على إثر آلاف الشكاوى التي تسلمتها الحكومة العراقية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون وغيرها من الانتهاكات الأخرى، والتي لم يعلن فيها عن أي قرار حكومي أو قضائي حتى الآن، وجهت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي انتقادات للحكومة بسبب بطء معالجة تلك القضايا.
وفي وقت سابق دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضحايا عمليات التعذيب في السجون والمراكز الأمنية إلى رفع شكاوى معززة بالأدلة، وخصص بريداً إلكترونياً لاستلام الشكاوى، فيما أعلن لاحقاً عن استلام 5 خمسة آلاف شكوى، مع استمرار ورود العشرات.
وفي السياق، أكد مسؤول حكومي أن "الكثير من الشكاوى التي وردت تتعلق بانتزاع اعترافات تحت التعذيب وتوقيعهم على اعترافات بالقوة وتحت الإكراه في مراكز التحقيق، وقضايا المخبر السري، وعن سجناء من دون تهم أساساً، وأخرى تخص الناشطين في التظاهرات ممن اتهموا بالاعتداء على المال العام".
وبيّن المسؤول، لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أن "لجاناً خاصة شكلها مستشار رئيس الوزراء لشؤون حقوق الإنسان تعمل على جرد وتبويب تلك الشكاوى".
وأشار إلى أن "الانتهاء من تلك الشكاوى يتطلب وقتاً، ولا نعرف حتى الآن الخطوات اللاحقة التي ستتخذ تجاهها"، لافتاً إلى أنه "قد يكون هناك قرار بإحالتها إلى القضاء وإعادة التحقيق بها مجدداً، وهذا هو الأرجح".
قضايا معقّدة ومتشعبة
من جانبه، أوضح النائب حسين مردان أن "قضايا حقوق الإنسان متشعبة ومعقدة دائماً، وليس من السهل إكمال إجراءاتها وتشريع قانون بشأنها".
وأضاف مردان، في تصريح أوردته صحيفة الصباح الرسمية، اليوم الأربعاء، أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومستشاره لشؤون حقوق الإنسان متفاعلان جداً في الملفات التي تحتاج إلى تحقيق مستمر".
ولفت إلى أن "جميع الملفات التي يعمل عليها في الوقت الحالي لم يعلن عنها"، مؤكداً أنه "تم تشكيل لجان مختصة تعمل بشكل صامت وسري".
وانتقد مردان "قضايا حقوق الإنسان التي تطرح في وسائل الإعلام، والتي يكتنفها الكثير من اللغط"، مبيناً أن "مستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان تسلم شكاوى تخص الاعتداء على المتظاهرين من قبل القوات الأمنية وبالعكس، وهي حلقات مرتبطة مع بعضها".
ورجح النائب أن "تشهد الأيام المقبلة ظهور الكثير من التفاصيل التي تخص عمل اللجنة".
وعود
في المقابل، لم يخف ناشطون بقضايا حقوق الإنسان مخاوفهم من تسويف تلك الملفات، ومحاولة كسب الوقت فقط من قبل الحكومة.
وقال الناشط بشار المياحي، لـ"العربي الجديد"، إن "الملف لم يخرج حتى الآن من دائرة الوعود الحكومية، والتي مللنا منها. السوداني وعد بمعالجة تلك الملفات، لكننا لم نلمس أي معالجات حتى وإن كانت جزئية".
وأكد المياحي أن "العمل بهذه الملفات لا يخلو من المداخلات السياسية، إذ إن الكثير من الأطراف السياسية المتنفذة لا تقبل بالتحقيق بتلك الملفات، ونخشى من تأثيرها"، مطالباً بـ"إشراك منظمات حقوق الإنسان المدنية والمنظمات الحقوقية، ولجنة حقوق الإنسان البرلمانية لمتابعة تلك الملفات، حتى لا يكون هناك تسويف ومماطلة".
وملف انتهاكات حقوق الإنسان في العراق من الملفات الكبيرة ومتراكمة منذ الحكومات المتتابعة على البلاد بعد عام 2003، إذ إنها ذات طبيعة سياسية وانتقامية أحياناً، وقد زجّ الآلاف في السجون بدواعٍ سياسية، والكثير منهم لم توجه لهم أي تهم، لذا فإن الملف شائك ومعقد، بحسب ما يؤكده مسؤولون نواب في البرلمان الذين استبعدوا قدرة رئيس الوزراء على حسمه.