انطلاق التصويت بالبريد في الانتخابات الرئاسية الأميركية: منافسة كارولينا الشمالية محتدمة
استمع إلى الملخص
- **الدعاوى القضائية والتغييرات في قوانين التصويت**: تواجه الولاية دعاوى قضائية حول قوائم الناخبين وقوانين هوية الناخب، مع تغييرات تشمل اشتراط نموذج معتمد من بطاقة هوية الناخب وتشديد القواعد حول قبول بطاقات الاقتراع بالبريد.
- **المعركة الانتخابية بين ترامب وهاريس**: تعد كارولينا الشمالية ساحة معركة رئيسية، مع تقارب في استطلاعات الرأي بين المرشحين، حيث يعتبر الفوز بالولايات المتأرجحة حاسماً لكلا المرشحين.
تبدأ ولاية كارولينا الشمالية، شرقي الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أي قبل نحو شهرين من يوم الانتخاب، حيث تبدأ مجالس الانتخابات في المقاطعات بإرسال بطاقات الاقتراع الغيابية إلى الناخبين المؤهلين الذين طلبوا بطاقة للانتخابات العامة لعام 2024. ويُطلق مصطلح التصويت المبكر أو التصويت الغيابي أو التصويت بالبريد على هؤلاء الذين يصوتون مبكراً بالبريد، وليس في يوم الانتخابات.
انطلاق المعركة في الانتخابات الرئاسية الأميركية
وبعد كارولينا الشمالية، ينطلق التصويت المبكر يوم 11 سبتمبر/أيلول الحالي في ألاباما، وفي الـ16 من الشهر نفسه في بنسلفانيا وكنتاكي، وفي 20 سبتمبر في مينيسوتا وداكوتا الجنوبية، وفي 26 سبتمبر في إلينوي، فيما تبدأ معظم باقي الولايات انتخاباتها المبكرة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتحدّد أغلبية الولايات الموعد النهائي لطلب بطاقة الاقتراع بالبريد قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات. ويختلف الموعد النهائي لإرسالها من ولاية إلى أخرى، فيما الموعد النهائي لإعادة بطاقات الاقتراع بالبريد لـ32 ولاية، من بين 50 ولاية، هو الخامس من نوفمبر المقبل، أي يوم الاقتراع.
اتهمت دعوى جمهورية لجنة الانتخابات في كارولينا الشمالية بأنها فشلت في "تنظيف" قوائم الناخبين من غير الأميركيين
ويظهر على ورقة الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية بولاية كارولينا الشمالية سبعة مرشحين، هم الرئيس السابق دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، ومرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، ومرشح حزب العدالة للجميع كورنيل ويست، ومرشح الحزب الليبرالي تشيس أوليفر، ومرشح الحزب الدستوري راندال تيري، والمستقل روبرت كينيدي جونيور الذي تقدم تحت اسم حزب نحن الشعب، والذي يقاتل الآن من أجل حذف اسمه من على بطاقة الاقتراع من هذه الولاية بعد إعلان انسحابه من الانتخابات في الولايات المتأرجحة أو الحمراء وتزكية ترامب. ورفضت لجنة الانتخابات حذف اسم روبرت كينيدي جونيور، ورفع دعوى قضائية، معتبراً أن ذلك يمثل انتهاكاً لحقّه الدستوري وللقانون، وردّت رئيسة لجنة الانتخابات في الولاية كارين برينسون بيل بقولها إن طلب كينيدي لا يمكن تنفيذه لأن الولاية طبعت بالفعل أكثر من مليوني بطاقة اقتراع في 67 من أصل 100 مقاطعة، وليس لديها الوقت أو المال لإعادة بدء هذه العملية قبل 6 سبتمبر.
ورغم بدء التصويت المبكر، ما زالت المعركة القانونية قائمة بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث رفعت الجمعية الوطنية للنهوض بالملّونين دعوى قضائية منذ سنوات، لا تزال تنظر في المحاكم، احتجاجاً على قانون هوية الناخب في الولاية، في حين تسعى دعوى قضائية أخرى رفعتها اللجنة الوطنية الجمهورية والحزب الجمهوري في الولاية، خلال الأسبوعين الماضيين، إلى حذف أكثر من 200 ألف ناخب من قوائم الناخبين قبل الانتخابات. واتهمت الدعوى الجمهورية لجنة الانتخابات الوطنية في الولاية بأنها فشلت في "تنظيف" قوائم الناخبين، وعدم اتخاذ الخطوات المناسبة لمنع غير المواطنين من التصويت في الانتخابات.
وقال رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية مايكل واتلي، في بيان، إن لجنة الانتخابات الوطنية فشلت مرة أخرى في تنفيذ تفويضها بإبقاء غير المواطنين خارج قوائم الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام الحالي، ما أدى إلى انعدام الثقة وتعريض انتخاباتنا للخطر. وأضاف: "نحن ملتزمون بالقانون لأن الأميركيين فقط هم من يقرّرون الانتخابات الأميركية، والفشل المتعمد في اتباع القانون، قبل الانتخابات الأكثر أهمية في بلدنا، أمر لا يمكن تبريره".
ورغم الدعاوى القضائية الأخيرة، فإن ولاية كارولينا الشمالية (وهي ولاية متأرجحة في السباق الانتخابي يتولى المناصب التنفيذية والتشريعية فيها جمهوريون)، أجرت تغييرات كبيرة على التصويت المبكر مقارنة بالانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة (2020)، حيث اشترطت تقديم نموذج معتمد من بطاقة هوية الناخب فيها صورة شخصية (مطلب الجمهوريين في دعواهم القضائية)، بما في ذلك رخصة قيادة الولاية، أو جواز سفر الولايات المتحدة، أو بطاقة هوية ناخب ولاية كارولينا الشمالية بالصورة، أو بطاقة هوية طالب جامعي أو كلية معتمدة، أو بطاقة هوية موظف حكومي محلي أو حكومي، أو بطاقة هوية عسكرية أو قدامى المحاربين، أو بطاقة هوية لبرنامج المساعدة العامة الفيدرالي أو الحكومي مع صورة.
ولكن لا يزال بإمكان الناخبين اختيار التصويت من دون تقديم نموذج معتمد من بطاقة الهوية عن طريق ملء بطاقة اقتراع مؤقتة، ولكن يجب عليهم بعد ذلك ملء نموذج استثناء الهوية أو العودة لاحقاً إلى مكتب مجلس انتخابات المقاطعة وإظهار إثبات الهوية قبل فرز الأصوات. كما شدّدت ولاية كارولينا الشمالية القواعد حول قبول بطاقات الاقتراع بالبريد وفرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
كما حدّدت الولاية موعد وصول بطاقة الاقتراع إلى مكتب انتخابات المقاطعة في موعد أقصاه الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الانتخابات، بدلاً من النظام السابق الذي كان يسمح بإرسال البطاقة حتى نهاية يوم الانتخاب. كما سيستغرق الحصول على النتائج وقتاً أطول مما كان عليه في عام 2020، حيث تمنع القوانين الجديدة مسؤولي الانتخابات من فرز الأصوات الشخصية المبكرة حتى إغلاق صناديق الاقتراع يوم الانتخابات. وعلى الرغم من أن القانون كتبه المشرعون الجمهوريون العام الماضي، إلا أن التأخير القصير الذي تسبب فيه أثار نظريات المؤامرة بين الناخبين المحافظين خلال الانتخابات التمهيدية في مارس/آذار الماضي.
أرقام غير مشجعة لهاريس
وتعد كارولينا الشمالية ساحة معركة كبيرة في الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية بين ترامب والديمقراطية كامالا هاريس. وكان ترامب فاز بالولاية في انتخابات 2016 و2020، وكانت ساحة السباق الوحيدة التي هزم فيها ترامب الرئيس جو بايدن بأكثر من نقطة مئوية واحدة، مقارنة بولايات أخرى فاز بها بفارق أكبر من النقاط. وكان يُنظر إلى الولاية بشكل كبير على أنها ستصوت للجمهوريين كالعادة، لكن الأمر تغيّر بشكل غير عادي مع استبدال بايدن بنائبته كامالا هاريس، ويعتقد الديمقراطيون أن هذه الولاية ستساعد مرشحتهم في طريقها للوصول إلى الرئاسة. ويظهر مجموع استطلاع رأي نشرته موقع "ذا هيل" أن هاريس وترامب متعادلان بنسبة 48.3%، بينما يعطي متوسط استطلاعات الرأي في ريل كلير بوليتيكس RealClearPolitics ترامب تقدماً بأقل من نقطة واحدة على هاريس في الولاية.
تحظى هاريس بتقدم على ترامب أقل من هيلاري كلينتون في 2016 وجو بايدن في 2020
ووجّه ترامب، الذي يشكك كثيراً في التصويت بالبريد، عبر منصاته المختلفة، رسالة للناخبين في ولاية كارولينا الشمالية، داعياً إياهم للخروج والتصويت له في الانتخابات الرئاسية الأميركية مجدداً. وقال: "هل تعملون أن التصويت المبكر سيبدأ في كارولينا الشمالية؟ إنه الوقت للتفكير في بدء التصويت، في هذه الانتخابات التي ستكون الأهم في تاريخ بلادنا، ولا تهم طريقة تصويتكم، علينا إنقاذ بلادنا، ونحن الوحيدون القادرون على إنقاذها، أما المجموعة الأخرى فستدمر بلادنا، ولا يمكن أن نسمح بذلك. اخرجوا صوّتوا لترامب".
وأظهر متوسط استطلاعات الرأي على المستوى الوطني للولايات المتحدة تقدّم هاريس على ترامب بفارق 3.2 نقاط، ورأى محلّل شبكة "إم إس إن بي سي" ستيف كورناكي أنه أقل من التقدم الذي حظيت به المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في التوقيت نفسه في عام 2016، والتي كانت تتقدم بفارق خمس نقاط، وأيضاً أقل بكثير من الفارق الذي حظي به بايدن في 2020 في نفس الفترة، والذي كان يتقدم بفارق تسع نقاط. واعتبر كورناكي أن أسهل الطرق لفوز هاريس هو الفوز بالولايات التي يطلق عليها (الجدار الأزرق)، وهي ميشيغن وبنسلفانيا وويسكنسون، أما أسهل الطرق لفوز ترامب فهي قلب ولاية جورجيا التي خسرها بفارق 0.2% في 2020، والحفاظ على ولاية كارولينا الشمالية وقلب ولاية بنسلفانيا.