انسحاب بايدن يثير قلقاً في عدة ملفات: غزة وأوكرانيا وقضايا أخرى

22 يوليو 2024
بايدن على شرفة البيت الأبيض، 4 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الحرب على غزة وتأثير انسحاب بايدن**: انسحاب بايدن من السباق الرئاسي أثار قلقًا عالميًا، خاصة في إسرائيل التي تواجه عزلة متزايدة بسبب الحرب على غزة. نائبة الرئيس كامالا هاريس قد تكون البديل المحتمل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الدعم الأميركي لإسرائيل.

- **حرب أوكرانيا وتحديات الدعم العسكري**: انسحاب بايدن يثير مخاوف في أوكرانيا وأوروبا بشأن استمرار الدعم العسكري الأميركي. الرئيس الأوكراني زيلينسكي أعرب عن احترامه لقرار بايدن، بينما تعهد ترامب بإنهاء الحرب بسرعة حال انتخابه.

- **التوترات مع الصين وإيران وأوروبا**: التنافس بين بايدن وترامب حول مواجهة الصين أدى إلى تصاعد التوترات مع بكين. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وتولي مسعود بزشكيان الرئاسة يفتح فرصًا ومخاطر جديدة. قادة الاتحاد الأوروبي والناتو قلقون من تأثير انسحاب بايدن على دعم أوكرانيا.

أثار انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي مزيدا من عدم اليقين بالعالم، في وقت يواجه قادة الغرب حربين في أوكرانيا وغزة، والصين الأكثر جرأة في آسيا، وصعود اليمين المتطرف في أوروبا. وخلال حياته المهنية التي استمرت خمسة عقود في السياسة، طور بايدن علاقات شخصية واسعة النطاق مع العديد من القادة الأجانب بحيث لا يمكن تقريباً لأي من البدلاء المحتملين على البطاقة الديمقراطية أن يضاهيها. ويوضح نطاق تحديات السياسة الخارجية التي تواجه الرئيس الأميركي المقبل مدى أهمية ما يحدث في واشنطن بالنسبة لبقية دول العالم. وفي ما يلي إطلالة على بعض من هذه التحديات:

الحرب على غزة

بينما تنظر الأعين إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس كبديل محتمل لبايدن، سارع قادة الاحتلال الإسرائيلي يوم الأحد إلى فهم ما سيعنيه ترشيحها بالنسبة لهم في وقت يواجهون عزلة عالمية متزايدة بسبب الحرب على غزة. إذ نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريراً يدق في سجل دعم هاريس لإسرائيل، مشيرة إلى سمعتها باعتبارها "الشرطية السيئة" لبايدن التي وجهت اللوم إلى إسرائيل جهاراً بسبب حربها على غزة. وفي الأشهر الأخيرة، ذهبت هاريس إلى أبعد من بايدن في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وإدانة الغزو الإسرائيلي لرفح والتعبير عن الرعب إزاء عدد القتلى المدنيين في غزة.

في السياق، قال ألون بنكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك: "مع رحيل بايدن، فقدت إسرائيل ربما آخر رئيس صهيوني.. المرشح الديمقراطي الجديد سوف يقلب الديناميكية رأسا على عقب". ولم يكن دفاع بايدن القوي عن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول طارئًا، إذ إن هذا الدعم له جذوره في ما يتعلق بدعمه لإسرائيل على مدى نصف قرن، بصفته عضواً في مجلس الشيوخ، ونائباً للرئيس، ثم رئيساً.

 

إلى ذلك، شكر وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، بايدن على "دعمه الثابت لإسرائيل على مر السنين". وكتب غالانت على منصة إكس قائلاً: "إن دعمكم الثابت، لاسيما خلال الحرب، كان لا يقدر بثمن". فيما أشاد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ببايدن ووصفه بأنه "رمز لوثاق لا ينفصم بين شعبينا" و"الحليف الحقيقي للشعب اليهودي". ولم يصدر رد فعل بعد عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حليف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

حرب أوكرانيا

من المرجح أن يلتزم أي مرشح ديمقراطي بإرث بايدن المتمثل في الدعم العسكري الصارم لأوكرانيا. لكن الإحباط من إدارة بايدن تزايد في أوكرانيا وأوروبا بسبب بطء وتيرة إرسال المساعدات العسكرية الأميركية، بالإضافة للقيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية.

في هذا الصدد، قالت سودها ديفيد ويلب، مديرة "مكتب صندوق مارشال" في برلين، وهو معهد أبحاث ألماني، إن "معظم الأوروبيين يدركون أن أوكرانيا ستصبح عبئا عليهم بشكل متزايد. الجميع يحاول الاستعداد لكل النتائج المحتملة". من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على حسابه بمنصة إكس: "أحترم القرار الصعب والقوي، الذي اتخذه بايدن بالانسحاب من الحملة، أشكر بايدن على مساعدته في منع بوتين من احتلال بلادنا".

وكان ترامب قد وعد بإنهاء حرب روسيا على أوكرانيا "في يوم واحد" حال انتخابه، وهو الاحتمال الذي أثار مخاوف أوكرانيا بأنه قد يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي تحتلها الآن. أما مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس، السناتور عن ولاية أوهايو جي دي فانس، فهو أحد أشد المعارضين في الكونغرس لإرسال المساعدات الأميركية لأوكرانيا، ما زاد من المخاطر بالنسبة لكييف.

في الوقت نفسه، رفضت روسيا أهمية الانتخابات الأميركية بالنسبة للحرب، وشددت على أنه بغض النظر عما سيحدث، فإن موسكو ستواصل الضغط على أوكرانيا. ونقلت صحيفة موالية لروسيا عن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قوله: "علينا أن ننتبه. علينا أن نراقب ما سيحدث، ونفعل ما بوسعنا".

الصين

حاول بايدن وترامب خلال الأشهر الماضية أن يظهرا للناخبين من منهما يستطيع الوقوف بشكل أفضل في مواجهة القوة العسكرية المتنامية والجرأة المتزايدة لبكين، وحماية الشركات والموظفين الأميركيين من الواردات الصينية منخفضة الأسعار. ورفع بايدن الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين، ووعد ترامب بفرض رسوم جمركية نسبتها 60% على جميع المنتجات الصينية.

وأدى شعار ترامب "أميركا أولاً" إلى تفاقم التوترات مع بكين خلال فترة رئاسته. لكن الخلافات مع المنافس الجيوسياسي والعملاق الاقتصادي حول الحروب والتجارة والتكنولوجيا والأمن استمرت خلال ولاية بايدن.

وكان رد الفعل الرسمي للصين على السباق الرئاسي الأميركي "حذرا". إذ تعاملت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية مع قرار بايدن على أنه بسيط نسبيا. وقلل هو شي جين، رئيس تحرير صحيفة غلوبال تايمز الحكومية الصينية الناطقة بالإنكليزية والتابعة للحزب الشيوعي الصيني، من تأثير انسحاب بايدن. وكتب على منصة إكس قائلا: "مسألة من سيصبح المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي لا أهمية لها. سينقسم الناخبون إلى مجموعتين: ناخبو ترامب وكارهو ترامب".

إيران

مع شن إسرائيل حربها على قطاع غزة، دخلت الفصائل المسلحة التابعة لإيران المواجهة، إذ هاجمت مسيّرة تابعة للحوثيين تل أبيب للمرة الأولى الأسبوع الماضي، قبل أن تشن إسرائيل عدوانًا كبيرًا على ميناء الحديدة في اليمن قائلة إنه جاء ردًا على هجوم تل أبيب. كما أثارت التوترات المتصاعدة والهجمات المتبادلة بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي مخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة.

في السياق، اتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها إيران بتوسيع برنامجها النووي، وتخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة تصل إلى 60%، والتي تقترب من مستوى تصنيع الأسلحة. وبعد انسحاب ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي، قال بايدن إنه يريد التراجع عن موقف سلفه المتشدد المناهض لإيران. لكن إدارة بايدن أبقت على عقوبات اقتصادية صارمة بحق إيران، فيما فشلت جولات من المحادثات بشأن الاتفاق النووي.

وأدت الوفاة المفاجئة لإبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية إلى وصول إصلاحي جديد إلى منصب الرئاسة في إيران، ما ولّد فرصا ومخاطر جديدة. إذ قال الرئيس الجديد مسعود بزشكيان إنه يريد مساعدة إيران على الانفتاح على العالم، لكنه التزم بلهجة تحدي الولايات المتحدة.

أوروبا والناتو

كان العديد من قادة أوروبا سعداء برؤية ترامب يرحل بعد السنوات التي قضاها مستخفا بالاتحاد الأوروبي، ومقوضا لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ولم تنجح محاولات ترامب لتخفيف هذا الاتجاه خلال المناظرة الرئاسية الشهر الماضي في تهدئة هذه المخاوف.

قادة أوروبا يثنون على بايدن

ومن ناحية أخرى، دعم بايدن العلاقات الأميركية الوثيقة مع زعماء الاتحاد الأوروبي. وظهر هذا التقارب بقوة عقب قرار بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي. إلى ذلك، وصف رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، قرار بايدن بأنه "ربما يكون الأصعب في حياته".

وقال رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، إنه "يحترم قرار بايدن بناء على ما يعتقد أنه أمر يصب في مصلحة الشعب الأميركي". بينما أثنى رئيس الوزراء الأيرلندي، سيمون هاريس، بقوة على بايدن الذي وصفه بأنه "أميركي ذو روح أيرلندية".

يقول محللون إن مسألة قدرة الناتو في الحفاظ على زخمه في دعم أوكرانيا، والتحقق من طموحات الدول الاستبدادية الأخرى معلقة في ميزان هذه الانتخابات الرئاسية. وقال جيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إنهم لا يريدون أن يروا دونالد ترامب رئيسا. هناك قدر كبير من الارتياح، لكنّ هناك قدرا كبيرا أيضا من التوتر بشأن قرار بايدن بالانسحاب. مثل كثيرين في الولايات المتحدة، لكن ربما أكثر من ذلك، فإن الأوروبيين مرتبكون بشدة في واقع الأمر".

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)