة عن هواجس تجاه العملية، وأعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب "العدالة والتنمية"، أن بلاده ستفعل كل ما يلزم لمواجهة أي تهديد ينبع من الرقة، قائلاً: "لن نسمح بأي وضع يهدد أمن بلادنا. سنواجه أي وضع يهدد أمنها، سواء في الرقة أو في تلك المنطقة، وسنرد بالطريقة المناسبة بشكل مباشر".
وتشارك في هذه المعركة التي اعتبرتها "سورية الديمقراطية" معركة "تاريخية"، كلٌ من: وحدات حماية الشعب الكردية، وحدات حماية المرأة الكردية، جيش الثوار، جبهة الأكراد، لواء الشمال الديمقراطي، قوات العشائر، لواء مغاوير حمص، صقور الرقة، لواء التحرير، لواء السلاجقة، قوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، مجلس منبج العسكري، مجلس دير الزور العسكري. كما تشارك في المعركة قوات "النخبة" التي تتبع لرئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق أحمد الجربا، وقوات "الحماية الذاتية"، وفق بيان صدر عن "سورية الديمقراطية"، أشارت فيه إلى أن المعركة "تلقى مساندة من مجلس الرقة المدني، ومجلس سورية الديمقراطية، ووجهاء ورؤساء عشائر المنطقة". ولكن اللافت أن قيادة "سورية الديمقراطية" استبعدت من المعركة لواء "ثوار الرقة" الذي يضم مئات المقاتلين المنتمين للرقة، في مؤشر على تجذر الخلاف بين الطرفين، إذ تصر قيادة اللواء على حقها بالدخول إلى الرقة وتحريرها، وإدارتها. ويحظى "ثوار الرقة" باحترام كبير من أبناء المحافظة كونه لا يزال يؤمن بمبادئ الثورة ويرفع رايتها على الرغم من اضطراره للانضواء في قوات "سورية الديمقراطية" بحكم وجوده الجغرافي في شمال الرقة.
من جهتها، بدأت قوات "النخبة" عمليات الاقتحام من الجهة الشرقية للمدينة، وأكد المتحدث باسمها محمد خالد الشاكر، لـ"العربي الجديد"، أن هذه القوات سيطرت، صباح أمس الثلاثاء، على "المباني الأولى" في حي المشلب الذي يُعد من أكبر أحياء المدينة، وبوابتها الشرقية. وفي الجهة الغربية للمدينة، بدأت "قوات سورية الديمقراطية" تقترب أكثر بعد أن سيطرت، الإثنين، على العديد من القرى، ولم تعد تفصلها سوى 3 كيلومترات عن قرية الجزرة في أحد مداخل المدينة. كما سيطرت على قرية أبو قبيع في الطريق إلى قرية كسرة شيخ الجمعة الاستراتيجية، ويعني الوصول إلى الأخيرة محاصرة الرقة من كل اتجاه. وفي شمال المدينة، تتمركز "قوات سورية الديمقراطية" غير بعيدة عن مداخلها إثر السيطرة على معمل السكر، ومقر الفرقة العسكرية 17، وسجن الرقة المركزي، ولم يعد بينها وبين حي الرميلة سوى كيلومترين.
وخسر تنظيم "داعش" منذ بدء عملية "غضب الفرات" العام الماضي، معظم مساحة المحافظة المترامية الأطراف، ولم يبقَ أمامه إلا الجهة الجنوبية للمدينة للخروج منها إلى البادية، أو شرقاً إلى مناطق سيطرته في محافظة دير الزور.
وذكرت مصادر مطلعة أن "تحصينات تنظيم داعش هي الأكبر في شمال المدينة، وقام بحفر أنفاق من المتوقع أن تشكل عائقاً أمام تقدّم أي قوات مهاجمة، كما سيستفيد من وجود نهر الفرات جنوبها". وتوقّعت المصادر ألا يطول عمر معركة الرقة، معربة عن اعتقادها بأن التنظيم "أنهك تماماً في الرقة، ولم يعد أمامه إلا إخلاء المدينة"، مبينة أن طبيعة الرقة الجغرافية "لا تساعد مقاتلي التنظيم على المناورة العسكرية"، مضيفة: "هي منبسطة، ولا توجد فيها تضاريس تساعد على التحصن الطويل داخلها".
لكن المحلل العسكري السوري العقيد فايز الأسمر، رأى أنه "لا يمكن التكهن بعمر معركة انتزاع السيطرة على مدينة الرقة"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هذا الأمر "يعتمد على مدى جاهزية التنظيم لخوض معارك مدن"، مستبعداً خروج مقاتلي التنظيم من المدينة لإدراكهم أنهم مستهدفون من طيران التحالف الدولي، والطيران الروسي، ومن ثم من المتوقع أن يقاتلوا حتى الرمق الأخير. وأشار الأسمر إلى أن معارك المدن مختلفة تماماً عن غيرها، خصوصاً لجهة استبعاد الأسلحة الثقيلة والطيران، موضحاً أن هذه النوعية من المعارك تتطلب تطبيق أخلاقيات الحرب، وأبرزها الحفاظ على الأرواح، وعلى البنية التحتية، وإيجاد طرق آمنة للمدنيين، وتحييد أسلحة الرمي غير المباشر، معرباً عن اعتقاده بأن القوات التي تهاجم الرقة لا تطبّق هذه الأخلاقيات.
وتمتد مدينة الرقة التي سيطر عليها "داعش" في أوائل عام 2014، على مسافة تقدر بنحو 8 كيلومترات من الشرق للغرب، و4 كيلومترات من الجنوب إلى الشمال، وتضم العديد من الأحياء والحارات الصغيرة، التي تعرضت على مدى السنوات الماضية لدمار كبير. وتطلّب الوصول إلى تخوم المدينة معارك امتدت على مدى أشهر، وبدأت المرحلة الأولى من عملية "غضب الفرات" بدعم مباشر من التحالف الدولي في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي في ريف الرقة الشمالي، انتهت بعد عشرة أيام من انطلاقها بانتزاع السيطرة من تنظيم "داعش" على مساحة جغرافية قُدرت بنحو 550 كيلومتراً مربعاً ضمت 34 قرية، و31 مزرعة، وإحكام السيطرة على 7 تلال استراتيجية، إلى جانب السيطرة على محطة الكهرباء ومحطة المياه شمال الرقة. كما أكدت مصادر في "سورية الديمقراطية" مقتل 167 من مقاتلي التنظيم في المرحلة الأولى، وتفجير 12 سيارة مفخخة قبل بلوغ أهدافها، وتدمير 14 سيارة عسكرية، ومدافع، وشاحنات، ودراجات نارية.
ولم تقتصر المعارك في المرحلة الثالثة على ريف الرقة الشرقي، إذ نجحت "سورية الديمقراطية" بالسيطرة على مدينة الطبقة (50 كيلومتراً غربي الرقة) بعد خمسين يوماً من المعارك بدأ التنظيم بعدها يتقهقر إلى الشرق حتى بات اليوم في مساحة جغرافية ضيقة ومحاصراً من اتجاهات عدة. وأشار محمد خالد الشاكر إلى أنه "من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل الرقة" ذات الغالبية العربية، مردفاً بالقول: "لكن دخول قوات النخبة المكوّنة من أبناء قبائل الرقة ودير الزور العربية، سيكون أمراً مطمئناً لأهالي المدينة".